.......عن الحبش
قبل أن تقرأ
الحب في الدنيا بعض تخيلنا، لو لم نجده فيها لاخترعناه
" نزار قباني"
القصة كما ترويها هي:
الرجل هذا كائن مادي تماماً، حتى حينما يحب! والقليل من الرجال يمتلأ قلبها حباً لامرأة ما، فهو كثيراً ما يتعلق قلبه بأشياء أخرى بعيدة تماماً عن المشاعر والروحانيات، وربما تتعلق أكثر بالجسد فكل لحظات الحب الصافية الجميلة يحولها للحظات جسدية محدودة..فالحب عنده يعنى الجنس...! وأتحدث بقلب مفتوح أكثر وأقول أن الرجل حينما يفكر في المرأة التي يحبها هو فتفكيره تلقائياً يتحول نحو جسدها، ويبدأ يفكر في مطارحتها الغرام في الفراش تعبيراً عن حبه وترجمة له، وكأن الحب لا يعنى أي شيء بالنسبة له سوى هذا !
كيف يمكن أن تترجم أسمى المشاعر الإنسانية لهذه النظرة الضيقة للأمور؟
فأنا حينما أحب أتطلع لكلمة حلوة أو نظرة حانية أو لمسة رقيقة، أتطلع لمزيد من الحنان والرعاية والاهتمام، في حين يتطلع له لكل ما هو مادي وجالب لمتعته الجسدية !
والأمر الآخر المثير لاستفزازي أكثر هو انه حينما يحلو له النقاش أو التحاور في أمر ما، تجد حديثه يدور حول أربعة أمور أساسية: الطعام -الجنس- السيارات-الرياضة. وكلها أمور مادية محدودة تقيد الإنسان بقيود خانقة.
والحقيقة أن الرجل لا يفكر بصورة مختلفة حول الأمور الأساسية في الحياة كما ذكرت بل أنه يتعجب ويندهش حين يجد امرأته تفكر حول نفس الموضوع بصورة مختلفة بل ومناقضة أيضاً. فغروره لا يتحمل أن يجد وجهة نظر مخالفة في نفس الموضوع .
على الرجل أن يدرك أنه لن يحصل على ما يريد من المرأة إلا بالحب، ولن يحصل أبداً على هذا الحب إلا إذا قدم هو أيضاً المقابل، وهو الحب أيضاً.
فالمرأة لا تستطيع أن تعيش بدون الحب، في حين يستطيع هو أن يفعل!
فالحب أهم ما في حياة المرأة، والجنس أهم ما في حياة الرجل.
القصة كما يرويها هو:
المرأة هذه كائن غير واضح وغير صريح! ويصيبني بالدهشة الشديدة، فهي تريد كل شيء أو لا شيء على الإطلاق، مبدأ عجيب ومثير للأعصاب !
تقول إنها تحبك، ولا تستطيع أن ترفض لك طلباً ثم تري أن تعبر لك عن حبها بالصورة التي تراها هي وليس بالصورة التي أراها أنا...وهذا طبعاً أمر غير مقبول، فحين تقدم لشخص هدية مثلاً تبحث عن الهدية التي ترضى ذوق من تهاديه وتتماشى مع شخصيته، وليس ما يتماشى مع شخصيتك أنت.
وهذا ما تريده المرأة تعبير لفظي محدود عن المشاعر والحب، وليس كما انظر أنا للأمر بنظرة شاملة أكثر وضوحاً وصراحة. فالجنس هو العلاقة الأكثر شمولاً ووضوحاً بين الرجل والمرأة، والعلاقة الأكثر تحرراً وأكثر تعبيراً عن كل ما يحمله قلب احدهما للآخر..
والأعجب أن المرأة نفسها كثيراً ما تتبنى التعبير الجسدي عن الحب من خلال الجنس ولكنها لا تعبر عن هذا أبداً، وأنا لا أدري تحديداً ما هي مشكلة المرأة في التعبير الصريح الواضح، فهذا شيء أساسي للحياة ولن تستقيم الحياة بدونه! وأنا أفضل اقصر الطرق وأوضحها في حين تلجأ هي لحيل غير واضحة وغير مباشرة للتعبير عن رغبتها هذه.
وأنا لا أعتقد أن الفطرة هنا لها دخل في الأمر، لأن المرأة تتعدى عدم التعبير عن رغبتها إلى جانب آخر أكثر تطرفاً ينفى هذه الرغبة تماماً، وكأنني وحدي جبلت على الميل نحو الجنس الآخر، وهذا غير صحيح.
والمرأة تتصور أنني لن أحبها إلا بطريقتها هي، في حين أنني يمكنني أن أموت عشقاً من أجلها بطريقتي أنا، وعليها أن تعرف أن الرجل لابد أن يختلف عنها في التعبير والرغبة وإلا لن يكمل كل منا الآخر، وعليها أيضاً أن تعترف برغباتها الحقيقية لأن هذا ليس عيباً ولا حراماُ وإلا ما فعلته أنا.
تمت بحمد الله