حينما حملني الأستاذ أحمد فون دنفر بسيارته إلى مقر عمله لإجراء حوار معه كأحد وجوه المسلمين في ألمانيا، وحينما فوجئت به يفتح باب المكتب بنفسه، لم أكن أتخيل حتى تلك اللحظة أنه يفتح مقر رئيسي لإحدى هيئات إغاثة المسلمين والتي تعمل منذ ما يربو على عشرين عام، وعندما وصل اثنان آخران إلى المكتب لم أكن أتخيل أيضا أن هذا العدد القليل هو الذي يدير عملا إغاثيا يمتد إلى ما يقرب من أربعين دولة في العالم من مكتب ليس إلا شقة صغيرة في أحد أحياء ميونخ.. لكن العجب زال حينما تعرفت أكثر على الهيئة وطريقتها في إدارة عملها الذي بلغت ميزانيته في العام الماضي (عام 2005) 1.8 مليون يورو.. فدعونا نتعرف سويا على الهيئة وطريقتها.
عندما تحركت ضمائر المسلمون الألمان
خلال منتصف الثمانينيات من القرن العشرين كان الجفاف يضرب بلدانا عديدة من قارة أفريقيا، وهو ما دعا عددا من المؤسسات الإغاثية الإسلامية والقليلة في تلك الفترة للتحرك لإغاثة إخوانهم من المسلمين المضارين في تلك البلدان، لكن حالة الجفاف تلك دعت عددا من المسلمين الناطقين بالألمانية والمجتمعين في الفترة من 1 إلى 3 فبراير عام 1985 في المؤتمر الرابع والعشرون للمسلمين الناطقين بالألمانية (Treffen Deutschsprachiger Muslime TDM) والمنعقد في آخن بألمانيا الغربية حينئذ إلى اتخاذ قرار بتأسيس هيئة إغاثية إسلامية جديدة باسم عون المسلمين أو Muslimehelfen وفي الخامس من أبريل من نفس العام أعلن رسميا عن تأسيس الهيئة، والتي قامت بإرسال مواد للإعاشة وأدوية وكراسي متحركة وعربات إسعاف إلى تلك المناطق وخلال الـ 21 عام التالية استمر عمل الهيئة مستجيبا لكل الحالات التي تستوجب الإغاثة.
مسيرة 21 عام من العمل
- ففي عام 1986 تسلمت الهيئة مساعدة من هيئة عون المسلمين البريطانية التي أسسها يوسف إسلام وأرسلتها إلى أفغانستان التي كانت تعاني ويلات الاحتلال السوفيتي، وإلى أثيوبيا التي كانت لا تزال تعاني من المجاعة.
- وخلال عام 1987 أرسلت أغطية وأدوية إلى لاجئي أفغانستان، وإلى مسلمي أوغندا وكينيا.
- وخلال عام 1988 أرسلت المساعدات إلى لاجئي أوغندا في كينيا، وإلى فلسطين، وبنجلاديش والسودان.
- وفي عام 1989 تم فتح بعض المكاتب الصغيرة للهيئة، كما تم إصدار نشرة باسمها، وتم إرسال عدد من كراسي المعاقين إلى أفغانستان، وتم إرسال مساعدات إلى المتضررين من المجاعة في أثيوبيا والسودان والمتضررين من زلزال إيران، وتم تأسيس مشروع زراعي في سيراليون، وإرسال أجهزة طبية إلى بعض العيادات في فلسطين، كما تم إرسال مساعدات إلى بنجلاديش.
- وفي عام 1990 تم إرسال 45 كرسي معاقين لأفغانستان، ثم تم إغلاق المشروع، كما تم إرسال مساعدات إلى فلسطين، وإلى الفارين من الغزو العراقي للكويت في الأردن.
- وفي عام 1991 تم إرسال وسائل للإعاشة إلى ألبانيا، ومساعدات طبية إلى فلسطين، وأجهزة طبية وأدوية إلى أفغانستان.
- وفي عام 1992 تم إرسال وسائل إعاشة وأجهزة طبية إلى تنزانيا، كما تم إرسال أغطية وملابس ووسائل إعاشة إلى جنوب أفريقيا، كما تم البدء في مشروع مساعدة البوسنة وتم قتح مكتب صغير لذلك.
- وفي عام 1993 تم توسيع المساعدات إلى البوسنة بمعاونة هيئة عون المسلمين البريطانية، حيث تم عمل صندوق للعمل الشتوي، وتم توزيع 1000 عبوة غذائية في توزلا بوسط البوسنة، كما تم توزيع أجهزة طبية وأدوية، كما تم إرسال أجهزة طبية إلى فلسطين، وملابس وأدوية إلى سيراليون، كما تم إرسال معونات إلى اللاجئين في السودان، والطلاب الأفارقة في روسيا، كما تم إصدار النشرة الخاصة بالهيئة باللغتين الألمانية والتركية.
- وفي عام 1994 تم إرسال 50 طن من وسائل الإعاشة إلى البوسنة كما تم إرسال أدوية وعربات إسعاف و12 ألف عبوة من الأغذية، كما تم إرسال معونات إلى كرواتيا، وفلسطين، وتم افتتاح عيادة أمومة وطفولة في جلال أباد بأفغانستان.
- وفي عام 1995 تم إرسال أدوية ومساعدات غذائية إلى البوسنة، كما تم إرسال قوافل طبية إلى ضحايا الحرب في الشيشان.
- وفي عام 1996 استمرت مساعدات البوسنة واللاجئين في روسيا، كما تم إرسال سيارات شحن إلى السنغال، وملابس للأطفال في السودان.
- وفي عام 1997 تم دعم مركز الأمومة في جلال أباد بأفغانستان، وإرسال أجهزة طبية إلى مستشفى جامعي بتوجو، ومستشفى للأطفال في الإسكندرية ومستشفى في كوسوفو، كما تم إرسال ملابس وأحذية إلى كشمير، وتوسيع العمل في فلسطين.
- وفي عام 1998 تم إرسال مساعدات طبية إلى كل من الفلبين، وكوسوفو، وأفغانستان وفلسطين والسنغال وأوغندا وغانا وبوركينا فاسو.
- وفي عام 1999 تم تقوية العمل في كوسوفو وإرسال 12 ألف عبوة غذائية للاجئي كوسوفو في كوكس بشمال ألبانيا، كما تم إرسال 400 كجم من الأدوية والأجهزة الطبية إلى المتضررين من زلزال تركيا، كما تم إرسال مساعدات إلى اللاجئين الشيشانيين في جورجيا، وإلى الفقراء في جاكرتا بإندونيسيا، وإلى أطفال لبنان، وإلى فلسطين ورواندا وسريلانكا، كما تم إرسال ملابس وأغذية إلى أوغندا.
- وفي عام 2000 تعرض شرق أفريقيا لكارثة الجفاف مرة أخرى فتم افتتاح محطة لتغية الأم والطفال في أثيوبيا، وتم افتتاح محطات للمساعدة وإرسال أغذية لكينيا، وفي رمضان تم توزيع 550 طن أغذية، وتم إرسال مساعدات غذائية إلى أفغانستان.
- وفي عام 2001 تم إرسال مساعدات إلى لاجئي الشيشان في جورجيا، وأجهزة طبية إلى باكو بأذربيجان، ومساعدات للأمهات والرضع في الشيشان، وإرسال أغذية لضحايا زلزال جوجارات بالهند، وتم افتتاح مركز طبي في أوكرانيا.
- وفي عام 2002 تم إرسال بطاطين إلى 1300 عائلة في أفغانستان إضافة إلى أدوية إلى 17 ألف شخص، وتم إرسال حقائب غذائية رمضانية إلى كينيا وإندونيسيا وفلسطين والشيشان ومقدونيا وأوغندا وتركيا والصومال.
- وفي عام 2003 تم إرسال مساعدات إلى شمال أفريقيا، وإرسال أغذية وأدوية إلى قرى سيراليون، وإلى السودان، كما تم إرسال سيارات إسعاف وعربات للمرضى في الشيشان.
- وفي عام 2004 تم إرسال مساعدات إلى ضحايا زلزال بم في إيران شملت 130 غطاء، و1350 من العبوات الغذائية، كما تم إعادة افتتاح مستشفى مدينة جاريز ببكتيا بأفغانستان، كما تم دعم عيادة في كل من فلسطين ونيروبي بكينيا بأدوية، وفي البوسنة تم التبرع بـ 20 بقرة حلوب، وتم افتتاح محطات مساعدة في كينيا، كما تم إرسال مساعدات إلى ضحايا زلزال وفيضانات بجنوب شرق آسيا.
- وفي عام 2005 تم إرسال مساعدات إلى ضحايا تسونامي، وضحايا فيضان كيرالا بالهند، كما تم إنشاء بيت للنساء في كينيا، وإرسال عربات إسعاف وأغذية إلى إقليم آتشيه بإندونيسيا.
2006..لبنان وأشياء أخرى
حول الوضع في لبنان وأعمال الإغاثة التي قدمتها الهيئة خلال عام 2006 سألنا الأستاذ أحمد فون دنفر والذي أوضح أنه كرد فعل سريع لما حدث في لبنان توجهت الهيئة إلى سوريا لتقديم المساعدة إلى اللاجئين اللبنانيين هناك بمساعدة إحدى الجمعيات الخيرية المحلية، وأن هناك مشاريع أخرى في الطريق، أما عن أعمالهم خلال عام 2006 يقول:
- استجابة للوضع المأساوي في غزة والذي سبق ما حدث في لبنان فعن طريق شريكنا المحلي في غزة (مؤسسة الهدى للتنمية) فقد اتفقنا على توزيع أغطية وأغذية لهؤلاء الذين تشردوا نتيجة الغزو الإسرائيلي لشمال غزة وبلغ إجمالي المستفيدين 500 أسرة، ثم تكرر الأمر مع 800 أسرة أخرى.
- وخلال عام 2006 أيضا تم توزيع وجبة إفطار على 4000 من طلاب المدارس الابتدائية والروضة لمدة 4 أشهر.
- ففي إندونيسيا تم إقامة موقعين طبيين ومطبخين لإغاثة ضحايا الزلزال في منطقة يوجياكارتا، كما تم توفير مسكن مؤقت لـ 200 أسرة كما تم توفير عربة إسعاف لتقديم الخدمة الطبية المجانية لبعض فقراء العاصمة الإندونيسية جاكرتا، وتوفير طعام وملابس ودفع مصاريف المدارس لـ 24 طفل يتيم في جاروت وذلك بالتعاون شريكنا المحلية (مؤسسة لازيس).
- وفي باكستان تم توفير عيادة طبية متنقلة مزودة بفريق طبي لتوفير الخدمة الطبية المجانية في منطقة الزلزال بمنطقة بالاكوت كما تم توفير ألواح حديدية للسكان لإعادة بناء المنازل المهدمة.
- وفي سريلانكا تم توفير عيادة متنقلة مزودة بفريق طبي لتقديم الخدمة الطبية المجانية لضحايا تسونامي في مناطقهم، وسوف يتم افتتاح ملجأ للطفلات اليتيمات بعد إعادة بنائه يوم 28 أغسطس الجاري.
- وفي كينيا تم تأسيس مشروعين لتقديم الطعام والماء لضحايا الجفاف في منطقة الواك، كما تم تقديم طعام وفيتامينات لـ 2720 طفل في 25 قرية بمنطقة نهر تانا، كما تم إقامة قافلة طبية للعيون في منطقة ماسالاني بشمال شرق كينيا قامت بالكشف على 1800 حالة، وقامت بتوزيع أدوية على 600 حالة، ونظارات طبية لـ 220 حالة، وإجراء 70 عملية جراحية.
- وفي بوروندي تم توفير طعام ودفع مصاريف المدارس وتوفير تدريب حرفي لعدد من أيتام الإيدز.
مبادئ عمل مختلفة
حينما سألت الأستاذ أحمد فون دنفر لماذا لا تتجه الهيئة للتعامل مع مشكلات الأحياء الفقيرة للمهاجرين العرب والمسلمين في بلدان أوروبا، قال إننا نؤمن بشدة بمبدأ التخصص، وتخصصنا الأساسي هو تقديم المساعدات العاجلة الإغاثية، والتعامل مع تلك المشكلات الاجتماعية يمكن أن يكون تخصص هيئات أخرى، إذا فـ"عون المسلمين" هي هيئة تعمل فقط في مجال الإغاثة في أوقات الحروب والكوارث، حيث تقدم المساعدات الغذائية والطبية ووسائل الإعاشة العاجلة، وهي تعتمد في أسلوب عملها على جمعيات أو منظمات أهلية محلية في البلد الذي تعمل به، ولا تلجأ إلى فتح مكاتب إلا بشكل مؤقت بحيث تكون مكاتب صغيرة، ومن ثم لا يتجاوز عدد العاملين إجمالا في الهيئة عشرة أفراد، ومن ثم فإن دورها الأساسي يأتي في التخطيط للمشاريع والأعمال الإغاثية ومتابعة الجمعيات المحلية في التنفيذ.
و"عون المسلمين" هي هيئة مستقلة عن الحكومة والأحزاب الألمانية، ولا تتورط في دعم أي أعمال مسلحة، كما أنها تعتمد مبدأ العمومية والشفافية في جميع أعمالها، وتعتمد في تمويلها على الزكاة والصدقات والأضاحي إضافة إلى الأوقاف، ويشرف على أعمال الهيئة مجلس إدارة من المسلمين الناطقين بالألمانية يجتمعون مرتين سنويا، ويساعدون في البحث عن سبل لتمويل مشاريع الهيئة.
(عرض موجز للورقة في نشرة إسلام 21 العدد 31 ديسمبر 2001)
اقرأ أيضاً على مجانين:
إحياء طوائف الحرف.. واجب بلا صاحب / فتح الله كولن..حركة عالمية لخير الإنسانية