الفصام: الأسباب المرسبة (2)
سوف نلجأ في دراسة أنواع الفصام إلى محاولة تتبع العملية الفصامية منذ بدايتها، وبالتالي فسنتدرج بالأنواع -على قدر المستطاع- من الحالات المبتدئة حتى لتكاد تكون مجرد إنذارات محذرة، إلى الحالات المتدهورة تماماً.....، وإن كان هذا المسار صعب في تمييز مراحله بالنسبة لسرعة تطور بعض الحالات.
1- الفصام المبدئي (ورمزه في الدليل المصري صفر 7 / 1) ويتميز هذا النوع ببداية مفاجئة حيث يحدث صدع في نمط الحياة المستقر المنتظم السائد حتى سن المراهقة أو بداية اليفوع، ويلعن هذا الصدع بظهور تحور في الإدراك الذي يتبعه تغير مفاجئ في مفاهيم المريض حول نفسه وحول جسده وحول العالم من حوله، ويصحب ذلك رعب غير مفهوم الأسباب وأحلام مزعجة وربكة وأرق وقد يصحبه تذبذب في العواطف وانتقالها من الاكتئاب إلى المرح دون مبرر ظاهر، ويتفاعل المريض لأحدث عابرة تفاعلاً مبالغاً فيه ومصحوباً أحياناً بسوء التأويل؛
كما يعانى المريض بشكل خاص من أعراض تغير إدراك الذات وإدراك العالم من حوله، ويلاحظ المريض أنه قد تغير كما يلاحظ من حوله من معارف وأصدقاء أنه قد تغير عن ذي قبل وإن كانوا لا يستطيعون تحديد ماهية التغيير بشكل تنظيم الشخصية على وضع فصامي مزمن واضح.
ويلاحظ في تاريخ هذه الحالات أنها قد عانت في طفولتها من صعوبات في التكيف الاجتماعي وفشل في إقامة علاقات متكافئة (غير اعتمادية)، كما أنه إذا وجد تاريخ فصامي في العائلة فإن هذا التشخيص يكون أرجح. وفي أغلب الأحوال يبدأ هذا النوع بداية نشطة مثلما ذكرنا، إلا أنه في بعض الحالات يبدأ هذا النوع قرب سن العشرين بتغير طفيف تدريجي متصاعد، يتصف فيه المريض بتزايد الانزواء والشك والمخاوف حتى أن البعض اقترح أن يكون هذا النوع له اسم خاص مثل الفصام المبتدئ المتدرج insidious Incipient Schizophrenia (بالمقارنة بالنوع الأصلي الذي يمكن أن يسمى الفصام المبتدئ النشط) Acute Incipient Schizophrenia وعادة ما ينتهي هذا النوع إلى الفصام البسيط.
على أن هذا النوع يمثل إشكالاً تشخيصياً وعلاجياً حاداً في ممارسة الطب النفسي للأسباب التالية:
1- رغم أن هذا النوع يدرج تحت تشخيص الفصام إلا إنه لا يحوي أعراض الفصام الصريحة السابق ذكرها.
2- أن تتبع هذه الحالات لا ينتهي عادة إلى الفصام الصريح لأسباب عديدة منها التدخل العلاجي المبكر المكثف والسريع أو لتغيير الظروف بشكل يؤدى إلى الشفاء.
3- أن نفس الأعراض إذا ظهرت في سن متأخرة نوعاً فإنها عادة ما تعلن بداية اكتئاب دوري من نوع الهوس والاكتئاب (طور الاكتئاب).
4- أن أعراضاً مشابهة قد تصاحب أزمات المراهقة، وبصفة عامة أزمات النضج، وإرهاصات الإبداع الفني وأن ما يحكم على كل من هذه التنويعات هو مسار الأزمة ونهايتها، فإن كانت النتيجة إلى وجود أفضل عُدت أزمة نمو وتطور, وإن تركت آثاراً وندوباً دائمة في الشخصية فإنها قد تنتهي إلى اضطراب في الشخصية أو فصام صريح.
5- أن بعض اضطرابات الشخصية مثل الشخصية غير الناضجة قد تظهر أعراضاً مشابهة إلا أنها تبدأ من سن مبكرة تماماً، ولا يسبق ظهور الأعراض استقرار أو انتظام.
6- أن بعض أنواع الفصام المشابهة قد تختلط بهذا التشخيص مثل الفصام الكامن latent schizophrenia وهو يعنى توقع حدوث الفصام من خلال مظاهر غير فصامية وغير نموذجية.... ويستنتج وجوده من هذه اللانموذجية Atypicality ومن التاريخ العائلي الإيجابي مثلاً....
ومثل الفصام شبه العصابي Pseudoneurotic Schizophrenia الذي لا يعنى مجرد تواجد أعراض فصامية مع أعراض عصابية ولكنها تعنى شذوذ الأعراض العصابية عن المعتاد، كما يصاحب هذه الأعراض صعوبة في عمل علاقة مع المريض وكذلك يؤكد هذا الشك عدم استجابة المريض لعلاجات العصاب المعروفة.... وبالتدقيق قد تظهر درجة من اضطراب عملية التفكير من النوع الفصامي...
وهذا النوع لا يعلن بداية العملية الفصامية بداية صريحة مثل العصابية المبتدئ بل هو يعلن اقتراب العملية ومحاولة ضبطها بالدفاعات العصابية دون جدوى، ولنا أن نتوقع إذا ظهر الفصام المبتدئ النشط في حالة فصام كامن أو فصام شبه عصابي... وبعد كل هذه التحفظات والاعتراضات فهل يحق لنا أن نسمى مجموعة هذه الأعراض بالفصام.....؟ ويختلف الباحثون في ذلك...
على أننا نود أن نشير إلى أن إدراج زملة الأعراض هذه التي أسميناها الفصام المبتدئ تحت تصنيف الفصام لها فائدة أكيدة وهي: التدخل المباشر والسريع للحيلولة دون تطور هذه الأعراض إلى الفصام الصريح باعتبار أن هذا المصير هو أخطر ما يمكن أن تتطور إليه ولتأكيد الدور الإيجابي والوقائي للطبيب النفسي.
حالة أ. ش. "شاب في العشرين من عمره في الثانوية العامة للسنة الثالثة، لم يدخل الامتحان في العامين الماضيين وجاء هذا العام يطلب النصيحة مع والدته، وقد دل تاريخه الشخصي أنه من أنبغ أقرانه، فقد حصل في قبول الإعدادي على 98.5% وفي الإعدادية على 96% وكان أول فصله وكان في فصول المتفوقين في السنة الأولى والثانية الثانوية، وقد أمضى إجازة صيف السنة الثانية في انشغال شديد على السنة القادمة وبعد بداية الدراسة بأسبوعين تشاجر مع زميل له بشأن أيهما يجلس في المقعد الأمامي وقد نصر زملاءه زميله عليه، فنزل في الفسحة، وأسند ظهره إلى الحائط وحيداً وزملاؤه يتحدثون سوياً.. ويجرون ويلعبون.. والحياة تصخب وأثناء ارتكانه للحائط وتطلعه لهذا الجري والحياة تصخب من حوله يقول:
... حسيت إن فيه حاجة طارت من مخي زي ما يكون فضي مرة واحدة وكنت حاقع على ظهري لولا كنت ساند على الحيطة، ومن يومها وأنا مش على بعضي، حسيت إني اتغيرت تماما، التغيير كان في الأول جامد، كنت زي ما يكون نفسي اتغيرت عن نفسيتي، زي ما أكون مش متعود على نفسي، حتى الشوارع وأنا مروح زي ما أكون كنت بامشي فيها لأول مرة، ورجعت أشوف ماما وبابا بقيت أقول هو أنا شفتهم قبل كده؟ بقيت أغمض عيني وأفتحهم عشان أتأكد إنهم هما.. وقعدت مخضوض كده كام أسبوع.. وطبعاً طعم كل حاجة اتغير ما عنتش أحس بالعواطف ولا حب ماما لي مع إنها زادت في العناية بي وقعدت أسأل هوا أنا كنت بافرح زمان وبازعل زي الناس، ولا دا كان إيه، ما عنتش باهتم، وبعدين المذاكرة وقفت خالص، قعدت شهرين أذاكر بالعافية اللي كنت اعمله في ساعة أعمله في ست ساعات، وبعدين ما فيش خالص لما قرب الامتحان، ومن يومها، وأنا في النازل زي ما يكون حاجة راحت مني، قعدت مدرووش حبه وبعدين الحكاية هديت بس خلاص اللي كان كان ..".
وهكذا نرى البداية الفجائية النموذجية للمرض ويغلب عليها الربكة وتغير إدراك الذات والعالم من حوله، ثم التوقف الدراسي وتغير المشاعر، ثم الآثار الدائمة لهذه الخبرة، وكل ذلك حدث لشاب متفوق مستقر منتظم، والذي رسبه حادث رمزي قد يشير إلى أن زميله انتصر عليه بمساعدة آخرين (المجتمع) في الحصول على المقعد الأمامي وبالتالي فإنه استغله وكأن كيانه المتفوق قد اهتز (وهو مكافئ لحياته وأن وحدته ومذاكرته لم تنفعه بدون ناس).
2- الفصام الانفعالي (ورمزه في الدليل المصري صفر 7 / 2) ويتميز هذا النوع بوجود مزيج من أعراض الفصام وأعراض الهوس أو الاكتئاب الصريحة والمستمرة إلى درجة ما، بمعنى أنه لا يعنى مجرد تذبذب العواطف بين فترات الهوس والاكتئاب وإنما وجود هذه الأعراض كجزء لا يتجزأ من زملة الأعراض.
هذا، وقد يوجد تاريخ عائلي إيجابي لكل من الفصام وأمراض الهوس والاكتئاب. ويمكن تقسيم هذا النوع إلى ثلاثة أقسام حسب الأعراض الغالبة:
(أ) الفصام الانفعالي الاكتئابي.
(ب) الفصام الانفعالي الهوسي.
(ج) الفصام الانفعالي المختلط.
حالة: إ. م "على طالبة في السنة الأولى بإحدى كليات الجامعة عمرها 21 سنة تأخرت سنة واحدة في الثانوية العامة لسبب غير واضح جاءت تشكو من أنها..... متضايقة ومش عايزه أروح الكلية.. لأن فيه حاجة حصلت في مخي.. زي ما يكون الأفكار اتلخبطت على بعضها، زي ما يكون مخي ساح وأصل... الواحد يعني.. ما عدتش العيشة نافعة... وأجهشت في بكاء حاد... وكان من بين شكوى أمها أنها قبل أسابيع أخذت تنطوي على نفسها وتشترى كتباً غريبة عن التصوف والجنس في نفس الوقت، وأنها خافت أن تصبح مثل أبنة عمتها فأحضرتها مبكراً بعد أن لاحظت أنها تضحك في المرآة ضحكة غريبة".
وبالفحص تبين أن: أعراض اضطراب الفكر شديدة فكانت تخرج من موضوع إلى موضوع بعد صمت ذاهل أحياناً.. وكان شعورها بعدم الجدوى، وأحيانا بالذنب يهيئ لها أفكاراً انتحارية حادة. وهكذا نجد الخليط بين الأعراض الفصامية الاكتئابية بشكل ظاهر وأن الاكتئاب مستمر وليس متذبذاً رغم وجود الأعراض الفصامية الصريحة.
3- الفصام البارنوي [2] (الفصام الضلالي) (ورمزه في الدليل المصري صفر 7 / 3) ويتميز هذا النوع بوجود ضلالات بشكل ظاهر يصاحبها عادة هلاوس.. مع الأعراض الفصامية الناتجة من اضطراب عملية التفكير ذاتها وانسحاب العواطف، وقد تكون الضلالات من أي نوع إلا أنه كثيراً ما يغلب عليها ضلالات الاضطهاد أو العظمة، وقد يصاحبها ميل مرضي إلى فرط التدين، وقد يتخذ المريض موقف العدوان وتتفق أغلب تصرفاته مع محتويات ضلالاته، ولا تتدهور شخصية المريض بشكل واضح مثلما يحدث في الفصام الهيبفريني مثلاً..
وينبغي التأكد هنا بأن مجرد وجود الضلالات والهلاوس لا تكفي لتشخيص الفصام من هذا النوع ولا بد من وجود مظاهر اضطراب عملية التفكير (شكل الفكر) ومظاهر فصامية أخرى مثل تباين العواطف..، وقد يبدأ هذا النوع بظهور ضلالات أولية (راجع أعراض الفصام) ثم يتطور المرض حثيثاً بلا رجعة، وقد تكون شخصية المريض قبل المرض من النوع النوابي وليس الشيزويدي بوجه خاص كما هو الحال في سائر أنواع الفصام، كما قد يكون تكونيه الجسمي من النوع البدين، ورغم تماسك الضلالات نسبياً فإنه بالفحص العميق يبدو عدم تماسكها.
حالة: السيد ع.... "جندي بوليس عمره 35 سنة جاء عن طريق البوليس، لا يشكو من شيء...، وقال مرافقه أنه يقول كلاماً غريباً ويستعلى على رؤسائه وينظر نظرات عظمة وتكبر ورفض المريض الكلام مدة طويلة.. ثم طلب مقابلة شخصية على انفراد.. ولما تم له ما أراد أخرج نوتة من جيبه مكونه من ثمانين صفحة بها دستور مرتب... ونظام دولة متكامل وقد بدأها بأنه حاكم العالمين رسول الله.. وأنه قسم العالم إلى القطاع الجنوبي العربي ويحكمه جمال عبد الناصر ومركزه القاهرة والقطاع الشمالي العربي ويحكمه فاروق فؤاد ومركزه روما... وكل من القطاعين يأتمران بأمره مع المؤمنين وضد الكفار.
ثم أصدر بعد ذلك قوانين ومذكرات تفسيرية متتالية وكان يوجهها... إلى المراقبة العامة الإسلامية بأنحاء العالم... ولم يختلف هذا النداء في كل قوانينه.. ووضع بعد ذلك قائمة بأسماء حكام العالم وأصدر أمره... إلى الجنود عامة بأنه إذا شطبت على اسم من هذه الأسماء فإنه يشطب بأمري من الدنيا..."
وهكذا نرى أنه بالتسليم بالفكرة الأولى تتسلسل الأفكار مرتبة ولكنها ليست منطقية، وبتتبع الدستور نجد أنه مشوش ومضطرب رغم تناسقه الظاهري.. وباختبار تفكيره ذاته وجد أنه غامض ومفكك وأن كلامه غير مرتبط كما أن عواطفه لم تتفق مع هذه الأفكار أو حتى مع ما يحكى من أفكار عادية.
4- الفصام المزمن غير المتميز (ورمزه الدليل المصري صفر 7 / 7 )، وهذا النوع هو مرحلة وسطى بين الفصام البارنوي الذي سبق شرحه للتو، والفصام الهيبفريني الذي سيرد ذكره، وكنا نود أن نذكره بعد ذكر الفصام الهيبفريني إلا أن تسلسل التدرج أوجب وضعه في موضعه، وهنا نجد خليطا من الضلالات والهلاوس وهي من ناحية أقل في تماسكها وانتظامها وشحنتها الانفعالية من الفصام البارنوي...... ولكنها أكثر تماسكاً مما يوجد في الفصام الهيبفريني (الخامل) إن وجد.. وهذا النوع يدل على أن عملية الفصام رغم إزمانها لم تستقر على تميز نوعي محدد، وكأن كل أعراض الأنواع الأخرى تتواجد بعضها مع البعض بنسب متقاربة، وهو نوع شائع وخاصة بعد العلاجات الحديثة التي تمنع التدهور الهيبفريني بشكل أو بآخر وسوف نورد هنا حالة بدأت في التفكك السريع نسبياً فتخطت مرحلة الفصام المبتدئ ولم تتميز إلى الفصام البارنوي، كما لم يصل تفككها إلى الفصام الهيبفريني بعد.
حالة: السيد..ت "عمره 25 سنة يعمل مخرجاً في مسرح للعرائس جاء يشكو من أعراض متنوعة، وكان ينتقل من شكوى إلى شكوى بسرعة وبساطة ثم يسكت دون سبب ظاهر.. وكان من شكواه بنص كلامه.. يا ريت الناس تلبس نظارات عشان ما شوفشي عينهم مش قادر أواجههم.. ضحكتي صفرا.... تطفش الناس مني مش حاسس بيها.. منطوي على نفسي ما أحبش حد يقاطعني في الكلام ثم يقوم ما عنتش قادر أعرف شكلي.. يعنى مش قادر أتعرف على نفسي الكلام بتاعي زي ما يكون فيه موجتين موجة بتكلم سيادتك وموجة في حته تانية.. زي توأمين.. دفنت أخويا ومانزلتش دمعه من عيني.
أول ما ابتدأ المرض من ست شهور كنت باعيط والدي دخل هبدني قلم ومن يومها ما عنتش باعيط تاني وبعدين الصفارة اللي في ودانى.. أما أكون قاعد لوحدي عايز أشوف والدتي أقدر أشوفها وأعيش معاها دقيقة... دقيقتين زي ما أنا عايز، وبعدين الضحكة الصفراء اللي بحاول أجامل بيها الناس، والمزاح اللي في ذهني ومش قادر أطلعه.. أجيب نهاية الكلام قبل بدايته... أبص لصورتي تلتميت مرة في المراية عشان أحفظها.. مش عارف أحفظ شكلي إيه...".
وهكذا يغلب على هذه الحالة أعراض الانشقاق والتباين وعدم الترابط... كما يظهر فيها الضحك الفاتر، وكذا ظاهرة فقدان أبعاد النفس، ومع ذلك فهي حالة مبكرة نوعاً.. وللمريض في أعراضه بصيرة، فهو يصفها بدقة وصدق حتى كأنه يشرح الأعراض النموذجية وتصنيف انقسام شخصيته وتنافر وظائفها بكل وضوح. ولنا أن نقارن هذه الحالة حيث بصيرة المريض فيها حادة رغم أنه ذهاني بحالة فصام هيبفريني (خامل) مفكك تماماً، أو بحالة فصام بارنوي (ضلالي) تغلب عليه الضلالات والهلاوس أساساً.
5- الفصام الهيبفريني [3] (الفصام الخامل) (ورمزه في الدليل المصري 7 / 5)، ويبدأ هذا النوع تدريجاً في العادة وفي الأغلب في سن المراهقة (أصل التسمية) ولكنه قد يترتب عن تطور أي نوع من الأنواع السابقة (وأحياناً بعض الأنواع اللاحقة) حيث يعتبر نوعاً متدهوراً من تفكك الشخصية. ويتصف هذا النوع بسطحية العواطف ولا توافقها حيث تظهر بوجه خاص في الابتسام الأصفر بدون داع ولا معنى، ثم اضطراب عملية التفكير (ومن ثم شكل الفكر) بكل ما سبق ذكره في أعراض الفصام، ويلجأ المريض إلى نكوص سلوكي سخيف كما يغلب على تحركاته التكرار والأسلوبية وقد يشكو من أعراض جسمية أقرب إلى ضلالات توهم المرض والضلالات والهلاوس فإنها عادة مؤقتة وليست منتظمة ومسلسلة.
وقد يبدو المريض الهيبفريني نشطاً إلا أن نشاطه دائري مغلق بمعنى أنه غير بناء ولا هادف.. وربما كان لمجرد تفريغ الطاقة الحائرة من تنازع أجزاء الشخصية. وتكون علاقة هذا المريض بالواقع ضعيفة أو معدومة.. وباختصار فإن كل أعراض التفكك تقريبا (وخاصة المستوى الثاني والثالث) تظهر واضحة في هذا النوع من الفصام.
حالة: عينة من كتابة حالة فصام هيبفريني تظهر مدى عدم الترابط.. وهي حالة ف.. "تلميذة أنهت مرحلة الإعدادي بتفوق ظاهر حتى نالت جائزة في عيد العلم وفجأة وهي في السنة الثانية الثانوية توقفت عن الاستذكار ورفضت الذهاب إلى المدرسة وأخذت تتكلم كلاماً غير مفهوم، ثم اشترت عدداً من الكراسات وأخذت تكتب فيها مقالات تريد أن تعبر بها عن شيء، وكان من ضمن عناوين مقالاتها الغذاء.. من المسئول.. الأمة العربية المستقبلية... ثم لا تورد تحت هذه العناوين ما يشير إلى ما تريد قوله..
ونورد هنا عينة تدل على مدى التشويه الفكري الذي أصيبت به، ولاحظ مثلاً جملتها أظن الاثنين أربعة، ولا أظن الأربعة أثنين ثم طريقة كتابتها نفسها وهي الطالبة المتفوقة دائماً.
وللحديث بقية........ أنواع الفصام (2)
واقرأ أيضاً:
مقالات عن الفصام والوهام / الفصام والوهام Schizophrenias & delusions