الطب والأطباء والدواء مهزلة مشاركة
الطب والأطباء والدواء مهزلة
أرسلت down (معلمة، 24 سنة، مصر) تقول:
الأستاذ الدكتور وائل...
جزاك الله خيراً على الموقع الرائع.. وعذرا على التأخير في التعليق على مقالتك القيمة (الفاضحة لما وصلت إليه مافيا شركات الأدوية من جشع واتجار بمعاناة المرضى وذويهم..!!) فعن تجربة شخصية أؤكد ما ورد في مقالتك, حيث أن شقيقتي تعاني من الفصام ولم تفلح مضادات الذهان غير التقليدية تلك في السيطرة على الأعراض الإيجابية ولا حتى السلبية رغم تجربة أكثر من نوع منها, مع ارتفاع أسعارها!!
وسبحان الله لم يفلح معها غير مضادات الذهان التقليدية رخيصة الثمن (ربنا يستر.. ولا يمتد إليها الجشع والتربح فتختفي من الأسواق) على الرغم من أن شقيقتي تعاني من بعض الأعراض الجانبية لل(م.د) وخاصة العينين ولكن هذا أرحم من ال (م .س.د) فكانت تعانى من زيادة الوزن وقلة النوم والهياج والصراخ وشد الشعر و.....والحمد لله...!!
ولكني أشك في أكثر من ذلك بعد قراءتي للمقالة حيث أنها تعانى الآن من مشاكل بالغدة الدرقية ولا أدري هل ذلك من تأثير ال (م.د) وال(م.س.د) أم غير ذلك؟
على العموم جزاك الله خيراً دكتورنا العزيز.. مع خالص تقديري وتمنياتي بدوام التوفيق
30/7/2009
الأخت الفاضلة "down" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا جزيلا على ثقتك، وشكرا جزيلا أيضًا على مشاركتك في هذا المقال القديم الذي لم يشارك فيه قبلك أحد.... وحقيقة يبدو أن الأحداث والخبرات التي يصادفها الطبيب النفساني مع مرور السنوات تشير بوضوح إلى أن عقاقير الذهان المضادة للدوبامين والتي اقترحنا لها التسمية (م.د) بالفعل أفضل من عقاقير الذهان المضادة للدوبامين والسيروتونين والتي اقترحنا لها اختصار (م.س.د) ليس هذا فقط في كونها أقوى ولكن أيضًا كونها أأمن... فمهما كانت الأعراض خارج الهرمية Extrapyramidal Symptoms مزعجة فإنها ليست قاتلة مثلما آثار العقاقير الحديثة.... كل هذا ولم نأت إلى ذكر الفارق الرهيب في السعر بين عقاقير (م.د) وعقاقير (م.س.د)!
لكننا بالرغم من ذلك نؤكد أن حالات ذهانية كثيرة لم تكن تستفيد من عقاقير (م.د) لكنهم استفادوا من عقاقير (م.س.د)... وبعض هؤلاء الذهانيين من مقاومي العقاقير القديمة كان من فرط تحسنه -بعد شهور أو سنوات من الاستمرار على العقار الجديد لاسيما الكلوزابين- يزور طبيبه النفساني المعالج فلا يعرف الطبيب مريضه! وهذا ما لو أنجزته العقاقير القديمة لشككنا في تشخيصنا للمريض بأنه فصام؛
فقد كان توجها شائعا بين الأطباء النفسانيين فيما مضى من سنوات اعتبار الفصام مرضا لا يعود صاحبه إلى مستواه الذي كان عليه قبل بداية المرض.... فما بالكم بمن ربما يصل إلى تحسن عن ما كان!.... وهؤلاء على كثرتهم لم يلفتوا الأنظار من زمن بعيد.... بمعنى أوضح ربما كانت حالات تتحسن تماما من الفصام على العقاقير القديمة أي الم.د ولكنها كانت تعتبر دليلا على أن مسارات الفصام متعددة وأن بعض من يشخصهم الطبيب فصاما لا يكونون كذلك....
كي لا أطيل أقول ما قاله أستاذ الأجيال في الطب النفسي أ.د أحمد عكاشة من أنه يكتب بالبنط العريض الآن في الصحف ما معناه أن الأطباء النفسانيين خدعتهم شركات الدواء وجعلتهم يستبدلون عقاقيرهم الرخيصة القديمة الآمنة، بعقاقير مفرطة الغلاء غير آمنة بل قد تكون قاتلة!...... ورغم ذلك فقد مثلت عقاقير الم.س.د حلقة في حلقات تطور عقاقير مضادات الذهان.. وزادت كثيرا من معدات الطبيب النفساني وذخيرته العلاجية ليس فقط في الفصام وإنما في غيره وغيره من الاضطرابات النفسية.
الأمر الأخير عن علاقة الاستخدام المستمر لمضادات الذهان Antipsychotics باضطراب وظائف الغدة الدرقية Thyroid Function أو قولي علاقة الزيادة المستمرة في هرمون البرولاكتين Prolactin أو (حاثة اللبن) بنوع من الالتهاب المناعي الذاتي Autoimmune Thyroiditis المصحوب بخلل في وظائف الغدة الدرقية... فما يزال قيد البحث ولكن النتائج الحالية تشير إلى إمكانية وجود علاقة بين مضادات الذهان خاصة الكويتابين Quetiapine واختلال في وظيفة الغدة الدرقية.....
ولما كانت العلاقة التي لوحظت حديثا هي علاقة بين ارتفاع هرمون البرولاكتين واختلال وظائف الغدة الدرقية فإن كلا من عقاقير الم.د وعقاقير الم.س.د يمكن أن يكون متهما وإن كان كثير من الأعراض التي كان من المفترض أن حدوثها يكون أكثر مع عقاقير الم.د القديمة قد ظهر بشكل أكثر مع عقاقير الم.س.د وذلك خلافا لما ادعته الشركات المنتجة وهي تسوق لعقاقيرها......
وقد كان من ملاحظاتي الشخصية إكلينيكيا أن الحالات التي تحدث فيها مشكلات بسبب زيادة هرمون البرولاكتين (مثل تأخر الدورة عن موعدها ومثل إفراز اللبن من الثديين في الإناث والضعف الجنسي في الذكور) في مرضى يستخدمون عقاقير الم.س.د... هذه الحالات تحسن معظمها عند نقلهم إلى أحد عقاقير الم.د الرخيصة، ولا أدري هل مشكلات الغدة الدرقية سيحدث معها شيء مماثل؟
في النهاية أستطيع القول بأن عقاقير الم.س.د مثلت تطورا ولا شك في علاج الذهان لكنها ليست عقاقير مثالية بأي حال من الأحوال... ومن المهم أن أشير إلى أن علاج الفصام لا يصح أن يكون عقاقير فقط وإنما يجب أن يكون العلاج تكامليا... من أجل الوصول بالمريض وأسرته إلى أفضل ما يمكننا..... وشكرا على مشاركتك القيمة مرة أخرى.
ويتبع>>>>>>>> : التعليم أيضا مهزلة وليس الدواء فقط: