الأعصاب القحفية Cranial Nerves هي الأعصاب المسئولة عن الإمداد العصبي للدماغ والمسئولة أيضًا عن أربعة من الحواس الخمسة هي الشم (العصب القحفي الأول) والبصر (العصب القحفي الثاني) والسمع (العصب القحفي الثامن) والتذوق (العصب القحفي السابع والتاسع)... وتتكون الأعصاب القحفية من اثني عشر زوجا على جانبي الجمجمة.... وتقع أنويتها الرئيسية في جذع الدماغ كما يتضح من الشكل أعلاه:
1- العصب الشمي "القحفي الأول"(Olfactory Nerve (I:
توجدُ مستقبلات الشم في غشاء الأنف المخاطي وتُسْقِطُ محاويرها عبرَ الصفيحة المصْفَوِيَّة إلى البصلة الشمِّية على السطح السفلي لفصّ المخ الجبهي، وهذا العصبُ القحفي بالتالي لا يَنْبُتُ من ولا يمرُّ في جذْعِ الدماغِ لكنه واحدٌ من بنى الجهاز العصبي المركزي.
2- العصب البصري "القحفي الثاني"(Optic Nerve (II:
تُسْقِطُ المستقبلات الضوئية محاويرها بواسطة الخلايا العَقَدِيَّة إلى الجهاز العصبي المركزي عبرَ العصب البصري الذي يمرُّ عبرَ القناة البصرية إلى داخلِ المخ ليُشَكِّل التصالبَ البصري Optic Chiasm ومنه ينطلِقُ العصب البصري للخلف متجها إلى النواةِ الرُكْبِيَّةِ الوحشية Lateral Geniculate Nucleus في المهاد، ومن الأخيرةِ يُسْقَطُ الشُّعُّ البصري Optic Radiation إلى القشرةِ البصرية، وهذا العصبُ القحفي بالتالي لا يَنْبُتُ من ولا يمرُّ في جذْعِ الدماغِ لكن له اتصالا مهمّا بالدماغِ المتوسطِ للتّحَكُّمِ في الاستجابَةِ الحَدقيةِ للضوء Pupillary Response to Light ، وله اتصالٌ أيضا بالوطاءِ يُسَاعِدُ في تحديدِ النظْم اليوماوي Circadian Rhythm.
3- العصب محرك العين "القحفي الثالث"(Oculomotor (III:
يَنْبُتُ هذا العصب من الدماغ المتوسط عند مُسْتَوى الأُكَيْمة العلوية ويُعَصِّبُ كل العضلاتِ خارج المُقَليّة عدا العضلةِ المستقيمةِ الوحْشِيةِ Lateral Rectus (التي يُعَصِّبُها العصب المُبَعِّد أو القحفي السادس)، والعضلةِ المائلةِ العليا Superior Oblique (والتي يُعَصِّبُها العصب البَكَرِيُّ أو القحفي الرابع) ويحملُ العصب الثالثُ أيضا أليافا لا وُدِّيَّة للعين كما يحملُ معظمَ تَعْصيبِ (التغذية العصبية) العضلةِ رافعةِ الجَفنِ العلوي Levator Palpebrae Superioris Muscle ، وشللُ العصبِ الثالث الكاملِ يؤدي إلى انحرافِ العينِ إلى أسفل وللخارج، وتصبحُ الحَدَقةُ مُتَّسِعَة ثابتة لا مُستجيبة (للضوء)، إضافة إلى تدَلِّي الجفن Ptosis ، وأشهرُ أسبابِ ضرَرِ العصب الثالث هو أنوريسمة الشريان المُوَصِّلِ الخلفي Posterior Communicating Artery أو الأذيةِ الوعائية الدقيقةِ للعَصَبِ نفسه في بعض الأمراض كمرض السكري مثلا.
4- العصب البكري "القحفي الرابع"(Trochlear Nerve ( IV:
ينْبُت هذا العصب في الدماغ المتوسط عند مستوى الأُكَيْمَةِ السفلية (التُلَّيلُ السفلي)، ويخرجُ من السطح الظهريِّ لجذع الدماغ، وهو يُعَصِّبُ العضلةَ المائلة العليا، وشللُ هذا العصبِ يؤدي إلى الشَّفَعِ ( ازدواجِ الرؤية Diplopia ) عند النظرِ لأسفل ومن أشهرِ أسبابِ شللهِ إصاباتُ الرأس.
5- العصب ثلاثي التوائم "القحفي الخامس" (Trigeminal Nerve (V:
لهذا العصب وظيفةٌ حركيةٌ ووظيفةٌ حسيةٌ، وتقعُ نواتُهُ الحركيةُ في منتصف الجسر في وضْع إنسيِّ بالنسبة لنواتِهِ الحِسِّيَّةِ الرئيسيةِ، وتستقبلُ النواةُ الحركيةُ مدخولا من القشرة الحركية، وهي مسؤولةٌ عن تعصيبِ عضلاتِ المَضْغِ Muscles of Mastication، وأما الوظيفةُ الحسيةُ للعصب ثلاثي التوائم فهي حملُ الإحساس من الوجه، حيث تُحْمَلُ كل الإشاراتِ الحسيةِ من الوجه بما في ذلك قَرَنِيَّةُ العين إلى جذع الدماغ عبرَ فروعِ هذا العصب الثلاثة والتي تنتهي في مشابكَ في ثلاثةِِ عقد نووية هي نواةُ السبيل النخاعي للعصب ثلاثي التوائم Nucleus of Spinal Tract of Trigeminal Nerve ، والنواة الحسية الرئيسيةُ لثلاثي التوائم Main Sensory Nucleus of Trigeminal ، ونواةُ الدماغِ البيني Mesencephalic Nucleus ؛
وأما الفروعُ الثلاثة فهي: الفرعُ العينيّ Ophthalmic Branch ويحمل الإحساسَ من الجبهة، والفرعُ الفكيُّ العلوي Branch Mandibular ويحملُ الإحساسَ من الخَدَّينِ، والفرعُ الفكيِّ السفلي Maxillary Branch ويحملُ الإحساسَ من الفَكَّين، ونجدُ أن أليافَ العصب المِنْقارِية Rostral (أليافَ الفرعِ العيني) تنتهي في الجزءِ السفلي من النواة النُخاعية في الحبلِ العنقيّ العلوي، ومن نوَى ثلاثي التوائم في جذع الدماغ تُسْقَطُ الألياف العصبيةُ إلى المهاد كجزء من أنظمة الحسِّ الجسدي والألم ، ويؤدّي ضررُ هذا العصبِ إلى ضعفِ المضغ وضعفِ القدرةِ على فتحِ الفكين، إضافة إلى فقد الإحساسِ الوجهي وغيابِ مُنْعَكَس القرنية، وعادة ما ينتجُ ضررُ العصب ثلاثيّ التوائم من الآفاتِ الداخليةِ لجذع الدماغ، أو من ضرر للفروعِ وهي تعبرُ الجمجمةَ أو تمرُّ في الجَيْبِ الوريدي الكَهْفِي Cavernous Sinus.
6- العصب المُبَعِّد "القحفي السادس"(Abducent Nerve (VI:
يَنْبُتُ من الجزءِ السفلي الظهريّ للجسر، ويُعَصِّبُ العضلةَ المستقيمةَ الوحشيةَ Lateral Rectus Muscle ، ويؤدِّي ضررُ هذا العصبِ إلى شَفَع أفُقِي عند النظرِ ناحية الضررِ، (أي ناحية اليمين في حالة ضرر المبعد الأيمن وناحية اليسار في حالة ضرر المبعد الأيسر) وقد ينتجُ ضررُ العصب المُبَعِّد من أسباب داخلية في جذع الدماغ كما يمكنُ أن يكون شللُهُ علامةَ مَوْضَعَة تشخيصية كاذبة False Localizing Sighn في حالاتِ زيادة الضغطِ داخل القِحْف(الجمجمة).
7- العصب الوجهي "القحفي السابع"(Facial Nerve (VII:
وهو عصبٌ حركيٌّ بشكل رئيسي وإن كان يحملُ أيضا أليافا لا وُدية Parasympathetic للغدَدِ الدَّمْعِية Lacrimal Glands وغدد لُعَابية Salivary Glands (عبر العصبِ الصخريِّ السطْحي الأعظم Greater Superfacial Petrosal Nerve، والحَبْل الطبلي Chorda Tympani )، وتَنْبُتُ النواةُ الحركيةُ للعصب الوجهي في الجسر، وتُعَصِّبُ كل عضلاتِ الوجه باستثناء عضلاتِ المضغ، وحالاتُ شللِ العصب الوجهي ليستْ قليلةَ الشيوع، ويكمنُ أن تحدثُ الآفة في أي نقطة من مسارِهِ: وهو يخرجُ من جذع الدماغ، أو خلالَ مرورِهِ في الصِّمَّاغ السمعي الداخلي، في الأذُنِ الوسْطَى، في الخشَاء Mastoid أو أثناءَ خروجِهِ من الثقْبِ الإبَرِيِّ الخشَائي Stylomastoid Foramen إلى البِنَى النسيجية الرّخوة في الوجه، وآفةُ هذا العصبِ على جانب في أيّ من تلكَ النقاطِ تُسَبِّبُ شللا عصبيا حركيا سُفليا يؤدّي إلى ضعفِ كلِّ عضلاتِ الوجه في نفسِ جانب الآفة، إضافة إلى فقدِ حاسةِ التذوُّقِ من ثُلُثَي اللسانِ الأماميينِ إذا كانَ مكانُ الآفةِ أدنَى من مكانِ نُبوتِ الحبل الطبلي؛
وشللُ العصب الوجهيّ نراه غالبا في حالاتِ " شللِ بِل Bells Palsy "، وعلى العكس فإن ضررَ المدخولَ الحركي العلويّ النازلَ من القشرة الحركية لنواةِ العصب الوجهي (آفة العُصْبة الحركية العليا للعصبِ الوجهي) تُسَبب ضعفا في الجزءِ السفلي فقط من عضلاتِ الوجه وعلى الجانب المقابلِ، وسببُ ذلك هو أن عضلاتِ الجزءِ العلوي من الوجهِ تستقبلُ تَعْصِيبا حركيا علويا مُزْدوجا من القشرة الحركية لكل من نصفي المخ.
8- العصب الدهليزي القوقعي "القحفي الثامن"(Vestibulocochlear Nerve (VIII:
ويحملُ المعلوماتِ الحسيةِ من القَوْقَعَةِ Cochlea (العصب السمعي أو القوقعي)، ومن الأنفاقِ الهلالية Semicircular Canals وغُبَارِ التوازن Otolith Organs (العصب الدهليزي) وضررُ هذا العصب ( مثلا في حالات ورمِ العصب السمعي Acoustic Neuroma )، يسببُ اختلالا في التوازن وصمَما وطَنِينا Tinnitus (ضوضاءٌ لَحُوحَةٌ في الأذن).
9- العصب البلعومي اللساني "القحفي التاسع"(Glossopharyngeal Nerve (IX
يحتوي هذا العصبُ القحفي على ألياف عصبية حركية وحسية ولا وُدية، تَنْبُتُ الأليافُ الحركية من النواة المُلْتَبِسَةِ Nucleus Ambiguus وتُعَصِّبُ العضلة الإبَريَّة البلْعُومية Stylopharyngeus Muscle، وأما الأليافُ الحسية فتَنْزِلُ في السبيلِ المُفْرد أو نَواة السبيلِ المُفْرَدِ وتحملُ حِسَّ التذوق من الجزء الخلفيِّ من اللسان ومن البلعوم، وأما الأليافُ اللا وُدية فَتَنْبُتُ من النواة اللعَابِية السفلى وتُعَصِّبُ الغدة النَّكفية، وضررُ هذا العصبِ يحدثُُ عادة مع ضررِ العصبِ المُبْهم (انظر ما تحته) ونموذجيا تُرى في آفاتِ الجزء السفلي من جذع الدماغ.
10- العصب المبهم "القحفي العاشر"(Vagus Nerve (X :
يُعَصِّبُ هذا العصب المدخولَ الحركيَّ للحَنَكِ الرخْو Soft Palate والبلعومِ والحنجرَةِ بواسطةِ أليافه التي تَنْبُتُ من نواته الظهرية الحركية ومن النواةِ المُبْهَمة (الملتبسة)، وللعصبِ المُبْهم أيضا دورٌ حسي صغيرٌ حيث يحملُ حسَّ التذوق من جِذْرِ اللسان ولسانِ المِزْمار Epiglottis ، والحسَّ الجسدي العام من صِيوان الأذن Pinna ، إلا أن الدورَ الأبرزَ والأهمَّ للعصب المبهم هو دورٌ لا ودي، وضررُ هذا العصب يُسبب عُسْرَ البلعِ Dysphagia واضطراباتِ التَّلَفُّظِ، ومثلما مع ضرر العصب البلعومي اللساني فقد يحدثُ فقدٌ للمُنْعَكَسِ البلْعُومي ( مُنْعَكَس التَّهَوُّع Gag Reflex )، ويَشملُ سحْبَ اللسان ورفعَ عضلاتِ البلعوم استجابة لمنبه حسي في الجدارِ الخلفي للبلعوم.
11- العصب الإضافي "القحفي الحادي عشر"(Accessory Nerve (XI :
وهذا العصبُ حركيٌّ صِرْف، وينْبُت من النواةِ المُبْهَمَةِ في النخاع المستطيل ومن النواة الإضافيةِ في الجزءِ العنقيِّ من الحبل الشوكي، ويُعَصِّبُ كلاّ من العضلةِ القَصِّية الخشائية Sternocleidomastoid والعَضلة شبه المنحرفة Trapezius، وضررُ هذا العصب يُسبب ضعفَ هاتين العضلتين، وعادة ما يحدث ضررُ هذا العصب مصاحبا لضرر الأعصاب القحفية السفلى.
12- العصب تحت اللساني "القحفي الثاني عشر"(Hypoglossal Nerve (XII :
هذا العصب يُعَصِّبُ عضلاتِ اللسان وتنْبُت أليافُه من النواة تحت اللسانية Hypoglossal Nucleus في الجزء الخلفي من النخاع المستطيل. وضررُ هذا العصب يؤدي إلى شلل وضمور في اللسان وهو ما يسببُ مشكلات في عمليتيّ البلعِ والكلام، وغالبا ما يُرى في حالاتِ داءِ العصبونات الحركية، وآفةُ هذا العصبِ المفردةِ نادرةُ الحدوث، فعادة ما يحدثُ ضررُ هذا العصبِ مصاحبا لضررِ الأعصاب القحفية السفلى (مثلا التاسعُ والعاشرُ والحادي عشر)، وفي هذه الحالةِ تظهرُ على المريض أعراضُ ما يسمى بالشللِ البَصَلِي Bulbar Palsy ، وعلى العكس فإن تسميةَ الشللِ البصليِّ الكاذب Pseudobulbar Palsy تُطْلَقُ على الحالات التي يحدثُ فيها فقدٌ للمدخول القِشري النازل لنوى تلك الأعصاب القحفية.
واقرأ أيضًا:
خلايا الجهاز العصبي: العصبونات والمشابك/ أنواع الخلايا العصبية الدبقية/ الجهد الكامن للغشاء وجهد الفعل العصبي