على باب الله: 7/3/2005 الضحك والألم
بنت الفرات مشاركة على: بوح الدكتور أحمد..
سررت عندما قرأت كلمات الدكتور أحمد في مديح المغاربة، ولكنني حين قرأت كلمته "وليس للمرأة المصرية عذر" توقفت قليلا ، فكيف يقول مثل هذه الكلمة التي تحبط فعلا المرأة التي أصبحت تعمل كثيرا جدا: خارج البيت وداخله.. ولكنني قلت لنفسي: ربما هي كلمة تنبيه وتحذير نحتاجها نحن النساء بين الحين والآخر.. ووقعها سيكون خفيفاً على نفوسنا لأنها جاءت ممن نعتقد أنه نصير للمرأة المضطهدة ومناهض للظلم الواقع عليها..
ولم أتوقع أن تكون كلماته تلك قد ضربت على وتر حساس جدا عند "الزوجة المغتاظة" والحمد لله أن هذه "الثورة" تُرجمت إلى شيء إيجابي.. كلمات نستفيد منها جميعاً.. فجزاكم الله كل خير..
ولكنني ابتسمت بمرارة حين قرأت تصنيفه للمرأة السورية على أنها تأتي في الصدارة بين النساء العربيات من حيث أدائها لواجباتها الزوجية وتحقيقها لمعنى السكن الأسري.. ولن أعلّق على ذلك لأبقي "الطابق مستور".. وسأكون إيجابية وأقول: إن شاء الله سيأتي اليوم الذي تستحق المرأة السورية هذه الصدارة بجدارة، وستشاركها أخواتها: المصريات وغير المصريات هذه الصدارة أيضا..
عندما كنت أكتب وأشارك بتجاربي وانطباعاتي ومشاعري على أخبار وتقارير، انتقدتني أختي بأن ما أكتبه يفتقد للصفة العلمية، ولكن كلام الدكتور أحمد في رده على الزوجة المغتاظة أنقذني، فأنا فعلا لا أكتب مقالا ذا صبغة رسمية، بل أعتبر أن أخبار وتقارير كما لو كانت "صالون" نجتمع فيه لنقول ونتحدث عمّا نريد إيصاله للآخرين أو عمّا نريد البوح به.. فهي مساحة للبوح بالتجارب والمشاعر والانطباعات أكثر مما تكون مساحة للعلم المتخصص..
وهذه المساحة مهمة جدا، فنحن فعلا كما قلت يا د. أحمد: نعتقد أن الطبيب النفسي –كما قلت- " بلا مشاكل، وبلا احتياجات، وربما بلا عيوب!!! " وهذا تصور طفولي جد، ربما فعلا نحتاجه لأننا نريد أن نجد النموذج الكامل الذي يوحي وجوده لنا بالأمان.. وهذا ما يشكّل ضغطاً كبيراً على أعصاب الطبيب النفسي، ومثله أيضاً المتخصص في الدين.. أنا أفهمك تماما يا سيدي الفاضل لأنني أنا أيضا واقعة في هذه المشكلة.. كل ما قلته في مقالك على على باب الله: أن تكون طبيبا نفسيا صحيح تماما وينطبق على كل من يلتمس فيه الناس الشخصية الكاملة من حلالي المشاكل..
ولكن هذا خطأ كبير، لأن هذا التصور المثالي سيتحطم عند أول كلمة نقولها بمحض بشريتن، وسيؤدي إلى إيجاد شرخ في الثقة التي وضعها الناس بنا وبالتالي رفضهم لما نقول رغم حسن نوايانا فيما نقول.. وهذا يحمّلنا أعباءً فوق قدرتنا البشرية على التحمّل، فكما قلت: نحتاج أن ننتبه ونضبط كل ربع كلمة بل كل نظرة وكل تعبير في الوجه..
ما السبب في ذلك ؟
أعتقد أننا تائهون لأننا ومنذ البداية لم نضع هذه الأمور في مواضعها الصحيحة، فلا الطبيب النفسي ولا عالم الدين ولا أي أحد في هذه الدنيا هو الإنسان الكامل، الوحيد الذي تنطبق عليه هذه الصفات هو الرجل المرسل من ربه، هو الوحيد الذي يحق للناس أن ينتظروا منه ما ينتظرون، وأن يتوقعوا منه الخوارق..
أما باقي البشر، فهم فعلا: على باب الله ! مهما تعلموا ومهما ارتقوا ومهما علوا..
ولكن كلماتك يا دكتور على هذا الباب أعادتني للتوازن من جديد، أعادتني للنظر لبعضنا "بواقعية" وليس بمثالية متخيّلة، وما أروع هذه الكلمة الواقعية التي قالها أحد الصحابة أو أحد العلماء – لم أعد أذكر – "كل الناس يؤخذ من قولهم ويُرد إلا صاحب هذا القبر" أي الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو فقط الذي "لا ينطق عن الهوى"..
أنا سعيدة يا دكتور أحمد لأنني عرفت أنك تحتاج ولديك مشاكل ولديك عيوب، ليست سعادة شماتة معاذ الله، فأنت أخي في الله الذي لا أتمنى له إلا كل خير، وصاحب فضل كبير جدا علي في حياتي، ولكنها سعادة الوصول إلى الحقيقة الواقعية، فهذه الحقيقة ستجعلني أكثر إنصافاً مع نفسي، ولا أبخسها حقها.. ولا أنتظر شيئاً لن يحدث وهو: انعدام المشاكل والاحتياجات والعيوب..
جزاك الله كل خير، واسأل الله أن يفرّج همّك ويقرّ عينك، ويرزقك هناءة الدارين.. أنت وكل آل مجانين.. آمين..
ويتبع >>>>>: على باب الله: في مديح المغاربة.... المصرية رائدة مشاركة
واقرأ أيضاً:
حكايات بنت الفرات: وظائف إنسانية شاغرة / حكايات بنت الفرات: حفلة بمناسبة يوم اليتيم.. / حكايات بنت الفرات لغة الجيل الجديد