غالبا لا أستقي ثقافتي من التلفاز.. وإن كنت أفعل في بعض ما ليس بغالب..
وأمس قد شاهدت فيلما يسمى -الجوع- قديم ولكني لم أره من قبل.. الفيلم يحكي حقبة من حياة المصرين.. عهدا طال عليهم كان النبّوت -عصا غليظة دوما ضاربة وأحيانا مهوّشة!!- هو السيد والفتوة هو السايس!!!.. السكون والركون الصبغة البشرية.. والعري هو الكساء .. و الضرب هو الغذاء!!
حتى ضاق بأحدهم ..صرخ بهمس: كفاااااية.. وصدّق همسته هذه العمل.. سرق من مخازن الفتوة ووزع الطعام والكساء على الفقراء.. وكثير ما هم.. ولما اكتشف أمره.. علّق من عرقوبه.. فما كان من زوجته إلا أن تصرخ هي الأخرى ولكن بأعلى حسها: كفاية.. كفاااية.. ونجحت هي ومن أفاقوا في تخليص زوجها..
ولا أدري لماذا استدعت صرخات سعاد حسني - كفااية - لدي العديد من المواقف...
*جلسة علاج نفسي جماعي.. التفت المريضات في حلقة علاجية.. كان الدور عليها.. تحكي خبرتها.. أخذت تقص أحداث اغتصابها.. توقفت.. لحظات صامتة، أكملت بعدها .. الكلمات ثقيلة..مريرة.. لسانها يرجف.. لحظات مؤلمة ذكرى قاسية.. عاودت حديثها .. الكل يقدّر.. إلى أن خرج اللسان عن ثمالته: كفاااية ..كفااية كده يا دكتور.. وانصرفت..
*اختصتني بمشكلتها.. ممرضة معي في إحدى أماكن عملي.. كانت تقولها: كفاااية ..كفاااية.. كل مرة لقاء مع زوجها.. فهو يغتصبها.. هكذا يتلذذ!!!!
*أخت صديقتي.. نهش جسدها السرطان.. مرت بصنوف من عذاب... أقصد علاج.. لم يرد الله به الشفاء.. كان الطبيب يدخل في يديها جهاز وريدي تتلقى خلاله علاجها الكيماوي... ومن طول السنين.. انسدت الأوردة.. تكرر فشل الطبيب في تثبيت الجهاز.. فيتكرر بذا الوخز مرة ومرات.. صرخت:
كفاااية ..كفاااية.. مش لازم علاج..
* تعالت الأصوات.. كانت أول مرة.. خرجت الزوجة عن سباتها.. تصرخ وتصرخ.. تستغيث بجيرانها.. فزوجها ينهال ضربا على ولدها المراهق.. تعالت الصيحات:
كفاااية ..كفاااية.. الولد هيموت في ايدك..
*اتسوق مع صديقة.. نرمق الفاترينات.. صادفناه.. شابا.. يتفحص محل ملابس داخلية معلقة على مانيكانات.. هالني صياحه: كفااية.. كفااية بقى حرام.. مش قادر!!!
*وضعت كوب اللبن الممتلئ الساخن أمام طفلها 8 سنوات..
يا ماما ده سخن... أنا عايزه بارد... قالت: ده أفيد.... اشرب
يا ماما ده كثير... أنا عايز كباية صغيّره.. قالت: لأ.. كدة كويس... اشرب
شرب الطفل نصف الكوب..
يا ماما خلاص.. خليلي الباقي لبلّليل.. قالت: لأ... هتشرب
صرخ.. يا ماااما كفااااية كفااااية..
*في أحد المقاهي- الموديرن طبعا -..جلست.. وطلبت كوب شاي بلبن.. المضيف يأخذ ابريق اللبن..
لا ..لو سمحت أنا هصب.. ابتسامة ثم قال: لا يا فندم .. العفو.. أخذ يصب ويصب
أحب تركيز الشاي أكثر قلت: كفاية.. المضيف مستمر.. أكرر: كفاااية ..كفااية
صمت.. نظرة أسف واعتذار منه رددت عليها بنظرة تأنيب غير عنيفة..
أردفت.. طلبت شاي بلبن وقد أصبح لبن بشاي.. اذهب به إذا.. فهذا ليس طلبي
وفعل
وكفاية مودتي
واقرأ أيضًا:
يوميات رحاب: كبار السن / يوميات رحاب: النظرة للطبيب