عامان ونصف فقط هما مدة عملي كطبيبة، وأغلب مرضاي من أولئك البسطاء بحكم أماكن العمل الحكومية،
كنت لوحدي في الاستقبال، تقطع التذاكر بالأسماء والأرقام المسلسلة، الناس كثرة، زحمة، لا بأس، أخرج من غرفتي على صيحات النساء وأقول لهن: ماذا عساي أن أفعل،؟؟ الصبر طيب، ومن فضلكن لا تتزاحمن على باب غرفة الكشف، الزحام سيسبب نقل العدوى بين أطفالكن والمريض حبة هيبقى مريض حبتين!!!
لا فائدة، أأذن في مالطة وليس في القاهرة!!!
دخلت إحداهن بناء على الرقم الذي تحمله تذكرتها، فوجئت بأخرى تصرخ في وجهي، مدّعية أن هذه المريضة معرفتي وأنها قد تخطتها بناء على هذه المعرفة!!! وأنه دورها لكي تدخل لي
قمت من مكاني وطلبت منها تذكرتها وسألت: بتعرفي تقرئي؟؟ لم ترد وأشهدت عليها أحد الرجال في الخارج، وتبين لها أنه ليس دورها بالفعل..
ولكني فوجئت بها تفتح عليّ الباب مرة ثانية وتقول لي في عنف: ما أنا لو كنت غمزتك ب2 جنيه كنت دخّلتيني الأول...
نزلت كلماتها كالصاعقة، وتغلب الغضب على ابتسامة ساخرة كانت ستخرج من فيهي لولا وقع الكلمات العنيفة..
وتسا ءلت: هل هذه فكرة المرضى عن الطبيب المصري؟؟؟
تبقى كارثة...
هل أصبح راسخا في الأذهان أن الكل يباع ويشترى؟؟ وبكام؟؟ ب2 جنيه؟؟
هل تلك السيدة في كامل قواها العقلية حتى بعد ما تبين لها صدق قولي؟؟
أم أن سكوتي قد جعلها تتمادى ولم تجد بدا من ايذائي بهكذا طريقة؟؟
وبالتالي .. لا يصح أن أطلق أن هذه هي نظرة المريض للطبيب، فالحادث فردي..
وان لم يكن، فكيف يثق المريض في طبيب علته وكاشف جسده ومطلع عورته؟؟
هل وضعت تسعيرة للذمة ؟؟2 جنيه؟؟؟ ولا أنا مكبرة الموضوع!!!
** حادث تسمم في أحد المطاعم في منطقة شعبية.. أعداد مهولة من المرضى يفوق استعداد المستشفى اللحظي قبل الاستدعاء..
ولكن كل منهم يرى نفسه المريض الوحيد وفورا لابد أن يدخل ويهتم به ولو لم يحدث ما أراد فان الطبيب مهمل ومتراخي وترفع السماعة للشكوى
فيكون الرد منا: براحتك.. لو مش معاك هاتف الوزير.. نعطيه لك..
ما دمنا نفعل ما علينا وما يرضي ربنا..فلا يخيفنا تهديد ولا غيره
كانت زميلتي حامل.. اقتحموا الغرفة وكادوا يضربونها.. فتصدى لهم زميل ومنع هذه المهزلة..
يا خسارة.. يا مرارة.. كان الطبيب في عصر مضى حكيما.. يُلجأُ اليه ويستشار ويجلّ..
من ذا الذي بدأ هذا الوضع المشين؟؟
نحن الأطباء أم المرضى.. أم بدأناه سويا؟؟؟
طيب
كيف ننهيه.. من أين نبدأ.. كيف نقطع الدائرة المفرغة التي ندور في فلكها..؟؟؟
يؤسفني أن تكون هذه نظرة المريض للطبيب..
وأخشى أن تكون نفسها.. نظرة الطبيب.. لنفسه..
مودتي
واقرأ أيضًا:
يوميات رحاب: كفااااااااااية / يوميات رحاب: عاتبوني أنا.....