(صور-9) رحلتي مع القراءة-1
كنا قد انتقلنا للعيش في منطقة "حدائق حلوان" مع انتقالي للمرحلة الإعدادية التي أمضيتها في مدرسة المعادي الإعدادية القديمة، ومن خلال المدرسة والحي تعرفت تدريجيا على أصدقاء جدد فتحوا لي طريق التعرف على مقروءات جديدة كانت في بداية المرحلة هي الألغازالتي كانت تشيع في أوساط الفتية والفتيات في تلك السن، والتي كنت أطالع أعدادها من خلال اقتراضها من صديقي وجاري محمد قاسم، كانت الألغاز الشائعة في ذلك الوقت هي ألغاز ما يعرف بالمغامرون الخمسة، ثم بدأت تنتشر ألغاز المخبرون الأربعة وكان مؤلف هذه وتلك واحد هو محمود سالم، ثم في أواخر تلك المرحلة من القراءة شاعت ألغاز الشياطين الـ 13، واستمرت قراءتي الاستعارية لتلك الألغاز إلى نهاية المرحلة الإعدادية.
لكن نهاية المرحلة كانت بداية مرحلة جديدة بالنسبة لي في القراءة بدأتها أيضا باستعارة كتاب "إعصار من الشرق" لمؤلفه الدكتور ثروت عكاشة، ومن ثم انتقلت لقراءة كتب الكبار، ومن ثم بدأت أتردد على سور السيدة زينب مرة أخرى لشراء الكتب القديمة كما بدأت أتردد على معرض الكتاب بصفة سنوية مع إخوتي وكان يقام في المكان الذي تقع فيه دار الأوبرا الآن، وكانت الكتب المفضلة بالنسبة لي خلال مرحلة دراستي الثانوية هي كتب الأدب وبخاصة الروايات والقصص القصيرة فقرأت لمحمد فريد أبو حديد ويوسف السباعي وليو تولستوي، وطه حسين ومكسيم جوركي والعقاد ومصطفى لطفي المنفلوطي وآخرون، كما قرأت في تاريخ الصحافة المصرية واستهوتني بصفة خاصة قصة التوأم مصطفى وعلي أمين والتي ألهمتني حب الصحافة، وقرأت لأنيس منصور كتب الرحلات وأرواح وأشباح والذين هبطوا من السماء وغيرها وقرأت للدكتور مصطفى محمود الوجود والعدم، ورحلتي من الشك إلى اليقين وحوار مع صديقي الملحد وكتب أخرى، وقرأت في فن كتابة القصة القصيرة وتاريخها كتب يحيى حقي والطاهر مكي ورشاد رشدي.
وفي نهاية المرحلة الثانوية عرفت طريق التدين، ثم كان أن دخلت الجامعة ودخلت بالتحديد كلية طب قصر العيني والتي كانت معقلا لقيادات الحركة الإسلامية الطلابية وحمل هذا المتغير بالنسبة لي الانفتاح على قراءة الكتب والمجلات الإسلامية، وقد كنت مغرما بشكل أكثر بقراءة الكتب الفكرية الصغيرة من سلسلة صوت الحق التي كانت تصدرها لجنة الإعلام باتحاد طلاب مصر، ثم استكملت إصدارها الجماعة الإسلامية بالكلية وكانت تروج بشكل كبير للفكر الوسطي المعتدل القريب لمدرسة الإخوان المسلمين، وقرأت قليلا في كتاب فقه السنة، ولم تستهوني كثيرا القراءات التي كانت تروج لها المدرسة السفية الوهابية بتنويعاتها، كما قرأت في تلك الفترة مجلات الدعوة والاعتصام والمختار الإسلامي، وكانت جميعها على درجات تملأ الجوانح بالحماسة، وتربط الوجدان بالأمة الإسلامية وآلامها والمشروع الإسلامي وآماله، وإن كانت لا تفعل الكثير في تعميق الفكر، وخلال تلك المرحلة طلقت قراءة الأدب وكتب الثقافة العامة، وانغلقت على القراءات الإسلامية، وهي الحالة التي استمرت إلى أن حدثت اعتقالات 5 سبتمبر 1981 ثم اغتيال السادات في 6 أكتوبر من نفس العام، وهي الأحداث التي كانت نهاية مرحلة قرائية وبداية أخرى بالنسبة لي، وهو ما سيكون موضوع مقالي الثالث في سلسلة رحلتي مع القراءة.
ويتبع >>>>: (صور-11) رحلتي مع القراءة-3
اقرأ أيضاً:
قافلة العمل الخيري الجديد..حدوتة مصرية / وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا