بسم الله الرحمن الرحيم
أقطن منطقة هادئة، وذات يوم، شق السكون صراخا عاليا .. أفزعني.. وتسارعت من أجله دقات قلبي وارتجفت أواصلي، وارتخت أعصابي، شل تفكيري للوهلة الأولى .. تأخرت في معرفة مصدر الصراخ.. أعتقد أني تعمدت هذا، أخاف أن لا أطيق معرفة السبب.. كان الصراخ بغير كلمات مفهومة.. انتقل بعد ذلك لبكاء ونحيب.. فجارنا قد وافته المنية..
إنا لله وإنا إليه راجعون..
تعجب أهل بيتي مني ساعتها.. فأمة الله كاتبة السطور طبيبة.. تشاهد الموت كل يوم وتحب أن ترى الوفاة بعينها وتلقّن!! فلماذا هذه الحالة التي انتابتني؟؟
سرحت بمخيلتي.. فقد تدفقت على عقلي الذكريات.. خلت نفسي قوية..ولكن..هيهات
* تداعت ذكرى إحدى الجارات وقد خرجت من منزلها بقميص النوم تنزف الأنف واللثة وتتورم العينان والشفتان.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. فمعيلها قد انتقصت في قلبه الرحمة,الشهامة والرجولة.. ورأى أن الوسيلة الوحيدة إمطارها بالصفعات والركلات!!
ما زال صوتها الصارخ يدوي في أذني.. ومع صوتها.. صورتها دامية..
* أوائل أيام دخولي مستشفى كلية الطب.. ولجت إلى القسم الداخلي حيث غرفة المحاضرة والدرس العملي.. استرسل المعيد في شرح الدرس.. قاطعته صرخات وصرخات ونواح وعويل
يا الله.. كأنهن في أذني يصرخن.. قال لنا المعيد: لازم تتعودوا.. فنحن في مستشفى وكل يوم يموت المئات.. وللمئات مئات يندبون وفاتهم..
وفعلا أربعة سنوات.. لم يمر يوما إلا وسمعت نواحا وعويلا وصرخات.. وليتني اعتدت عليها بل أن في كل مرة أهتز لها كسابقتها.. وكأنها المرة الأولى..
* ليلا.. والناس نيام.. فتاة تستغيث..ولكن صوتها العالي سرعان ما ابتعد.. لم أجرؤ على فتح نافذة على الشارع.- لا أدري لماذا !! -. ولكني ومن خلف الأبواب سمعت أصوات الشباب.. لم يجدوا شيئا فمن اختطفها ولى بها.. صوتها عالق ما يزال في أذني..وفي مخيلتي ..أحداث ما بعد الاختطاف!!؟؟
* في قسم الأمراض النفسية.. هياج.. مواج... شاب يا فع وكأنه طفل صغير..فقد السيطرة على نفسه..
وفقدوا السيطرة عليه.. أمسكوا به في محاولة لتهدئته.. بغير نفع.. لم يهدأ إلا بعد أن سرت في عروقه المادة المخدرة..
شريط من المواقف المتلاحقة يمر بذهني حيال سماع أي صراخ.. وتنتابني الحالة ذاتها حيالها
أخالني أحتاج لعلاج.... فليس منا من هو بمنأى عن أعطاب المزاج!!
مودتي
واقرأ أيضًا:
يوميات رحاب: يوم أسود.. لا أياام / يوميات رحاب: في الكراكون