بسم الله الرحمن الرحيم
الساعة الثانية عشرة ليلا.. يطرق الباب بقوة ويرن الجرس بتلاحق.. فزعت أمي من نومها
وكنت أنا مستيقظة.. كل منا خرجت من غرفتها.. التقينا مذهولات.. من ولماذا وكل علامات
الاستفهام..
تصلبت أقدامنا بين الذهاب لمعرفة من الطارق وبين التجاهل.. ثم دفعتنا صرخة للهرولة
باتجاه الباب وفتحه.. فوجدنا إحدى الجارات تشير إلى رأسها وتبكي..
ذهبت معي أمي لمنزلها وأخذت السماعة وجهاز الضغط.. إن لم أكن سأسعف ستطمئن لوجود
طبيب بجوارها حتى يأتيها المختص.. انتهى الموقف بحمد الله..
كانت الحالة ارتفاع مفاجئ في ضغط الدم إثر معالجة عصبية لبعض الأمور مع ابنها!!
ونحن نعود بأدراجنا لشقتنا سألت نفسي سؤالا: هل من حق الجارة علي أن تطرق بابي
بعد منتصف الليل وتطلب معونة فأفعل؟؟ ماذا لو لم تكن الوالدة موجودة أو قادرة
على الإتيان معي ؟؟..هل يصح أن يطلبني أيهم في وقت متأخر وأستجيب لطلبه؟؟
وإن لم أفعل لكوني فتاة والوقت متأخر والجيران على الرغم من السنوات العديدة
هم مجهولون بالنسبة ليأ كون مقصرة أو آثمة؟؟
مرت الأيام وتكرر الموقف وكانت أمي تلازم أبي في المستشفى.. إذا أنا وأختي لحالنا
في البيت.. كان الطرق عنيفا مخيفا.. وقررت أن لا أفتح ولا أرد.. وقلبي يعتصر ألما:
ربما يكون مريض.. ونفسي تحدثني.. ربما يكون قد علم بتفّردكما في المنزل..
قلت: أولاد الحرام ما سابوش لأولاد الحلال حاجة!!
بالأمس..
توفيت جارتنا - رحمها الله- ولما ذهبت للعزاء قابلني ابنها بنظرات غريبة
تمتلئ بالتأنيب.. فلم ألتفت لها إلى أن قالت لي أختها: نحن قد طرقنا منزلكم بالأمس
لما تعبت قبل الوفاة على طول!!.. قلت لها: متى؟؟ لم أسمع طيلة مكوثي أو كنت في الخارج
قالت: المغرب كده.. قلت : لا.. لم أكن هناك..
وفي نفسي: اللهم لك الحمد.. لو كانت الاستغاثة ليلا ..لما كنت استجبت لها
خوفا كعادتي.. فتكون نظرات ابنها ذات معنى على الأقل بالنسبة له..
لحظات كثيرة أقولها في نفسي: ليتني كنت رجلا..فأنوثتي تحجبني وتحجّمني
فهل لي أن أقولها؟؟ أم هو من حقي أن أرفض الخروج من منزلي ليلا.. استجابة لطالبي من المتوعكين؟؟
فلا تكون لأمنيتي معنى..
بصراحة أتمنى أن تكون الأخيرة..
فأنا أحب أنوثتي.. وأعتز بها.. في مكانها وبحدودها ولما هو متاح لها.. ولغير ذلك.. فلنبحث له عن الرجّال.. ولاّ إيه؟؟..
ومودتي
واقرأ أيضًا:
يوميات رحاب: طلبت ايدك من أبيك / يوميات رحاب في الحظيرة: