بسم الله الرحمن الرحيم
في أحد المتنزهات.. أجلس في ظل شجرة مع الرفقاء .. والخلفية الصوتية تغاريد العصافير والبصرية الأشجار.. مترامية الظلال في يوم مشمس حار.. وفجأة فزعت إحدى الصديقات يا سااااتر .. غراب!!
فنظرت إلى أعلى الشجرة ووجدت الغراب التي تتستر منه الصديقة.. فسألتها: ليه يا بنت الحلال تتستري بالله الساتر من هذا الغراب؟؟
توقفت عن الإجابة فترة ليست بالقصيرة.. فحثثتها أن تجيب قائلة: ها يا بنتي مالك؟؟
قالت: صراحة أول مرة أتسئل السؤال دا؟؟ وبصراحة أكثر لا أعرف.. تخيلي أن السبب أني طلعت لقيت الناس بتقول كدة!!!؟
قلت لها: يابنتي الله سبحانه وتعالى قد أرسل غرابا يبحث في الأرض ليعّلم آدم كيف يواري سوءة أخيه؟؟
ونحن هكذا بمنتهى البساطة نتعوذ ونتستر ونشطاط رعبا من غير دليل ولا بينة؟؟
....
في الفيوم.. تاني.. لاحظت في مرة أن حمارا يسير خلف صاحبه الصبي الصغير.. وفي مرة أخرى يسير لوحده محمّلا!!
فسألت من كان معي.. لماذا يسخرون من الحمار وهو من أذكى الحيوانات التي إن علمتها طريقها سارت فيه من غير زلل؟؟ وتحمل الأسفار من غير كلل؟؟
في الوقت الذي يمتليء الذي يسبها بكثير من علل؟؟
قال لي مجيبا: يا بنتي ربنا حقره في كتابه وأنت عايزة على آخر الزمن تنصفيه؟؟
قلت: بالله لا نكذب على الله.. فقد نهانا ربنا على علو الصوت وليكون الإنكار شديدا منفرا.. أتانا بمثال لصوت يفتقد العذوبة ويمتاز بالعلو وهو صوت الحمار (سورة لقمان)..
لم يسفه من شأن الحمار.. بل أتى به في موضع آخر كمعجزة لبيان طلاقة القدرة في الخلق والأماتة والإحياء.......
وبما أننا في عصر البرمجة اللغوية العصبية.. أشعر أنها التفسير المناسب لتلك القناعات من غير دليل ولا بينة..
الواحد يخرج من فمه كلمة بمدلول زائف ومن غير تفكير يستوعبها ويصدقها ويتداولها وكأنها اليقين المصدّق.. وينشرها لمن حوله ولمن بعده ويتناسلها فيخرج ابنه وابن ابنه وابن ابن ابنه!!
يرثون نفس اليقين المصدّق الزائف.
فيتعارف الناس على الغراب والحمار بالمدلول السابق ذكره.
ويتداولون المعلومة من غير تفكير.. في حين يجهلون التفسير..!!!!
...
كنت وأنا طفلة- وصراحة إلى الآن - أحب مشاهدة أفلام الكرتون.. فوجدت أبطالها فئران وقطط وخنازير وثعالب وكلاب وحشرات كالنمل والنحل..
ودوما كنت أتعجب لماذا يجعلون للأطفال في المحبب لهم من المادة الإعلامية الكرتونية أبطال على شاكلة ما ذكرت؟؟
وأحسبني وجدت الإجابة: طالما يخاف الطفل من معظم هذه الحيوانات فإظهارها في الفيلم الكرتوني بمظهر الفأر الذكي والثعلب الشجاع والكلب الرقيق والخنزير الوديع!!
والنملة الجميلة والنحلة الطيبة!!!
فسيغير من مفهوم الكره والخوف لدى الأطفال ويستبدله بمفهوم آخر يساعد الأطفال أن يقبلوا على هذه الحيوانات.. وهي طريقة البرمجة الغوية العصبية..
بل وكنا بعد انتهاء عرض الفيلم نشتري أبطاله من اللعب الفرو..
أذكر أن كان عندي فار وقطة:)))
..
ليتنا نعي أفكارنا ونسببها في عقولنا قبل أن تقنع بها النفوس فيكون الكره كرها بيّنا ويكون الحب حبّا بيّنا..
مودتي
واقرأ أيضًا:
يوميات رحاب طبيب الأسنان.. والزمان! / يوميات رحاب: ضرب الحبيب