تصادف حضوري خلال الأيام السابقة عدداً كبيراً – نسبياً- من حفلات الخطوبة والزفاف ( ويا رب كثر أفراحنا على رأى شادية أو فايزة أحمد لا أتذكر في الواقع !).
والأفراح بالطبع شئ مبهج وجميل، تجتمع فيه الأسرة المتفرقة خاصة لو كانت توزعت على عدد من محافظات مصر المختلفة مثل أسرتنا ، وأصبحت الأفراح لدينا ملتقى الجميع.
والملاحظة الأساسية في الأفراح كلها أنها أصبحت نسخة مكررة من بعضها البعض.... موسيقى صاخبة فى البداية تشبه موسيقى mission impossibe عند دخول العروسين من خلال الدي جي D.J ، ويقوم بتشغيله شاب "روش"، ولا أدرى ما علاقة موسيقى تنبئ بالخطر كهذه بحفل زفاف أو خطوبة – ما علينا – ثم ينبعث صوت هشام عباس بأسماء الله الحسنى،وما أن تنتهي أسماء الله الحسنى حتى تبدأ حفلة الرقص،فلا تهتم الفتاة الشابة بالحجاب الذي ترتديه،وتبدأ في هز الوسط والبطن والتلوي ولا أجدع راقصة محترفة،ولا يهتم الرجل الكبير في السن بشيبته.. وطبعاُ من يفتح "البيت" هما العروسان.
المدهش أن هذه المظاهر تجدها في أفراح من يمكنك أن تطلق صفة التدين عليهم، فالعريس يداوم على حضور دروس لحفظ القرآن الكريم، وتجد لديه العديد من الشرائط الدينية ومكتبة إسلامية جيدة، بل كان أحد الأسباب – بعد الله – لدفع وتشجيع صاحبة هذه السطور لسماع الدروس الدينية لأول مرة في حياتي التي وصلت إلى سبع وعشرين عاماً حتى الآن، وهو لا يترك فرضاً إلا ويصليه في المسجد، ولا تصدق أبداً أنه من كان يرقص مثل النساء .
وبعيداً عن الحلال والحرام، فالمنظر العام غير لطيف بل ربما يحمل في جزء منه خروجاً عن المألوف، ويحمل سؤالاً كبيراً: لماذا نقول شيئا ونفعل ما يناقضه؟ وهذا نجده في غالبية أفراح هذه الأيام، نفس المظاهر وربما بنفس الترتيب ونفس الأغاني المذاعة.
وخروجاً من المشهد الضيق في صالات الأفراح، وبنظرة أشمل للمجتمع نجد الصورة لا تختلف كثيراً، بل يسير في نفس الاتجاه من النمطية والنسخ المكررة، أصبحنا نقول نفس الكلام تقريباً: ( اشتغاله – تظبيط – إيه النظام؟ - ترويش..وهكذا ..) بل وأصبحنا نرتدي نفس الملابس تقريباً الشباب في غالبه يرتدى الجينز والتي شرت، ونفس نمط اللبس الموحد للبنات.
أما الأخطر فهي نمطية التفكير، فالغالبية تسعى لامتهان مهنة ما لأنها تحفظ لصاحبها مكانة اجتماعية مميزة أو تدر دخلاً أكبر من غيرها، أو حتى السعي للقيام بالدراسات العليا من أجل الوجاهة الاجتماعية أو لأنها أصبحت موضة، وهكذا في الوقت الذي خلقنا الله مختلفين في الشكل والتكوين الخارجي والداخلي فلا توجد نفسية تتطابق أبداً مع أخرى، ونسعى نحن لمسخ أنفسنا بتحويلها لقوالب نمطية مرة تحت دعوى مسايرة الموضة، ومرة أخرى سعياً وراء NEW LOOK حتى أصبح شكلنا جميعاً نفسه SAME LOOK .
هل السبب رغبة الإنسان الطبيعية لمسايرة المجموع؟ أم هي مجرد محاولة لتقليد الأفضل في نظر الإنسان؟ أم هي مجرد الحصول على قالب نمطي جاهز سابق التجريب؟
معرفة إجابة السؤال تساعد كثيراً في وقف القولبة والنمطية وتحقيق التميز والاختلاف.
واقرأ أيضًا:
لسه جوانا شيء يعشق الحياة ! / يوميات ولاء: اسمه أحمد ! / المصالحة مع النفس