هذه المرة أحمل إليكم ثلاثة اعترافات قاسية هي خلاصة تجربتي كمراقب في اللجان الانتخابية الرئاسية أبدأها بلجنة مدرسة السنية الإعدادية..
كانت الساعة حوالي السابعة والنصف مساء.. اللجنة شبه خالية من الناخبين والشرطة على الأبواب قابلني بعض أنصار الحزب الوطني متسائلين عن سبب وجودي فكان ردي المعتاد منذ التاسعة صباحا"مراقب من حركة شايفينكوم" وسمعت الضحكات والتساؤلات وللأمانة الشديدة لم تقابلني مثل هذه السخافات في مقار أكثر شعبية مثل باب الشعرية فتجاهلت تلك المعاكسات التي لم أتوقعها داخل مقر انتخابي ولست بالشارع لكني اكتفيت بالتعجب من الموقف ومضيت نحو إحدى صالات التصويت وأجريت حوارا رائعا مع المستشار المسئول عنها وأبديت له ملاحظاتي حول وجود دعايات انتخابية وصور للرئيس مبارك داخل المقر الانتخابي بما يتنافى مع قرارات اللجنة العليا للانتخابات.
ثم توجهت إلى الصالة الثانية فإذا بالسادة مناصري الحزب الوطني يتكتلون على مطالبين بأن أسجل تأييدهم للرئيس مبارك فأجبتهم بأني مراقب لأية مخالفات بالعملية الانتخابية فأظهروا لي آثار الحبر الفسفوري على أصابعهم فأريتهم كيف أنني قد أزلته بالجاز والرابسو فأخبروني بحدة إن الرئيس مبارك هو الوحيد الذي يصلح لقيادتنا ومن يعارض ذلك كافر فأجبتهم بأن الدستور كفل حق المواطنة للجميع فزاد توترهم وحدتهم وجاء أحد رجال الشرطة ليجبرنا بأن نبتعد عن باب صالة التصويت فأجبته بأني لا أبغي مناقشتهم وجاء ضابط أعلى رتبة فطلبت أن يبعدهم عني ويوقف احتكاكهم بي لكنه أجابني بلا مبالاة"وهما بيعملوا إيه؟"فازداد صراخهم واقترابهم مني متسائلين"وانتي خايفة مننا ليه؟" فأجبتهم بأن ذلك من حقي بعد ما شهدته الصحفيات والناشطات يوم الأربعاء الأسود"الاستفتاء علي تعديل المادة 76 من الدستور"على أيدي بلطجية الحزب الوطني فاستشاطوا غضبا وقرر عندها الضابط أن عليهم أن يتركوني ولكن وجدتهم يزفونني في حفلة تجريس بالطبلة والرق وهم يهتفون للرئيس مبارك ومواطن يأخذ صورا تسجل إهانتي وانتصارهم كانت عشرة أمتار شديدة الإهانة لكنني تماسكت وإذ بهم يصعدون من استهزائهم بي وهم يغنون من أوبريت الليلة الكبيرة"مع السلامة يا أبو عمة مايلة" والأمن يتفرج والناس خايفة وبعدها بعدة أمتار وأنا أسير وحيدة وجدت مواطنا يعتذر لي قائلا ربنا معاكم بس مفيش فايدة فلن يتخلى الحزب الوطني عن بلطجيته.
وبعدها بيوم تابعت المؤتمر الصحفي للجنة الرئاسية العليا مندهشة من نفيهم للانتهاكات المسجلة صوتا وصورة والتي جاءت في أسئلة الصحفيين والمراسلين فقلت أنا أيضا مفيش فايدة إنهم مصرون على جرنا إلى الوصاية الدولية وأدركت حجم الانقسام داخل القضاة وزاد همي تحليل صديقتي بأن مذبحة القضاة والإبعاد قادمة لا محالة فماذا نفعل؟
اقرأ أيضاً:
أيوه تمثيلية بس مش حأقاطع / كله يشبهللو...وأنا تبع نجيب محفوظ