منذ أعوام زارتنا في القاهرة فتاة عراقية هي ابنة لأسرة عراقية تعيش في أكسفورد-بريطانيا، ولاحظت دأبها في كتابة اليوميات، الأمر الذي أفتقده جدا ودائما!!!
مثلا في رحلتي الأخيرة وددت لو أكتب يومياتي كل لحظة، أرصد كل يوم، كل شعور، كل خاطرة، للأسف لم يحدث ولكن لا مفر من كتابة تلك الذكريات التي تلاحقني، وتزدحم بها رأسي، وترتيب الذكريات في الدماغ هو شيء صعب لأنها تتداخل، ولكن المحاولة هي من هواياتي المفضلة.
مصر للطيران، ذهابا – 25/11/2005
منذ وقت بعيد لم أسافر على طائرات مصر للطيران، قصتي مع تلك الشركة في سفرتي الأولى إلى بريطانيا كانت من النوع التراجيدي العبثي، ولكنها قصة طويلة لا أريد أن أزعج نفسي بها الآن !!
فأنا أكتب في الطائرة العائدة بي إلى القاهرة من كوبنهاجن، وهي لشركة متحالفة مع مصر للطيران، الملفت أن رحلتي هذه المرة مسافرا من القاهرة تركت لدي انطباعا أن هناك محاولات لا بأس بها إطلاقا لتحسين الخدمة على شركتنا الوطنية للطيران، وإن كان الكل يشكو منها غالبا، فالإنصاف يقتضي أن أقول أن رحلتي هذه -على الأقل- كانت جيدة "إلى لندن"، صحيح أن الإقلاع تأخر بعض الشيء، ولكن المقاعد مريحة، والوجبة جيدة، وحتى التواليت لم أره من قبل في طائرة من حيث الاتساع، ويبدو أن هناك أيضا نوع من التحديث في أسطول الطائرات أو هندسة الطائرات العاملة فعلا –من الداخل على الأقل– ولفت نظري أيضا حسن اختيار البرامج الإذاعية أو الصوتيات والمرئيات على الطائرة، ولاحظت أن هناك بالمقابل اتجاه لخفض تكاليف الرحلة على بعض الخطوط، وبالتالي فإن هذه الخطوط لا تقدم الوجبة المعتادة، ضمن سعر التذكرة، بل تبيع لك الطعام والشراب بحسب رغبتك إن أردت –أو تقضي المسافة على "لحم بطنك" كما نقول في مصر، وشركتنا الوطنية ليست كذلك –حتى الآن– والصوتيات تضمن قناة مخصصة لعبد الوهاب، وأخرى لعبد الحليم حافظ، وثالثة لقطات من بعض حلقات "ساعة لقلبك" البرنامج الإذاعي القديم الذي أحبه، ويعطي فكرة عن بعض تكوين الكوميديا المصرية الإذاعية "على الأقل"
في قناة عبد الوهاب "استمعت إلى أغنية توقف الإعلام المصري عن بثها –تقريبا– ولا أدري لماذا !! وهي أغنية "يا سماء الشرق"، وفكرت أن أبحث عنها على الإنترنت لما تتضمنه من معاني جميلة، ولغة راقية، مثل أغلب أغاني عبد الوهاب، ومن جهة الموسيقى والكلمات يضيق صدري ولا ينطلق لساني حين أرى بعيني الكوارث الغنائية التي يسمعها الناس هذه الأيام، حيث لا موسيقى ولا كلمات "غالبا"، حتى قلت لنفسي أننا في مرحلة يغني فيها البشر بأجسادهم، ونسمعهم نحن بعيوننا!!"
وآخر ما سمعت أو بالأحرى شاهدت تلك الفتاة التي ترقص طوال الأغنية مبدلة ثيابها بين العاري والأكثر عريا، ولا تكاد الكلمات تتعدى الخمس كلمات طوال الأغنية!! ثم في المقطع الأخير تقرر الأغنية ألا تترك المغزى خافيا على المشاهد، فتقول الأغنية/الفتاة: بص علي بص، وهذه سابقة لم تحدث من قبل في اعتقادي -أن تدعو الفتاة/المغنية المشاهد أو حتى الحبيب أو أي أحد إلى أن ينظر إليها، وإلا فكيف ينظر لو كانت هذه الأغنية مسجلة أو مذاعة صوتا فقط؟! إذن في أغاني اليوم لا تسأل عن الكلمات، ولا عن المعاني فقط الصورة قبل شيء !!!
الكارثة هنا تكمن في العلاقة المتلازمة بين اللغة التي نتداولها والتفكير، والعقل بالتالي الذي نعيش به فهل يبدو هذا جزءًا من التفسير للانحطاط العقلي والتخلف في التفكير والتعبير عند الفرد العادي عندنا ؟!! يبدو ذلك
*اقرأ أيضاً:
على باب الله: عائد من استانبول/ على باب الله: لندن دفء الحب