منَّ الله عليَّ في الأيام الأخيرة الماضية ببضعة جنيهات من فئة الجنيه المصري العائم معدوم القيمة والعافية! فحمدت الله على كل حال، واستعذت به من حال أهل النار، وقلت في نفسي: لماذا لا أفعل كما يفعل الناس؟!
ولا يشردن ذهنك بعيدا -سيدي- فما يفعله الناس الآن ليس هو ذاته ما كانوا يفعلونه زمان! فما يفعلونه الآن هو أنهم يحملون «محمولاً»!! وما سمي «المحمول» إلا لأنه «يُحمَل»، ثم يرضع، ليس حولين كاملين، وإنما يظل يرضع من مالك؛ حتى يصير كأنه أحد عيالك!!
وقلت: «هو أنا يعني عليَّ الغضبة من دون الناس»؟! كل الناس الآن أصبحوا يحملون «محمولاً»، فلماذا لا «أحمل» أنا الآخر -ولا تفهمني خطأ- وأنضم إلى نقابة «الحمالين»، ولا أعني بالطبع «حمالي الأسية» على رأي السيدة «فايزة أحمد»؛ فهؤلاء تتسع دائرتهم حتى تطحن معظم أفراد شعبنا الطيب المغلوب على أمره؛ وإنما أعني كما سبق وقلت: «حمالي المحمول»!
المهم، وحتى لا أطيل عليكم كخطباء جُمع هذه الأيام المصابين بـ«شهوة الميكرفون» كما كان يقول أستاذنا الدكتور عبد الواحد علام رحمه الله؛ فقد عزمت وتوكلت على الله وخرجت للشراء.
أخذت ألف وأدور حول المحلات والشوارع الشهيرة، تعبت من اللف والدوران، تساءلت: ما هذا الكم الهائل من الأنواع و«الأنظمة»؟! وكل صاحب بضاعة «سالف عليها» يحلِّي فيها، ويعرض لك مزاياها متغاضيًا عن عيوبها؛ وذلك على مذهب «من غشَّنا فقد حشَّنا»! أي: ضحك علينا وسرق فلوسنا وأعطانا بضاعة مضروبة.
الأهم، انتقيت أحد تلك الأنواع، واشتريت له خطًّا من تلك الخطوط المتعددة أيضًا، والمختلفة إلا في «شفط الجيوب»، وأصبحت والحمد لله بعد عمر طويل من حمالي المحمول!!
ربما قد «قرف» مني أحد القرَّاء الآن وهو يقول: ما لهذا الرجل يصدِّعنا بالحديث عن محموله، ألم «يحمل» أحد إلا هو؟! ثم ألا يرى «النظام» كل يوم ينادي بترشيد «الحمل» ويتحدث عن مخاطره؟!
وبناء على هذا القرف، وبما أن النظام دائمًا على حق! فسأدخل في الموضوع الآن، الموضوع يا سيدي القرفان مثلي تمامًا هو أنني لا أدري لماذا حين رأيت ذلك التعدد في الأجهزة والخطوط تذكرت الأنظمة التي تحكم البشر في عالمنا التعيس هذا، ووجدت أنها -«بالبلدي» ودون الدخول في أيديولوجيات أصدِّع بها رأسك مرة أخرى- لا تكاد تخرج عن أنواع ثلاثة:
النوع الأول: النظام الديجيتال:
وهو نظام جاء عن طريق الشعب، فهو يحكم الشعب، والشعب يحكمه في ذات الوقت، بمعنى أن الحكم يقوم على مجرد تفويض من الشعب لتنظيم أموره يقدمه للبعض، وهؤلاء البعض يحصلون بموجبه على «بعض» الصلاحيات التي تساعدهم على عملية التنظيم تلك، والشعب يعطيه الصلاحيات ثم يقف فوق رأسه يحسب عليه أخطاءه ويوبخه عليها، فإذا رأى أنها زادت عن الحد؛ انتظر أقرب فرصة -قبل أن يتغير النظام من تلقاء نفسه- فرماه في الشارع وغيَّر «الكالون»!!
والشعب في هذا النوع من الأنظمة يحصل على حقوقه «تالت ومتلت»؛ سياسيًّا وفكريًّا وماديًّا.
النوع الثاني: نظام «أحسن من مفيش»!!
وهو نظام لا يأتي عن طريق الشعب، وإن كان يزعم أن الشعب هو الذي اختاره؛ لأنه يحبه هو وأجداده وآباءه وأبناءه الذين أخذوا العهد من الشعب وهم لا يزالون في رحم الغيب!
وهذا النوع من الأنظمة يتصرف بمطلق الحرية، ويتخذ مواقف على «كيفه»! وتقول لي: لماذا لا يثور الشعب؟! أقول لك: لأنه لا يحب وجع القلب! فهذا النظام كما قلنا «أحسن من مفيش»، بمعنى أنه رغم مساوئه السياسية والفكرية، إلا أن محاسنه المادية بحكم الوضع المادي تتطغى على كل مساوئه، وذلك على مذهب: «أطعم الفم تتلهي العجول»! أقصد: «العقول».
وما لهم يثورون وهم يعيشون مرفَّهين، يجدون لقمة مليحة، ونومة مريحة، وزوجة صبيحة، ليست زوجة واحدة، بل مثنى وثلاث ورباع!
وهناك شبه اتفاق بين الشعب والنظام يقوم على مبدأ الجيرة؛ يعني: صباح الخير يا جاري؛ أنت في طبخك وأنا في خضاري!! وحالهما كما قال الشاعر:
فهذا زاهد في قرب هذا وهذا فيه أزهد منه فيه!
النوع الثالث: النظام «المتعدد الإعاقة»:
مع الاعتذار لإخواننا من ذوي الاحتياجات الخاصة، فهذا قدرهم وقدرنا!!
وهذا النظام لا يأتي عن طريق الشعب، ولا يستطيع الشعب بالتالي أن يخلعه، وهو أيضًا لا يذهب بذهاب أفراده، الذين لا يذهبون بالصورة التي تخيلتها -أيها القارئ- بمعنى أنهم يروحون ويجيئون ويتغيرون مثل خلق الله، وإنما يكون ذهابهم بأن يقتَّلوا ويغربلوا! أو تقطَّع أيديهم وأرجلهم من خلاف! أو أن يموتوا «موتة ربنا»! (والعياذ بالله) فينتزع الله أرواحهم الآثمة ويقذف بها في سابع أرض!
هذا النظام ليس فيه أي ميزة؛ سوى أنه كله عيوب! كما قلنا: «متعدد الإعاقة»؛ يعني لا سمع ولا بصر، ولا حس ولا دم حتى!! يحمل «التورتة» كاملة بين يديه، ثم يخرج لسانه لصاحبها (الذي هو الشعب) ويقول له: بعينك!! وإذا تكرم ومنحه «فتفوتة» صغيرة يفضحه ويجرسه، ويجعل من اليوم الذي اختلج عليه فيه عرق الكرم عيدًا سعيدًا وبعثًا مجيدًا! وخطوة عظيمة واسعة على طريق الأنظمة «الديجيتال»!!
والشعب مع مثل هذا النظام (وهو أهل لذاكا) لا هو في العير ولا في النفير، ولكن مع الحمير وبئس المصير!! ومع الأوتاد وبئس المهاد!! وقديمًا قال الجاهلي «الحرُّ»:
ولا يقيم على ضيم ألمَّ به إلا الأذلاَّن عير الحي والوتد!
ولا يذهب ذلك النظام كما قلنا بذهاب أفراده، وإنما يتوارثه أفراد من نفس «العينة»! دون أن يحرك الشعب ساكنًا، فوقتها يكون ما زال مكلومًا في المتقين الأخيار؛ الذين كانوا «روحه روحه روحه»!! على رأي «محمد هنيدي»، وأتذكر في تلكم المواقف مثلاً تقوله العجائز صويحبات الحكمة «المجردة» في قريتي؛ يقولون في المواقف المشابهة: بعد ما راح المقبرة، ولا تنتظر مني أن أكمل لك المثل؛ فقد نسيت بقيته، وكل ما أتذكره أنها كانت حاجة مسخرة!!
وحين يفيق الشعب الحزين على أوليائه الصالحين يجد الأمور هادئة، وقد استقر الزِّمام بيد الإمام، فلا يجد داعيًا لقيل وقال، وكثرة السؤال، فقد ضاع المال! وطلع القصب، وبالتالي فلا داعي «للزعزعة»، وينادي الجميع: «خد الجميل» يا قصب، رغم أنه «مسوِّس» و«دِلع» ولا يساوي «التعريفة» الله يرحمها!!
الآن، لا أدري ما الذي أخرجنا من سيرة «المحمول والخطوط» وأدخلنا في سيرة «القصب والزعازيع»، لكن لا بأس، فعصير القصب مفيد ويمنحك طاقة على «الحمل»، جعلك الله من خيرة الحمَّالين، ولا أضاع لك محمولاً، آمين!!
واقرأ أيضاً:
بيدي لا بيد عمرو.. / القعقاع بن عمرو.. ونهى الزيني / الإله.. هل هو خرافة؟!
ولا يشردن ذهنك بعيدا -سيدي- فما يفعله الناس الآن ليس هو ذاته ما كانوا يفعلونه زمان! فما يفعلونه الآن هو أنهم يحملون «محمولاً»!! وما سمي «المحمول» إلا لأنه «يُحمَل»، ثم يرضع، ليس حولين كاملين، وإنما يظل يرضع من مالك؛ حتى يصير كأنه أحد عيالك!!
وقلت: «هو أنا يعني عليَّ الغضبة من دون الناس»؟! كل الناس الآن أصبحوا يحملون «محمولاً»، فلماذا لا «أحمل» أنا الآخر -ولا تفهمني خطأ- وأنضم إلى نقابة «الحمالين»، ولا أعني بالطبع «حمالي الأسية» على رأي السيدة «فايزة أحمد»؛ فهؤلاء تتسع دائرتهم حتى تطحن معظم أفراد شعبنا الطيب المغلوب على أمره؛ وإنما أعني كما سبق وقلت: «حمالي المحمول»!
المهم، وحتى لا أطيل عليكم كخطباء جُمع هذه الأيام المصابين بـ«شهوة الميكرفون» كما كان يقول أستاذنا الدكتور عبد الواحد علام رحمه الله؛ فقد عزمت وتوكلت على الله وخرجت للشراء.
أخذت ألف وأدور حول المحلات والشوارع الشهيرة، تعبت من اللف والدوران، تساءلت: ما هذا الكم الهائل من الأنواع و«الأنظمة»؟! وكل صاحب بضاعة «سالف عليها» يحلِّي فيها، ويعرض لك مزاياها متغاضيًا عن عيوبها؛ وذلك على مذهب «من غشَّنا فقد حشَّنا»! أي: ضحك علينا وسرق فلوسنا وأعطانا بضاعة مضروبة.
الأهم، انتقيت أحد تلك الأنواع، واشتريت له خطًّا من تلك الخطوط المتعددة أيضًا، والمختلفة إلا في «شفط الجيوب»، وأصبحت والحمد لله بعد عمر طويل من حمالي المحمول!!
ربما قد «قرف» مني أحد القرَّاء الآن وهو يقول: ما لهذا الرجل يصدِّعنا بالحديث عن محموله، ألم «يحمل» أحد إلا هو؟! ثم ألا يرى «النظام» كل يوم ينادي بترشيد «الحمل» ويتحدث عن مخاطره؟!
وبناء على هذا القرف، وبما أن النظام دائمًا على حق! فسأدخل في الموضوع الآن، الموضوع يا سيدي القرفان مثلي تمامًا هو أنني لا أدري لماذا حين رأيت ذلك التعدد في الأجهزة والخطوط تذكرت الأنظمة التي تحكم البشر في عالمنا التعيس هذا، ووجدت أنها -«بالبلدي» ودون الدخول في أيديولوجيات أصدِّع بها رأسك مرة أخرى- لا تكاد تخرج عن أنواع ثلاثة:
النوع الأول: النظام الديجيتال:
وهو نظام جاء عن طريق الشعب، فهو يحكم الشعب، والشعب يحكمه في ذات الوقت، بمعنى أن الحكم يقوم على مجرد تفويض من الشعب لتنظيم أموره يقدمه للبعض، وهؤلاء البعض يحصلون بموجبه على «بعض» الصلاحيات التي تساعدهم على عملية التنظيم تلك، والشعب يعطيه الصلاحيات ثم يقف فوق رأسه يحسب عليه أخطاءه ويوبخه عليها، فإذا رأى أنها زادت عن الحد؛ انتظر أقرب فرصة -قبل أن يتغير النظام من تلقاء نفسه- فرماه في الشارع وغيَّر «الكالون»!!
والشعب في هذا النوع من الأنظمة يحصل على حقوقه «تالت ومتلت»؛ سياسيًّا وفكريًّا وماديًّا.
النوع الثاني: نظام «أحسن من مفيش»!!
وهو نظام لا يأتي عن طريق الشعب، وإن كان يزعم أن الشعب هو الذي اختاره؛ لأنه يحبه هو وأجداده وآباءه وأبناءه الذين أخذوا العهد من الشعب وهم لا يزالون في رحم الغيب!
وهذا النوع من الأنظمة يتصرف بمطلق الحرية، ويتخذ مواقف على «كيفه»! وتقول لي: لماذا لا يثور الشعب؟! أقول لك: لأنه لا يحب وجع القلب! فهذا النظام كما قلنا «أحسن من مفيش»، بمعنى أنه رغم مساوئه السياسية والفكرية، إلا أن محاسنه المادية بحكم الوضع المادي تتطغى على كل مساوئه، وذلك على مذهب: «أطعم الفم تتلهي العجول»! أقصد: «العقول».
وما لهم يثورون وهم يعيشون مرفَّهين، يجدون لقمة مليحة، ونومة مريحة، وزوجة صبيحة، ليست زوجة واحدة، بل مثنى وثلاث ورباع!
وهناك شبه اتفاق بين الشعب والنظام يقوم على مبدأ الجيرة؛ يعني: صباح الخير يا جاري؛ أنت في طبخك وأنا في خضاري!! وحالهما كما قال الشاعر:
فهذا زاهد في قرب هذا وهذا فيه أزهد منه فيه!
النوع الثالث: النظام «المتعدد الإعاقة»:
مع الاعتذار لإخواننا من ذوي الاحتياجات الخاصة، فهذا قدرهم وقدرنا!!
وهذا النظام لا يأتي عن طريق الشعب، ولا يستطيع الشعب بالتالي أن يخلعه، وهو أيضًا لا يذهب بذهاب أفراده، الذين لا يذهبون بالصورة التي تخيلتها -أيها القارئ- بمعنى أنهم يروحون ويجيئون ويتغيرون مثل خلق الله، وإنما يكون ذهابهم بأن يقتَّلوا ويغربلوا! أو تقطَّع أيديهم وأرجلهم من خلاف! أو أن يموتوا «موتة ربنا»! (والعياذ بالله) فينتزع الله أرواحهم الآثمة ويقذف بها في سابع أرض!
هذا النظام ليس فيه أي ميزة؛ سوى أنه كله عيوب! كما قلنا: «متعدد الإعاقة»؛ يعني لا سمع ولا بصر، ولا حس ولا دم حتى!! يحمل «التورتة» كاملة بين يديه، ثم يخرج لسانه لصاحبها (الذي هو الشعب) ويقول له: بعينك!! وإذا تكرم ومنحه «فتفوتة» صغيرة يفضحه ويجرسه، ويجعل من اليوم الذي اختلج عليه فيه عرق الكرم عيدًا سعيدًا وبعثًا مجيدًا! وخطوة عظيمة واسعة على طريق الأنظمة «الديجيتال»!!
والشعب مع مثل هذا النظام (وهو أهل لذاكا) لا هو في العير ولا في النفير، ولكن مع الحمير وبئس المصير!! ومع الأوتاد وبئس المهاد!! وقديمًا قال الجاهلي «الحرُّ»:
ولا يقيم على ضيم ألمَّ به إلا الأذلاَّن عير الحي والوتد!
ولا يذهب ذلك النظام كما قلنا بذهاب أفراده، وإنما يتوارثه أفراد من نفس «العينة»! دون أن يحرك الشعب ساكنًا، فوقتها يكون ما زال مكلومًا في المتقين الأخيار؛ الذين كانوا «روحه روحه روحه»!! على رأي «محمد هنيدي»، وأتذكر في تلكم المواقف مثلاً تقوله العجائز صويحبات الحكمة «المجردة» في قريتي؛ يقولون في المواقف المشابهة: بعد ما راح المقبرة، ولا تنتظر مني أن أكمل لك المثل؛ فقد نسيت بقيته، وكل ما أتذكره أنها كانت حاجة مسخرة!!
وحين يفيق الشعب الحزين على أوليائه الصالحين يجد الأمور هادئة، وقد استقر الزِّمام بيد الإمام، فلا يجد داعيًا لقيل وقال، وكثرة السؤال، فقد ضاع المال! وطلع القصب، وبالتالي فلا داعي «للزعزعة»، وينادي الجميع: «خد الجميل» يا قصب، رغم أنه «مسوِّس» و«دِلع» ولا يساوي «التعريفة» الله يرحمها!!
الآن، لا أدري ما الذي أخرجنا من سيرة «المحمول والخطوط» وأدخلنا في سيرة «القصب والزعازيع»، لكن لا بأس، فعصير القصب مفيد ويمنحك طاقة على «الحمل»، جعلك الله من خيرة الحمَّالين، ولا أضاع لك محمولاً، آمين!!
واقرأ أيضاً:
بيدي لا بيد عمرو.. / القعقاع بن عمرو.. ونهى الزيني / الإله.. هل هو خرافة؟!