صبرك معايا شوية.... دون اندفاع أو خلط ّ!!
هل هناك علاقة بين طريقتنا في التعامل مع الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وبين استقبال وتفاعل بعضنا مع مشاركتنا في كأس الأمم الإفريقية؟!
تأملوا معي في هذا النمط من الحملات والمواقف والتحركات والتظاهرات الآمنة، تأملوا معي في أسلوب"الفُرْجَة" الذي صار يحكم تصرفات أغلبنا، تأملوا معي كيف تلعب الميديا بقائمة الأولويات والاهتمامات والقضايا تأملوا معي كيف نستخدم تقنيات الاتصال الحديثة في الإعلام والتعبئة؟!!!
مغامرة سخيفة من رسام يعيش في بيئة غير مبالية بالدين كله، وفي مناخ مشحون بالتخويف من الإسلام، وبيزينس الربح بالعنصرية ضده، رغم جهل الأغلبية به!!!!!!!
وبدلا من معالجة الخوف والعنصرية والجهل والخلط بين الإسلام والإرهاب، بين النبي صلى الله عليه وسلم، وبن لادن وصحبه، بدلا من أن نطلق حملة عالمية للتعريف بهذا الإنسان العظيم الرائع، رحمة الله للعالمين، صلى الله عليه وسلم، وسلوكنا نحن أتباعه، وأغلبهم لا يدل عليه، ولا يمت بصلة أحيانا له!!!
بدلا من برنامج متوسط وطويل المدى لتحسين وتفعيل دور ومكانة الجاليات الإسلامية في أوروبا والعالم، بدلا من انتهاز الفرصة لفتح حوار ساخن وعميق حول حدود حرية التعبير، وعلاقة الدين بالفن ومناخ الكراهية والعداء ضد الإسلام والمسلمين دون تمييز أو معرفة.
بدلا من هذا الجهد والجهاد اقتصرنا غالبا على نوع واحد من ردود الأفعال، أعني الغضب والمقاطعة وحرق الأعلام ورسائل التهديد. طبعا من واجبنا، ومن حقنا أن نغضب، وأن نستخدم كل الوسائل المناسبة للتعبير عن هذا الغضب ومنها المقاطعة، ولكن ماذا أيضا بعد الغضب وتداعياته؟!!! كيف نمتلك القدرة على فعل مختلف غير مجرد حملات الصراخ والاستنكار والشجب والدعاء باللعن؟!!! والضغط بالمقاطعة؟!
أقول لك: نحن في الغالب أحببنا ها الأسلوب، واستخدمناه حكومات وشعوبا لأنه سهل وآمن.
صعب أن تخاطب الناس على قدر عقولهم، وصعب أن تفرق بين متعصب كاره، وغافل جاهل، ونصير محتمل، لأن هذا التفريق يعقبه تخطيط وعمل مستقل يستهدف كل فئة بما يناسبها، ونحن لا وقت لدينا لهذا أو ذاك، لأننا مضغوطون بالمخاوف، وكسر الإرادة، وتخلي الحكام، وبتجاهل أغلب العالمين، وجهل أغلب الناس بما هو كائن، وبما يمكن أن يكون، إصلاحا وتفاعلا وشهادة على الخلق أجمعين.
ونحن تعودنا على الغضب السريع المندفع نحو إشعال الحرائق لا الغضب العميق الواعي الدافع للمعرفة والفعل النافع!! ومثل ذلك في المواطنة الآمنة، والانتماء السهل الذي يخلط المتعة بحب الكرة، ويضع فوق رأسه قبعة بلون العلم، ويصبغ وجهه بألوانه!!
حشود تزحف وتهتف لمصر دون أن تحاصرها جحافل الأمن المركزي، أو تلاحقها العصا الكهربائية وعربات الترحيل الزرقاء، أو خراطيم المياه أو تمزيق الملابس، أو انتهاك الأعراض!!!
إنه الوطن اللذيذ اللامع على شاشات البلازما، المختصر في أحد عشر لاعبا، وكرة تذهب يمينا أو يسارا فتتعلق بها الأبصار، أو تدخل إلى شباك المرمى فتصرخ الملايين جوووون.... وتحيا مصر!!!
من واجبنا، بل ومن حقنا أن نستمتع باللعبة الحلوة، وأن نحب ونعبر عن حبنا لبلدنا في الملعب، ولكن ماذا أيضا؟! وكيف نحبها في المصنع والمدرسة والشارع وكل بيت؟!
رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر منا نصرة لدينه بأفعال ووسائل وخطط وإجراءات وعمليات ومبادرات أكثر وأكبر وأحسن مما نفعل، وأزعم أن مصر تحتاج أكثر إلى وطنية أخرى، ومواطنة أخرى أنفع وأبقى، رصد ما هو موجود مهم، واستيعابه وتحليله جدير ببذل الجهد، ثم نقده وتطويره هو الأهم، وفي متناول الجميع، والله أعلم.
ويتبع >>>>>>: مغامرات في السليم، صبرك علينا شويه
** اقرأ أيضا:
على باب الله رسل النور / على باب الله : التفكيك والتشكيك