دُفعتي في الإذاعة المصرية من الدفعات التي خلَّلت في التدريب والتصنيف والتوزيع على الشبكات الإذاعية المختلفة ليس عن تدقيق وتمحيص ولكن نتيجة لنظام مركزي فوضوي متضارب المصالح والأهواء. ومع ذلك أعترف بأننا قد تدربنا علي أيدي محترفين أكفاء، ربما لم يقدموا لنا كل شيء لكنهم أفادونا بالكثير ثم تلقى كل منا خبرته حسب قدرته وخلفيته.
ولكن البدايات كانت مليئة بالمواقف التي لن أنساها، مثلا ليلة اختباري الأول جلست مع صديقي الجميل المخرج المبدع رضوان الكاشف ليدربني فكان يتلو الجريدة بأداء البي.بي.سي الشهير والحمد لله أني كنت شديدة الخجل فلم أقلده.
وبعد قراءتي لبضعة أسطر داخل الأستوديو طلبت اللجنة مقابلتي فبدلاً من أن أجلس على الكرسي كدت أنبطح أرضاً ومع ذلك أسعفتني بديهتي بالتعليق بأنها المرة الأولى التي أواجه فيها لجنة. وحاصروني حيث كنت قد كتبت في بياناتي أني حاصلة على دبلوم نظم سياسية واقتصادية في الشئون الإفريقية بـ"هل تشتغلين بالسياسة؟" فأيقنت وقتها سيطرة العقلية الأمنية على الإعلام وهو ما كنت أسمع عنه من قبل.
أما ما لا أدري كيف تم أو كيف أفلتُ منه وعلام يدل إن دل أصلاً على شيء فهو نتيجة التصنيف من قِبَل اللجنة المنوط بها توزيعنا على المحطات الإذاعية بعد سنة ونصف من التدريب، ألا وهو التوصية بعملي كمذيعة للبرامج الدينية والتي أربطها بالحملة التي تعرضت لها من خلال تقديمي لبرنامج اعترافات ليلية والمذكرة أو الاتهام الذي وجهته رئيستي ضدي بقولها "يتهافت الشباب على صوتها" ولكم أن تدركوا المعنى الخفي لاختيار تلك التهمة في تحقيق داخلي بشأن وقف البرنامج.
عموما قد تكون رئيستي السابقة على حق وقد اعتبرت اتهامها لي شرفاً، وقد تكون اللجنة أيضا لها نفس الحق وربما خسرتني البرامج الدينية (أو خسرتها) ولكن نصيحة أستاذي الرائع "صبري سلامة" صاحب برنامج "ع الماشي" والذي تدربنا على يديه في البداية هي ما أردت أن أرويها لكم: صار تصنيفي مثاراً لدهشة جميع زملائي فطمأنني أستاذ صبري سلامة مبدئياً إلي أن توزيعي لن يكون على إذاعة القرآن الكريم حيث أنها لم تكن تعين وقتها نساءً وبأن أملي في أن مكاني هو البرنامج العام حيث سأخضع للتدريب الداخلي الذي سيتم بناء عليه التصنيف النهائي كمذيعة هواء أو مقدمة برامج. وقد علمني هذا كله بأن لا أقع سجينة تصور وتصنيف الآخرين لي بل أفعل ما أؤمن به وأصدقه وساعتها سيتعلم الآخرون أن يتعاملوا معي كما أنا لا كما يصنفونني.
اقرأ أيضاً:
يا سابل الستر / ا بابا وماما فين يا محمد؟