اسمها (أفنان) عمرها عشر سنوات، جميلة، رقيقة، يبدو الذكاء في كل ملامحها، تبدو متحدية، عازمة على أن تعبر عن نفسها أياً كانت الظروف، جنسيتها فلسطينية، سألتها ضمن عدد من الأسئلة التي وجهتها لكل الأطفال: ما هو العنف؟ وما هو السلام؟ فقالت:
"العنف هو كل سلوك يفعله شخص آخر ليؤذيك ويجرحك، سواء كان ذلك العنف نفسيا أو جسميا، ويسبب لك الارتعاب" فقلت وما السلام، قالت" الأمان، الراحة، عدم الارتعاب، إإإإإمم" ثم صمتت فقلت لها ممكن تحكي للأطفال أصحابك المصريين ما ترينه من عنف خاصة النفسي منه؟ فقالت "إحنا بلد محتلة، واليهود بيعملوا عنف نفسي علينا طول الوقت"، فقلت لها وضحي لنا أكثر؟ فقالت "تمرُّ علينا طائرات إسرائيلية تضغط هواء في الجو، وتسبب صوت مرعب من قوته يسبب ارتعاب ويكسر النوافذ، وأنا أختي صار ليها سنتين مريضة من الرعب من الأصوات ديه، ولا علاج لها إلى الآن".
صمت الجميع، وعرفت أن هؤلاء الأطفال يدركون، ويفهمون، ويشعرون، ربما بما لا نصل له نحن الكبار.
شعرت بعدة مشاعر متداخلة، فرحت بهذه الطفلة التي جاءت من بلادها لتعبر عن رأيها في السلام للأطفال، وحزنت لما يعانيه أطفال العالم من ألم وحزن يفوق بمراحل أعمارهم الصغيرة، وقلوبهم الرقيقة، وذلك من خلال ما نمارسه نحن الكبار عليهم من عنف، وعدوان وكبت لحرياتهم، ورفض لأرائهم، ومحاولة دائمة لطمس شخصياتهم.
ادعوا الله لي ولكم، ولكل الكبار (سناً) أن يتركوا مساحة لهؤلاء الأطفال ربما استطاعوا أن يصلحوا ما أفسدناه، ونفسده كل يوم، في كل بقاع الأرض، وبإصرار غير عادي على انتزاع كل ما هو جميل، ونافع، من كل جوانب الحياة.
وبيد أن الصغار قادمون يا سادة، فهل أنتم مستعدون؟؟؟؟
نسيت أقولكم:
أنا قابلت أفنان وغيرها من الأطفال من دول العالم العربي (مصر، لبنان، والسودان، والأردن، .....) في مؤتمر السلام للأطفال والذي عقدته المدارس الناطقة بالفرنسية، تحت رعاية السيدة الفاضلة سوزان مبارك.
وأنا هناك ومن روعة ما شاهدت كتبت لصديق عزيز أراه مكتئبا، قلت له لو كنت معي كنت ودعت اكتئابكم لو لدقائق، ورأيت أن هناك بصيصا من الأمل في هؤلاء الصغار، فلنحلم معهم، وإن لم نستطع فلنتركهم يحلمون، وهذا أضعف الإيمان.
حفظكم الله وأولادكم من كل شر.
اقرأ أيضا:
السلام حلم الطفولة في الشرق الأوسط / وللعب فوائد أخرى / هل ابنك عنده أوتيزم Autism (توحد)؟ / عنف الزوجات مشاركة