سألت هبة الفتاة التي تساعدني في الأعمال المنزلية تفتكري أكتب عن إيه... تحيرت في الإجابة.ثم أجابتني مساءً عن رغبتها في أن أكتب عن الافتقاد إلى الحب ولماذا هناك أناس يعيشون في حنان وافر فياض بينما فتاة مثلها لم تشعر بالحب لا من أمها ولا من أبيها وحُرمت من إكمال تعليمها...
بيني وبينكم بقدر تعاطفي معها إلا أني انقبضت فهي محرومة من كل ما لدينا لكني حاولت مساعدتها بالكلام عن عدم الوقوع لأسر آلام الماضي بل تحديه وألا نكون بذلك هادرين للحاضر وما به من نعم بين أيدينا وأن الفرص لا تنتهي طالما نصحو من النوم فنجد أنفسنا مازلنا نتنفس...
وفي اليوم التالي أهديتها قلباً أحمر أهداه إلى صديقي طارق عبد الجابر بالنيابة عن زملائي في راديو مصر اليوم دوت كوم فقد أحسست أنها تحتاجه أكثر مني.
وفي نفس اليوم كنت أبحث في مكتبتي بالغرفة التي تنام بها عن كتاب أحتاجه وفتحت الخزانة الصغيرة التي تحتوي على كنزي الذي ادخرته لشيخوختي كي أتملى وأحصل على بعض النشوة، إنها تحوي أكثر من ستين شريط كاسيت جمعتهم كعب داير من كل أنحاء مصر البدوية والنوبية والريفية والصعيدية من أغاني وعادات وتقاليد وموالد مسلمة ومسيحية...
كنزي الأثير كان مبعثراً وعلب الكاسيت فارغة فتذمرت من ابنتي التي تعبث بأشيائي بإهمال لكن الهاجس تزايد فبدأت بخوف في إخراج الكرتونات التي تحوي المواد الخام وكانت خفيفة.. كلها علب فارغة....
ارتجفت لفكرة أن هناك شخصا قريبا مني، داخل بيتي يضمر لي الكراهية وسرق مني ما لن يفيده، ولم تكن تلك هي الحقيقة، بل كانت اكتشافا شديدالعبث "مسخرة" فقد سجلت هبة على تاريخي أغاني عاطفية من محطة الأغاني...
قضا أخف من قضا هذا ما أحاول إقناع نفسي به... وكان أول رد فعل لي هو الاتصال بصديقي العزيز الطبيب النفسي الدكتور أحمد شوقي العقباوي كي يقف بجانب هبة ويساعدها على تجاوز آلام الماضي وكان رد فعل صديقاتي هو: "اطرديها"... ماشي بس حقي على مجتمعي هو نزع فتيل القنابل الموقوتة....
أما أنا فأحاول مداواة فقدي بالتحدث عنه مع أصدقائي واخترت البكاء على كتف أقربهن إلى قلبي "دينا الغريب" التي أسمع منها ما لا أحب من تبيسط للأمور، لكنني أريد أن أسمعه..
وأطرف تعليق كان من صديقي إبراهيم عيسى "والله لو مباحث أمن الدولة كانت أخذتهم لكان ذلك أهون..على الأقل تضمنين أنهم في الحفظ والصون"
اقرأ أيضاً:
ماذا لو صدَّق مبارك أنه رئيس منتخب؟ / الهروب من الصراع