خمس ليالٍ في المنامة مع المسيري
ربما تكون أكثر بنايات المنامة هي الفنادق أو المجمعات التجارية، صحيح أنني في رحلة عودتي ماشيا من العادلية قد رأيت كثيرا من المنازل إلا أنها منازل تقليدية صغيرة متجاورة، كالموجودة في الأحياء العربية التقليدية في كل بلد عربي، ولكن ما أقصده هنا هو البنايات العالية والتي تقام بالطبع على الطراز الغربي، فعلا إما أن يكون المبنى مجمعا تجاريا أو يكون فندقا، وحتى السوق فرغم وجود كثيرٍ من الحوانيت المتجاورة في المنطقة المسماة بالسوق الشعبي إلا أن المكان الذي يأخذك إليه البحرينيون دائما إذا طلبت التسوق هو عند سوق الذهب والمجاور لباب البحرين، أو أيا من المجمعات التجارية المنتشرة بشكل كبير.
الفرق بين المجمعات التجارية باستثناء سوق الذهب وبين السوق الشعبي هو العمالة الهندية الكثيفة في الأخيرين ففي المجمعات التجارية الكبيرة يوجد موظفون من أهل البلد، وأما في السوق الشعبي وفي معظم محلات سوق الذهب فإنك لا تجد غير الهنود أو ربما السيريلانكيين أو غيرهم من شعوب جنوب شرق آسيا، كانت الأسعار فعلا مفرطة الارتفاع في كل شيء حتى أنني قارنت سعر نوعٍ معينٍ من الجوارب كنت قد اشتريته من الدوحة بريالين قطريين فاكتشفت أن سعره في المنامة نصف دينار أي خمسة ريالات قطرية، وهنا تقفز في الذهن أسئلة كثيرة ما سر وجود كل هؤلاء الهنود إذا كنا نعرف أن في البحرين معدلات بطالة عالية؟؟ خاصة وأن البحريني مستعد للعمل في أي عمل وهو في هذا يختلف عن غيره من الخليجيين؟ ثم لماذا الأسعار هنا مرتفعة؟؟ إنها السياحة غالبا فهذا البلد بلد سياحي ولكن الغريب هو أنها سياحة من نوع خاص ليست السياحة التي نعرفها لتزور الآثار أو العجائب وإنما هي سياحة تعتمد على تنفيث الرغبات البشرية المكبوتة في بلدان أصحابها بشكل أو بآخر.
كنا نسير كمجموعة أنا ونديم السوري وإيهاب المصري وكان معنا الدكتور كمال وهو سوداني ضحكا أنهكنا من كثرة ما قال لنا من النكات أسعده الله، وكان من اللافت للنظر أن السعر الذي يقوله لك الهندي هو دائما سعرٌ قابلٌ للمراوغة وإذا اشتريت أكثر يخصم لك أكثر، ولكننا لم ندرك ذلك منذ اليوم الأول، ولا أدري لماذا كنا نصر على التسوق رغم معرفتنا بأن الأسعار مرتفعة بشكل زائد عن اللزوم، ولكن يبدو أنها ضريبة السفر لحضور المؤتمرات.
كان علي في تلك الليلة أن أنام مبكرا لأنني رئيس جلسة الصباح المساعد، ولذلك لم أكن مستعدا للعشاء، وبالفعل ذهبت للنوم مبكرا وكنت في السابعة صباح الاثنين أتوضأ للصلاة، وبعدما صليت وألقيت الصباح على مجانين، نزلت إلى مكان الإفطار لأشرب القهوة ولم أجد الدكتور إيهاب حجازي الذي كان مثلي مضطرا للذهاب مبكرا لأنه أيضًا أحد رؤساء الجلسة الصباحية يوم الاثنين، ويبدو أنه أكثر انضباطا مني ومن نديم خاصة فيما يتعلق بالمواعيد، فهكذا فعلا يبدو الرجل والذي عرفت أنه من مواليد سنة 1956 أي في عمر محمد المهدي بارك الله لهما في أيامهما، طلبت غرفة الدكتور نديم المشمش، وقلت له سأنتظرك رغم أنني سأصل متأخرا إن لم تسرع ولم يخذلني الرجل، وهكذا أخذنا سيارة من الفندق وذهبنا لمكان المؤتمر والحمد لله لم أصل متأخرا، فلم تبدأ الجلسة إلا بعد وصولي بدقائق عشرة، ويقال أنني كنت حازما في إدارتي للعروض حيث تكونُ المهمة هي تنبيه مقدمي العروض إلى الوقت بحيث لا يتجاوز أحدهم وقته المحدد وتكون لدى الحضور فرصة في النهاية لطرح الأسئلة على أصحاب الأبحاث المقدمة، وكان أول من قدموا أبحاثا في تلك الجلسة هو الدكتور ممدوح العدل، والذي لم ينتظر لنهاية الجلسة لأنه كان مضطرا لإلقاء بحث آخر في القاعة الأخرى، ولذلك قمت بالرد على الأسئلة عنه وكان من حسن حظه أنني كنت واحدا ممن كانوا على علم ببحثه ذلك الذي شارك فيه المهدي
اقرأ أيضا:
مقعد في الدرجة الأولى مصر للطيران / مدونات مجانين (5): إجابة السؤال!