مع دقات الثامنة مساء...... دخلت العيادة..... وكعادتي ألقيت السلام على الجالسين في صالة الانتظار قبل دخولي إلى المكتب لأتهيأ للعمل.... هناك شيء مختلف هذه الليلة...... الصالة لا تفوح منها رائحة الديتول الذي يمعن الأخ محمد تومرجي العيادة في مسح البلاط به.... آل يعني خايف من العدوى.... وإنما تفوح منها رائحة عطر لاذع... امتلأت به جيوبي الأنفية لمجرد مروري من الصالة...... يادي النوووور... إحنا عندنا حد من مجلس الوزرا ولا من وزارة الفنانين قصدي وزارة الثقافة......... ضربت الجرس....... أفندم............ إيه يا محمد....؟؟؟ ريحة العيادة حلوه كده ليه... مين صاحب البارفان الملعلع ده المدام علياء يافندم....... دي عيانة عندنا....
أيوه يافندم.... وحاجزه من امبارح بالتليفون.... وهي اللي عليها الدور.. دلوقتي حاجزه من امبارح ولا ظرفتك كام لحلوح... عشان تدخل قبل دورها....؟؟؟
أنا مش ابتاع كلام {منده} سعادتك أنت {منده} نفسه........ الغرض توكلت على الله دخل ياسيدي مدام علياء أمو بارفان واصل للسماء........ سيدة صالون...... كما يقولون في الروايات الأدبية...... في الأربعينات من العمر ترتدي ملابس غاية في التناسق........ وشديدة الأناقة..... تنظر إليك ثم ترتفع بعينها إلى الأعلى
....يعني بتاخدك بصه ع الطاير كده...............
جلست أمامي.... وضعت الموبايل والشنطة على مكتبي ازيك يا دكتور....... قالتها وعينها مركزة علي تماما وبكل حدة.... وثقة... وكأنها تكلم إنسان تعرفه من عشرات السنين أهلا مدام علياء..... إزيك أنتي..... أنا كويسة قوي..... هو بس ضروسي الأيام دي بتوجعني بطريقة سخيفة أنا برضه قلت كده.... دي مش وش العيادة النفسية...... حضرتك الدكتور إيهاب أستاذ الأسنان عيادته اللي جنبي على طول
دكتور عاطف... أنا جاية لك.... موش لدكتور الأسنان..... جاية للدكتور عاطف استشاري النفسية.... مش أنت برضه آه.... أيوه....... خير يا مدام سلامتك........ عايزاك تكتب لي... مهدئ...... ودوا للاكتئاب.... ومنوم..... وتحت أمرك في التكاليف.........
يا مدام بدون زعل.... سعادتك تحكي لي اللي تاعبك.... وأنا إن شاء الله هأحدد لك العلاج المناسب........ هو ده المناسب ليه...... متأسف يا مدام..... طلبك مش عندي.... وهممت أن أضرب الجرس لمحمد ليرد إليها الكشف ويصرفها برفق فربما تكون مدمنة لبعض المهدئات.
استنى يا دكتور...... أنا هأقول لك محتاجة الأدوية ليه.....؟؟ ليه يا ستي......؟؟؟
أنا...... أنا..... ناويه أخون جوزي....... ومرت حوالي عشر ثواني لم أتنفس ولم أرمش ولم أنطق فيها........... {يانهار أبوكي مالوش ملامح...... وجايه تخونيه عندي إن شاء الله}.
أخذت مقبض الجرس خلسة في يدي تحسبا لأي شيء مفاجئ ساكت ليه يا دكتور.....مش تسألني عن السبب، الخيانة مالهاش مبرر يا مدام..... وعمر الأدوية ما بتمسح أثرها.... ولو أخذت مهدئات الدنيا كلها.
دكتور أنا عندي 43 سنة...... أبويا جوزني سن17 سنة...... من رئيس نيابة.... كنت هاتجنن عشان أكمل تعليمي...... خاف عليه من جمالي خاف لحد يغويني في الجامعة.... قال وهي آخرة تعليمك إيه مش برضه الجواز........ افرضي خدتي أي شهادة عاليه مانتى برضه... هاتتمني... راجل زي ده منصب ومحترم وجاهز... وعنده عربيه وأهله ناس طيبين..... لازمته إيه وجع القلب وبعدين ياستي وأنت في بيته أبقي انتسبي لأي كليه... هوه مش هايمانع......
اقتنعت واتجوزت وفي ليلة زفافي..... اكتشفت عجزه الجنسي.... لم أعر الموضوع اهتمام كنت صغيرة وخفت من الكلام مع أي حد...... حار ودار مع الأطباء ومع كل محاولة كنت أتمزق حرجا وجرحا..... ومرت السنين.... عملت تلقيح صناعي بناء على رغبته لأنجب باسم.... ابني الوحيد، نسيت أو تناسيت... نفسي وشبابي الذي أصبحت أشعر بأنني أودعه كل يوم..... تفرغت لباسم تماما..... لم أجرؤ يوما أن أقول له... ألم تكن تعلم مابك قبل الزواج فلم ظلمتني..... لم قتلت حقي في الحياة لم أجرؤ.... تربيتي وطباعي منعتني.... وهو كان كأن لم يفعل شيئا، وحتى لم يكن يواسيني بكلمة طيبة عسى أن أصبر على ما أنا فيه.... بل كان بعد كل فشل...... يعطيني ظهره لينام ولما وصل باسم للثانوية العامة.... كانت فرصتي... عملت إيقاظه حجة... حتى أنام معه في غرفته بحجة عدم إزعاج زوجي حتى يستطيع أن يقوم من نومه على راحته.....
وتخرج ابني من كلية التجارة وأنا في الأربعين من عمري.... وقد أصبح زوجي مستشارا بمحكمة النقض.... وجاء يوم تهلل فيه زوجي فرحا فقد جاءته سفرية إلى باريس لمدة عام.... مع السلك القضائي بالدولة....... وقبل أن يسافر تزوج ابننا باسم من زميلته التي أحبها طوال فترة دراسته.... وعينه أبوه بسهولة عن طريق أحد معارفه في أحد البنوك الأجنبية... بالقاهرة..... سافر زوجي وفارقني ابني ليعيش في القاهرة مع زوجته حيث مقر عمله.......
وفي ليلة.... جلست مع نفسي..... لأجد الأهل.... كل واحد في همه والدنيا واخداه الأب والأم توفوا..... الأصدقاء مازال أبناؤهم صغارا وفي مراحل التعليم ومشغولين بيهم قضيت عاما كاملا أتسول العطف..... من الناس ومن ابني الذي يأخذ العمل ذو الراتب المميز معظم وقته والباقي لزوجته كثيرا ما كنت آخذ السيارة في الليل... وحدي وأهيم في الشوارع كثيرا ما كنت أجد نفسي في طريق الإسكندرية أو دمياط دون أن أدري مكالمات زوجي التليفونية كانت معدودة وبمواعيد متفق عليها ولم لا.... فالكلام بيننا يقطر بروده..... ومات فيه الإحساس يوم ميلاده........
وفى يوم إحدى المكالمات مع زوجي قرب نهاية العام... سمعت صوتا غريبا علي...... صوتا لم أتعود بهجته........ علياء...... وحشتيني يا حبيبتي.... أنا راجع الشهر الجاي أنا عملت جراحه ف باريس... أنا بقيت كويس يا علياء وحشتيني يا حبيبتي.... استنيني أنا راجع الشهر الجاي، إزي باسم ومراته... حامل ولا لسه... وازي البلد كلكم عاملين إيه..؟؟
أنا هاشتريلك باريس كلها يا علياء....واحشاني........ ........ وضعت السماعة دون أن أنطق بكلمة... يااااااااه بعد سن42 سنه..... هأبدأ حياتي... ..ووجدتى أضحك بطريقة لم تحدث لي من قبل أضحك ودموعي تنهمر بحرقة..... أنظر إلى المرآة المعلق فوقها صورة زفافي.. أتحسس التجاعيد التي بدأت تدب في وجهي قبل الأوان........ يااااااه لسه هابدأ...........
وحضر زوجي.... وتخيلت أنني سأعيش أسعد أيام حياتي..... ولكنني وجدت نفسي أواجهه شعورا..... لم أعتاده من قبل معه...... غريبة..... لماذا لا أكون سعيدة معه وقد أصبح طبيعيا تماما.... لم أستطع التجاوب معه...... وفي غضون أسابيع قليلة قال لي.... علياء........ أنت باردة.... لازم تشوفي دكتور.... يمكن دا من أعراض قرب انقطاع الطمث حاضر........ قلتها بمنتهى اليأس ومنتهى عدم الاكتراث........ مرت أياما وشهورا..... لاحظت ازدياد بعد زوجي عني..... كثرة تأخره خارج المنزل..... عزوفه عني بالمرة...
الغريب أنني لم أتأثر بهذا..... ولم أسأله عن شيء......... وذهبت لزيارة باسم وزوجته بالقاهرة... واتفقت مع زوجي على قضاء بضعة أيام معهم، وأن يأتي ليأخذني يوم الجمعة القادم.. وفي منتصف الأسبوع أصابني دور برد وخفت أن أعدي ابني وزوجته وأصريت أن أعود لبيتي بسيارتي رغم توسل ابني وزوجته لي بالبقاء.................. عدت إلى المنزل في الثانية ظهرا..... فتحت الباب ودخلت غرفة نومي......... لأجد زوجي المستشار صاحب الخمسة وخمسين عاما، في فراشي مع شابة لا تتعدى العشرين من عمرها.....................
دارت سنوات حياتي كلها في رأسي في ثوان معدودة.......... لم يتكلم ولم أتكلم....... أغلقت باب الغرفة عليه........ وتوجهت إلى الغرفة الثانية.... غرفة باسم.......... وغبت عن وعي تماما........ استيقظت ف الصباح..... لم أجد أحد بالمنزل........ لم أتحرك من مكاني حتى المساء دخل زوجي على الغرفة...... علياء...... متزعليش...... دي غلطة ومش هاتتكرر نزوة... وتبت عنها.... بلاش باسم ننكد عليه حياته.... بلاش حد يعرف سامحيني... اغفري لي.......
الغريب أنني لم أستمع لكلامه جيدااااا ولم أبكي ولم أهتز فقدت المشاعر تماما...... كل ما شعرت به هو كم كبير من الغضب من نفسي...... تلك النفس الذليلة... المنكسرة...... كم أنا حقيرة.... كم أنا رخيصة.... كم أنا متخلفة.... خرقاء..... ماحدث لي يجب أن يحدث لأمثالي من الجبناء..... وشعرت ببداية رغبة عارمة في... لقاء جنسي مع أي رجل ماعدا زوجي...... استعذت بالله من الشيطان مرارا.....
ولكن صدقني يا دكتور لا أستطيع مقاومة هذه الرغبة...... تلح علي تمنعني من النوم تمنعني من الطعام..... قلبت حياتي جحيم.... استعنت بالصلاة... بالصيام ولكنها لم تتركني...... وصلت إلى درجة الاستسلام.... لم تعد بي قوة لمقاومة هذه الرغبة......صدقني إنه ليس انتقاما من زوجي..... أو تنفيسا عن نفسي التي قتلت عشرات المرات على يديه .... أو سوء خلق ورغبة في المعصية...... ولكنها فعلا رغبة لا إرادية تدفعني لهذا العمل المشين... تدفعني وأنا مسلوبة الإرادة.......
لدرجة أنني إذا قابلت رجلا أجد عيني تتجه للنظر إليه بطريقة بشعة.... شهوانية.... لا أرغبها ولكنها رغم عني... أرجوك...... أكتب لي ما يخدرني تماما لأني قاب قوسين من خيانة زوجي........................
صمت...... نظرت إلي طويلا... نظرة توسل أراها فقط في عيون المدمن حين تبدأ أعراض انسحاب المخدر........................... طلبت منها قبل أن أكتب لها شيئا، أن ترسل لي زوجها......
وطبعا.... أقسمت لها أن ما دار بيننا لن يعرفه زوجها ما حييت طلبت من الزوج..... دخول مدام علياء أحد المصحات القريبة من المنصورة لتكون تحت إشرافي لمدة شهرين فوافق على الفور وفي المصحة أعطيت لها... جرعات مكثفة من الأدوية المضادة للوسواس القهري...... مع جلسات علاجية....... وفي نهاية الشهرين خرجت مدام علياء، هادئة النفس... تملك زمام نفسها تماما.... طلبت أول ما طلبت أن..... تؤدى فريضة الحج..... ولكنها أصرت...... أن تكمل باقي حياتها ........ وحدها دون زوج........... واحترمت رغبتها............ واحترم الزوج كذلك.. رغبتها صاغرا ليقضي البقية من عمره .... يدفع فيها ثمن الرد على الإحسان........ بالخيانة........ودفع الثمن...................
من أجندة العيادة.... يناير2005
واقرأ أيضاً:
حدوتة راجل مطرشأأأأأأأ / هل أنت مصاب بالفضول المرضي؟؟