إذا جلس الإنسان وحيدا في مكان معزول... فإن أي همسة بالقرب منه ستوقظ كل حواسه... فيتلفت فيما حوله بسرعة ليرى وإذا لم يرَ شيئا فإنه سيظل يعاني من إحساس بالقلق وعدم الاطمئنان حتى يعرف مصدر تلك الهمسة أو يدرك سببها...........
إنها الرغبة في المعرفة..... أو إنه الفضول الغريزي.............. فأنا وأنت وهو وهي وهم لا يستطيع أي فرد منا أن يتواجد في مكان دون أن يعرف ما فيه...... مثلا إذا استأجر أحدنا غرفة في فندق فإنه سيجد فيها سرير ودولاب وتسريحة.... ومما لاشك فيه أنه سيتفحص الدولاب والأدراج وينظر من النافذة علام تطل..؟؟ ويلقي نظرة على الحمام... شكله إيه.؟؟.......... إذا فعل ذلك فقط فإنه صاحب فضول عادي وطبيعي.... أما إذا أزاح الدولاب ليرى ما وراءه........... أو شق قماش المقعد أو مرتبة السرير.... أو المخدة ليرى ما بداخلها فإنه يكون صاحب فضول مرضي.... أو توجس مستمر.. وقلق دائم وعدم ثقة في كل ما حوله...
والآن دعني أسألك... هل أنت صاحب فضول عادي ولا مرضي..؟؟ لا تتسرع وأرجو أن تفكر قليلا قبل الإجابة... أو..... دعني أدعوك إلى اختبار بسيط لكي تكون إجابتك صحيحة... والاختبار هو... أن تتوقف عن قراءة السطور التالية ما رأيك..؟؟؟؟؟ هل تستطيع.......؟ إذا لم تستطع فلا تلومن إلا نفسك لأنك ستقرأ مالا يسرك..................
أراك مصرا على مواصلة القراءة وأنت بذلك تذكرني بواحد من جيراني كان إلى وقت قريب يشغل وظيفة مرموقة قبل إحالته إلى المعاش... وهوايته الآن... الوقوف أمام مدخل العمارة لمراقبة الخارجين والداخلين... وذات يوم كنت عائدا إلى بيتي ومعي كيسين صغيران... فإذا به يستوقفني بابتسامة مصطنعة ويقول وعيناه مركزتان على الكيسين.... أهلا......أهلا.....
أهلا بك......
يا أخي إنت أيام ترجع بدري وأيام تتأخر؟
أعمل إيه شغلنا ملوش مواعيد....
وإيه الأخبار....؟؟؟
لا جديد..... زي كل يوم.....
وأشار إلى أحد الكيسين وقال... خوخ مش كده...؟؟
أيوه....
يا أخي الخوخ ابتاع اليومين دول كبير وشكله حلو لكن ملوش طعم وبيقولوا فيه هرمونات بتجيب سرطان..., إيه التاني ده؟
عنب....؟؟ شيء غريب جدا الحبة كبيرة ومن غير بذر طول عمر العنب البناتي حبته صغيرة دلوقتي هجنوووه وكبروا الحبة.... وطبعا بيستعملوا الهرمونات...... دي مصيبه والله
هنعمل إيه.... الفاكهه الموجوده وخلاص......
ربنا هو الستار
وبكام أخدت الخوخ؟ بكذا
والعنب؟؟ بكذا
يا أخي الأسعار بقت نار الناس هاتجيب منين..؟؟
وأنت ما شاء الله كل يوم جايب كيس أو اتنين
قلت بضيق.... إيه رأيك تاخد خوخه......
فضحك ضحكة لا معنى لها وقال لا بالهنا والشفا وتركته واجتزت باب العمارة.. ولسان حالي يقول أنت خليت فيها هنا ولا شفا.
ما رأيك في هذا الجار...؟.. طبعا هاتقول الآن أنك لست فضوليا مثله إلى هذه الدرجة المرضية، ولكن دعني أسألك...؟؟ لماذا أنت مستمر في القراءة حتى الآن...؟؟ ألم أطلب منك أن تتوقف، أرجو ألا تغضب إذا قلت لك أنك مثله تماما وحاول تدريب نفسك على الخلاص من هذا الداء.
وتقبل خالص تحياتي
واقرأ أيضاً:
مدونات العيادة النفسية: سيدتي الجميلة / بسم الله.... حلال الله أكبر....