كلما قرأت تصريحا أو خبرا عن الدكتور زاهي حواس الذي رقي مؤخرا إلى منصب أمين المجلس الأعلى للآثار أتذكر على الفور وقت كنت أقدم فقرة في برنامج صباح الخير يا مصر بالقناة الأولى والفضائية المصرية عن الكشوف الأثرية وكيف حاول معد الفقرة الاتصال بمكتب الدكتور في أعقاب الإعلان عن كشف أثري بالتهرب من قطاع الأخبار بالتلفزيون المصري ومعلومات عن بيع حق البث والتصوير لقناة أمريكية متخصصة وما يعنيه ذلك من ضرورة أن يشتري التلفزيون المصري الأفلام إذا أراد متابعة هذا الكشف...
هذه القصة إن كشفت عن شيء فعن قدرات جبارة للدكتور زاهي حواس على فعل ما يريد متى أراد دون محاسبة أو شفافية ولا أذكر أن قلما واحدا قد كتب عن تلك الواقعة رغم أهميتها ولكني اليوم أقف أمام المشروع الضخم الذي يجري في مدينة الأقصر التي ستصبح قريبا محافظة يرأسها ضابط سابق متميز هو الدكتور سمير فرج الذي عملت معه وقت كان رئيسا لإدارة الشئون المعنوية ورشحني لتغطية دور القوة المصرية في سراييفو في أعقاب إتفاقية دايتون....
وفي حوار تلفزيوني تابعت مناقشة أثارت عندي بعض الملاحظات والأسئلة وسأكتفي بالحديث عن طريق الكباش هذه المرة وهو يربط بين معبدي الكرنك والأقصر والجزء الذي نعرفه من كروت البوستال لأن كباشه مازالت كاملة هو ذلك الذي أمام معبد الكرنك أما بقية الطريق فكباشه تقريبا غير موجودة ولا ترى في الطريق سوى بعض القواعد... هذا المشروع الذي سيفتح الطريق كاملا سيتكلف مائتين وخمسة وأربعين مليون جنيه بطول كيلومترين وسبعمائة متر وسيستدعي إزالة حوالي ثلاثمائة وثلاثين منزلا وأتساءل إذا كانت الأقصر بكل ما تحويه من آثار فما الذي يمكن أن يكون عائدا من جراء تلك التكاليف الطائلة للمشروع خاصة وأن الطريق يرى من كل مكان فبأي إغراء سياحي سنطالب الشركات السياحية والسائحين بمقابل.
وأتساءل سيدفعون لكي يشاهدوا ماذا؟ ثم إن الحديث يجري عن حفريات على عمق أربعة وخمسة أمتار وأتساءل إن ما نراه مجرد قواعد فما الذي سنراه أكثر؟ ثم إذا وجد جديد بعد سنوات طويلة من الردم فالعلم والمنطق البسيط يقول إن تعرضها للعوامل الجوية وعرضها سيؤدي لانهيارها وتحللها بعوامل التعرية فهل هذه الأمور مأخوذة في الحسبان؟ ثم إن الترميم في مجال الحفريات الآثرية يتم بالريشة أو الفرشاة وهو أمر يستغرق وقتا طويلا ولا ينفع معه الإسراع ولا الانضباط العسكري فقط ولكن اتباع الأساليب العلمية والتي تستدعي ألا يدخل مقاول قبل نزول الأثريين ويقيموا المجسات فالأقصر كل حجر فيها أثر. ووقت إقامة الطريق الدائري وسور الآثار بالأقصر اعترض بعض الآثريين وتم نقلهم من مواقعهم.... وللحديث بقية عن الكافيهات والمحلات حول الكرنك..
وأقرأ أيضاً:
فاطمة من دحروج / الأطفال يهدون الدمار