أعلن هنا اليوم سحب اعترافي بإسرائيل.
هذه ليست دولة بل عصابة جريمة منظمة، وهي أخطر من كل مافيا معروفة لأنها رشت القاضي الأمريكي، وتعمل ضد القانون بحمايته.
إسرائيل ليست الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وإنما دولة إرهاب المؤسسات. والأرقام التي تدينها هي القول الفصل في الموضوع، فهي قتلت من المدنين اللبنانيين عشرة أضعاف ما قتل من المدنيين الإسرائيليين منذ بدء القتال الأخير، والنسبة مع الفلسطينيين منذ 29/9/2000 هي خمسة إلى واحد بين جميع المدنيين، وستة إلى واحد بين القاصرين. الأرقام تدين إسرائيل، وكل كلام آخر كذب على الله وعباده.
لم أكن مضطرا للاعتراف بإسرائيل، فأنا لبناني، ولبنان لم يعقد معاهدة سلام معها، غير أنني كنت ولا أزال داعية سلام، وبعد 1993 قررت أن المنطقة كلها تسير في طريق السلام. ورغبت أن أكون في مقدم من يسلك الطريق، ووعدت نفسي بأن أرى القدس للمرة الأولى منذ نهاية 1966 وهكذا كان، وبدأت ألغي مقاطعتي الشخصية كل شيء له علاقة بإسرائيل، من دون اتصال (عن معرفة) بإسرائيليين التزاما بالقانون اللبناني.
غير أن اليمين المتطرف في بلد غالبيته ليبرالية تريد السلام قتل رئيس الوزراء الوحيد القادر على صنع السلام، وخلفه محترف فشل، وكان ما كان حتى انتهينا مع مجرم حرب ورثه متطرف مثله، ليقود إسرائيل، فوهرر صغير أو "كابودي توتي كابي" يعني زعيم زعماء المافيا.
ألوف القتلى من المدنيين، وبين الضحايا أسر بكاملها نعرف تفاصيل قتلها بالتواريخ والأسماء والصور ونحيب الأطفال. مدنيون غير مشاركين في القتال... هذا هو تعريف الإرهاب، وليس عملية عسكرية لحماس أو حزب الله تنتهي بخطف جندي هنا أو جنديين هناك.
إسرائيل اليوم دولة إرهابية، سرطان خبيث استشرى في جسم الشرق الأوسط وبما أنني طالب سلام على رغم حكومة إسرائيل، فإنني لا أدعو إلى استئصال الورم الإسرائيلي، أو إلى رمي اليهود في البحر، وإنما إلى عزل السرطان داخل جدار بناه حول نفسه، لأنه لم يكن يوما من المنطقة ولا يريد أن يكون.
أعلن سحب اعترافي بإسرائيل، وأدعو كل عربي في الجوار أن يسحب اعترافه بها مثلي. وتحديدا أدعو المصريين والأردنيين، كأفراد، أن يعلنوا سحب اعترافهم بإسرائيل، لأن حكومتي مصر والأردن اعترفتا بها وعقدتا معاهدتي سلام معها. تستطيع الأحزاب في البلدين أن تفتح نقاشا ديمقراطيا بين أعضائها لسحب الاعتراف أو تثبيته، ويستطيع المواطن بصفته الشخصية أن يرسل رسالة إلى جريدته تسحب الاعتراف بإسرائيل.
وهناك رؤساء تحرير في كل بلد عربي أكثر وطنية مني، مع ثقافة وأخلاق وإنسانية، أرجو أن يبدأ كل منهم حوارا مع قرائه لسحب الاعتراف بإسرائيل. وربما بدأت جمعيات حقوق الإنسان في البلدين، وكل بلد عربي، جمع التواقيع على عرائض تسحب الاعتراف بإسرائيل، أطلب من قراء "الحياة" ومن قراء هذه الزاوية تحديدا، أن يرسلوا إلى رأيهم. تأييدا أو معارضة، لدعوتي هذه.
أعرف أن الجماعات الإسلامية في مصر والأردن، وكل بلد عربي، حسنة التنظيم، وهي لم تعترف بإسرائيل أصلا، وقاعدتها ستؤيد أي دعوة لإعلان معارضة الوجود السرطاني الإسرائيلي. غير أنني أرجو أن تنافسها الأحزاب العلمانية ليكون رفض إسرائيل على أساس قومي، لا ديني فقط.
كل ما أريده من المواطن العربي، خصوصا في مصر والأردن، هو أن ينظر إلى ما فعلت إسرائيل في قطاع غزة ولبنان، وما تفعل كل يوم. قطاع غزة تحول إلى معسكر اعتقال نازي كبير، ثم إلى غيتو وارسو، والقتل تدريجي، وإذا صبرنا فقد لا ينجز سوى اثنين أو ثلاثة في المئة، كما حدث مع يهود بولندا.
وفي لبنان نظم حزب الله عملية عسكرية، من دون معرفة الحكومة اللبنانية، وباعتراف الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بذلك، بل مع إعلان الأولى تأييدها الحكومة اللبنانية. وفي حين أن حزب الله يمثل نصف طائفة لبنانية، فلا ننسى أمل وحجمها، فإن إسرائيل شنت حربا على لبنان كله في عقاب جماعي نازي، وأعطت حزب الله شعبية هائلة ودعما، من حيث أرادت قهره.
هي حرب حقد وعقد ومرض، فلبنان أجمل من إسرائيل. وشعبه أرقى، وهو منتشر في العالم، ولبنان محبوب بقدر ما إسرائيل مكروهة، وهو في عيون العرب وقلوبهم، وهو مكتبة ودار نشر بقدر ما أن إسرائيل مصنع موت، وأرزه طبيعي وشامخ، وكل أخضر في إسرائيل "كيماوي" وسام مصطنع مصنوع مثلها.
إسرائيل تحاول قتل لبنان بسمها غير أنها ستفشل فالتتار والمغول من زمن آخر، والسم الذي لا يقتل الإنسان يبقى في باطن الأرض، أما الزبد الإسرائيلي فيذهب جفاء. أعلن سحب اعترافي بإسرائيل، وأدعو كل مواطن مصري وأردني، وكل عربي ومسلم، وكل إنسان يرفض الجريمة، أن يعلن سحب اعترافه بها مثلي. ثم أنتظر حكم القراء..
نقلا عن جريدة الحياة
اقرأ أيضًا:
لاختيار دائما.......مدفوع الثمن / مغامرات في السليم، صبرك علينا شويه / الآثار النفسية للحروب على الأطفال / السلام حلم الطفولة في الشرق الأوسط / سامعين أفنان بتقول إيه !!! / إذا كان مجنوناً، فاللهم أكثر منهم