على باب الله: على خط النار كلنا مقاومة 26/7/206
أحيانا يجمح بين خيالي فأتجاوز الإحباط، وتساؤلاتي عن جدوى الكتابة، وعن من يقرأ ويفهم ويعمل!!
أتصور كلماتي تطير بلا أجنحة أو على جناح الأثير الافتراضي فتصل إلى الآذان والأفئدة، وتتفاعل مع المشاعر والعقول، وتتحول إلى أقوال وأفعال ونضال!!
قرأت في جريدة "الدستور" صباح اليوم مقالة إبراهيم عيسى، زميل الدراسة والجيل، والاهتمام العام.
"إبراهيم" كتب عن الحسين وكربلاء، قلت في نفسي: هل وصلته كلماتي حين كتبت على "مجانين"، في المعركة لا يوجد مكان ثالث، إما أن تكون مع"الحسين"أو تكون مع"يزيد"، ويرد إبراهيم بهذه المقالة!! يجوز!!
وأقرأ في نفس الصباح مقال "جهاد الخازن" رئيس تحرير "الحياة" اللندنية يحسم هو الآخر موقفه وانحيازه إلى"لبنان" الجميل، الذي أحبه كثيرا، ويعلن سحبه لاعترافه بما هو إسرائيل اليوم، وبأساطير السلام الذي انتهى واندفن مع جثث الأطفال والمدنيين تحت أنقاض بيروت، وبلدان الجنوب!! مع من؟ وضد من؟ هما موقفان لا ثالث لهما، وكل إنسان يحسم أين يقف؟ وكيف يدعم؟!
ناديته فقام من أمام شاشة الكمبيوتر لأريه صور مظاهرات التأييد التي انطلقت في العالم كله للمقاومة ولبنان وضد إسرائيل، نظر إلى الصور القادمة من"كوريا" وقال بلهجة الخبير العبقري، العارف بالخبايا والأسرار: يتم تأجيرهم بالفلوس!! لم أجد في عقلي أو على لساني كلمات!!
هذا هو العدوان على الذات بأكثر مما يفعل أشد الأعداء، مظاهرات تأييدنا وتأييد حقوقنا "مدفوعة الأجر"؟!
ومن يدفع لمن؟! وكيف؟! ومتى؟! ولماذا لم تدفع إسرائيل، وهي الأغنى، لمظاهرات معاكسة تؤيد "حقها"
أو ادعاءاتها بالدفاع عن نفسها؟! هل يصل بنا العمى إلى إنكار حركة بامتداد الكرة الأرضية؟!
حركة تمتد في أرجاء الدنيا من شمالها إلى جنوبها، وشرقها وغربها؟! حركة تقول عنها المصادر الإعلامية الغربية المعتبرة أنها القطب الثاني في العالم بعد الولايات المتحدة!! أقصد حركة العولمة البديلة، وضد الحرب، حركات الرفض الإنساني، والتنسيق الشعبي ضد النيوليبرالية المدججة بالبوارج، حركات عالمية ضد الهيمنة والصهيونية.
كنت في ساقية الصاوي وأعطيت الفرصة لإحداهن، وهي أسبانية، لتحدثنا عن هذه الحركة وأنشطتها في المدن الأسبانية التي شهدت مظاهرات واسعة منذ أيام ضد الحرب على لبنان، ونظر إليها أغلب الموجودين كأنها مخلوقة فضائية قادمة من كوكب آخر!!
حرب الإعلام والأفكار ميدان واسع لمعركة تخوضها إسرائيل، ونخوضها ولو رغما عنا، أو هكذا ينبغي!! وما زلت أتذكر كلامنا في الساقية.. أول أمس.. أعجبني أن ترد فتاة على دعوتي بخوض هذه المعركة قائلة: دخلت على الشات وحاولت تصحيح مفاهيم الأجانب عن صورتنا، وحقائق الصراع، ثم كانت صدمتي بأنني أجهل عنا وتاريخنا وتفاصيل قضايانا أكثر بكثير مما أعرف، وأعتقد أن الأغلبية مثلي تجهل أكثر مما تعرف!!
قالت: صدمتي جعلتني أتراجع، وسألت نفسي: لا أستطيع المواجهة وحدي، فمن يساعدني؟! قلت لها: الجهل ليس عيبا، والتعليم يبدأ بصدمة الاكتشاف لمن يريد أن يتعلم، والمسألة تحتاج إلى جدية ومثابرة ومواصلة، وربما نحن تعودنا على الصراخ فقط، ونفسنا قصير، ولكن هذا ليس قدرا!! ومصادر المعلومات ما أكثرها على النت، وفي بطون الكتب، لمن يريد أن يعرف.
الموازين تتبدل على الأرض لأن"حزب الله" مازال صامدا، وإسرائيل تبدو في مأزق لا تستطيع تحقيق نصر ينقذ صورتها، ولا تستطيع الانسحاب من الساحة خوفا على هيبتها، والموقف الأمريكي مهزوز ومتردد، وهذا كله فرصة ذهبية للحركة الشعبية، ويبدو أن المزاج العام في الشارع العربي بدأ في الانتباه، والحركة أسرع في اتجاه دعم الصمود، وهذا مطلوب أن يتصاعد ويتسارع ويتزايد أكثر وأكثر أن الرأي العام الآن هو رمانة الميزان، وشوكة المقاومة العسكرية تستقوي بمشاعر وتحركات الجماهير المؤيدة لها حول العالم.
كتبت للحاجة في"لبنان" صباح اليوم أسألها عن أحوالهم، وأبلغها دعمنا، أنتظر مقترحاتها من نبض الواقع هناك فردت تقول:
"المعركة شرسة جدا، وهي مستمرة، نحتاج إلى كل أنواع الدعم: مقالات، اعتصامات، مظاهرات، تحرك الشارع العربي، وخاصة في مصر، مهم جدا. اتكلوا على الله"
حاضر يا حاجة... مصر بتتحرك والله، من أول أو ثاني يوم تحرك الناس بمظاهرات في الأزهر، وأول أمس كان مؤتمر حزب الوفد حاشدا، وأمس مظاهرة بالأعلام والسيارات في شوارع أرقى أحياء القاهرة، وبجوار منزل السفير الإسرائيلي في المعادي، وحفل نقابة الصحفيين أمس لدعم المقاومة، واليوم مظاهرة في ميدان التحرير.
إحداهن رفعت لافتة عن الشباب المصري من كلمتين: "كلنا مقاومة"
عجزت عن الكتابة لفترة هذا الصباح لأنه غمرتني مشاعر فياضة، وأنا أرى المسارات تنفتح، والتحديدات تتضح، والمعركة محتدمة، وأريد أن أسابق الزمن، كما يريد قلبي أن يقفز من بين أضلعي راقصا وهادرا مع الصامدين والمقاتلين والمحاصرين.
الأمر بأيدينا، كما كان دائما، فهل سننصر "نصر الله"؟! هل ننصر المقاومة؟!
هل ننشط من بيت لبيت، ومن شارع لشارع، ومن بلد إلى بلد في التجمعات، وحتى المجالس العائلية، لنكون على قلب رجل واحد حول المقاومة، وضد إسرائيل فلا تجد مكانا أو ثغرة تتسلل منها، هل نغيظ قلوبهم بوحدتنا وتنسيقنا وجهادنا بكل الأنواع والأشكال؟
هل ننشط في الدعم النفسي للصابرين الصامدين هناك، وعن بعد؟!
هل نتصل بهم، وهل ندعو لهم في صلواتنا؟!
هل نصوم كل اثنين وخميس لنتذكر جوعهم وعطشهم، وتقرير منظمة الصحة العالمية الأخير من هناك يرصد متوجا أن كارثة إنسانية تتهددهم إذا انعدمت المساعدات التي لا تجد ممرا آمنا تعبر من خلاله؟!
هل نخوض معركة الإعلام والأفكار؟ نرد على المرجفين والمنافقين في الداخل، والصهاينة الكذبة في الخارج؟ وليفيق المخدرون والمخدوعون بالبهتان الأمريكي والإسرائيلي؟!
هل نبحث عن حركات ضد الهيمنة وضد الحرب، ومع العولمة الإنسانية؟!
هؤلاء الذين يعتبرون دماءنا وقودنا لمستقبلهم، وشرعية لوجودهم؟! هل نبحث عنهم، ونتعاون معهم، ضد أعداءنا، أعداء الإنسان والإنسانية؟!
هل ننوي التطهر من القعود، ونرتدي عصابة "الجهاد" كما كان يفعل "أبو دجانة" رضي الله عنه، ونحمل سيف الرسول"ص" لنجاهد بكل طريق نستطيعه؟! ونصطف رجالا ونساءً، شيبا وشبانا، ونكتب ونهتف ونقول: "كلنا مقاومة" هل نقضي ما بقي من الصيف مباركين محلقين في سماء العزة والشرف والكرامة، وننسى الذل، ولو إلى حين؟!
هل نكون مع الناس؟! وسطهم.. نغني ونحلم ونحكي ونتخيل، ونكرر كلمات"حسن نصر الله" الدقيقة الواثقة، ونقول له: نصرك الله بنصره، وبالمؤمنين.
"وكان حقا علينا نصر المؤمنين" هل نقضي هذه الأيام في سبيل الله؟!
أريد أن أقول فتصل كلماتي إلى كل أذن، وأن أشكر من ينقل كلامي لكل أحد.
أريد أن أقول للناس جربوا حلاوة الجهاد، حلاوة أن تفعلوا شيئا، حلاوة أن تكونوا شيئا... والله يؤيد بنصره من يشاء، فمن منكم يشاء؟!!....
اقرأ أيضًا:
على باب الله: أجساد ساخنة 24 7 2006/ على باب الله: الإعلام الشعبي 30/7/2006