لست بالمحللة الإستراتيجية ثاقبة الرؤية ولا يسبق اسمي حرف الدال.... فقط كل ما أملكه هو قلب وعقل وضمير... قلب يحس وعقل يزن وضمير يراجع ويحاسب. وفي اللحظة المؤلمة التي نتجرع مرارتها ويدفع آخرون ثمنها حياتهم وشقا عمرهم، لا أستطيع أن أتقبل الشعارات التي رضعتها منذ بدأ عقلي يعي القضية الفلسطينية والعدو الصهيوني وربما ما ساعدني منذ وقت بعيد على الارتكان إلى القناعات الأولى هو الصوت الواحد.. صوتنا نحن.. فكنت أتساءل كيف يقبل الشعب على الضفة الأخرى كل هذا الدم ولماذا يسانده العالم؟
...واليوم أتابع التصريحات على الجانبين وألتقط بصورة فاضحة لذاتي كيف أتأثر وأدمى لمشاهد قانا على الفضائيات ولا أجد نفس القدر من الألم بداخلي على ضحايا المعسكر الإسرائيلي.. هذا هو قلبي، بينما عقلي لا يكيل بميزانين فيرى الدم دما والمدنيين مدنيين ولا أستطيع أن أرى شهداءنا في الجنة وقتلاهم في النار عقلي يرى فقط بشرا يقتلون ودما مستباحا.... أرى بشرا أيديهم في الماء البارد لا يفعلون شيئا سوى دق طبول الحرب وهم عاجزون عن تحرير بلادهم من الأعداء الداخليين ثم أسمع لبنانيين يعيشون تحت القصف والدمار ويطالبون بوقف آلة الحرب..... لقد رضع جيلي العنصرية واتهم الآخر فقط بها...حالتنا بائسة وستزداد بؤسا بينما يتوقع البعض النصر...
أنا مثل شعبان عبد الرحيم أكره إسرائيل لكني لا أرى في واقعنا حلا إلا بنزع فتيل الكراهية... أتابع المظاهرات في إيران وباكستان ومصر وما تطلقه من شعارات حول محو الآخر وإبادته فأتساءل ما هو الانطباع الذي ستتركه تلك اللقطات عند المشاهد المحايد... نحن جميعا في العنصرية سواء لكن الفارق الجوهري أنهم عنصريون يملكون آلة حرب مدمرة وقوة ويتلقون دعما أمريكيا غير محدود يمكنهم من تحويل عنصريتهم إلى واقع يقتلون فيه أطفالنا وشيوخنا بقلب بارد أما نحن فلا نملك من تلك العنصرية سوى الصياح والصراخ فنبدو أمام مرآة الذات شخوصا هيستيرية..
أما آن الأوان كي نعود مجددا إلى الشعار النقي للثورة الفلسطينية في بدايتها "دولة ديمقراطية علمانية يعيش فيها الجميع مسلمون ومسيحيون ويهود في ظل السلام والمساواة".
اقرأ أيضًا:
لماذا هم قصار القامة؟/ جولة في شرايين القاهرة