على باب الله: وحملوها.... فطارت في الهوا الإبل 12/8/2006
عناوين الصحف صباح اليوم عن قرار وقف إطلاق النار، ولكن العناوين الفرعية اليوم وطوال أيامٍ تتحدث عن عدم قدرة الإغاثة وجهودها على الوصول إلى الجنوب حيث وصل التدمير إلى أقصاه.
كان عندي تخمين أكدته سطور المدونة التي تصف كيف ولماذا يعاقب الجنوب اللبناني، وتصلني أخبارٌ مؤكدة عن تأخر أو انعدام نجدة الجنوب، رغم أنه الأكثر تضررا!
سرحت متأملا في تفكيرنا وقدراتنا العقلية والإبداعية والمدنية التي كانت وما تزال وستظل على المحك في صراعنا مع إسرائيل. الكثير من الأفكار المكررة، والقليل من التجديد والابتكار، فكّرت كيف نتدرب على الخروج من التفكير سابق التجهيز، وكيف نتجاوز التكرار؟؟!
تحدثت إلى من حولي عن توصيل المساعدات إلى الجنوب على ظهور الإبل، حيث الناقة هي سفينة الصحراء كما كنا نسمع صغارا، وبسيقانها الطويلة، وتكوينها الجسماني القوي تستطيع الصعود والهبوط، وفكرت في الخيل والبغال والحمير أيضًا.
إسرائيل البربرية تعادي الحضارة وتحطم البشر والمنشآت الإنسانية والطرق والمستشفياتِ لتكسر الإرادة وتحطم المعنويات، وليس هذا بغريبٍ على عنصريتها ووحشيتها، وبخاصةٍ وهيَ مكلومةٌ مهانةٌ مدحورةٌ مهزومةٌ وفضيحتها بطول العالم وعرضه!!
فكرتُ في أنني لم أسمع لإخواننا في السودان صوتًا عاليا خلال الشهر الماضي، وربما هذا عيبٌ إعلامي، وفكرتُ في السودان وأهله البسطاء الطيبين. فكرت في أن السودان يمكنُ أن يرسل إلى لبنان طائرةً خاصة محملة بالجِمال!!
تذكرت جملة من قصيدة قديمة للشاعر أحمد مطر وهو يصف وقائع أسبوعٍ دعائي كانت السعودية قد قررت أن يلفَّ العالم كله تعريفًا بها، وكان شعاره "السعودية بين الأمس واليوم"، وفي انتقاله إلى أوربا وأمريكا سافرت مجموعة من "الهجن" "الإبل" على متن الطائرات لتكون جزءًا من المشهد، فلماذا لا تفعل السعودية نفس الشيء، لأغراضٍ إنسانية عاجلة جدا، ومطلوبة جدا جدا هذه المرة؟!
لماذا لا تطير الإبل العربية، والبغال والخيول لتغيث إخواننا وأخواتنا وأهلنا في الجنوب، طالما هناك صعوباتٌ ومحاذر في انتقال البشر، وطالما الحاجة -هذه المرة- هي للأنعام وليس للأنام!!
ليس عندي إحصاءٌ بعدد رؤوس الماشية أو بالأحرى حيوانات الركوب في لبنان، وهل تفي بالغرض أم لا!! ولكن أعتقد أنها فكرةٌ جديرةٌ بالسرعة في النقاش والتنفيذ لأنني أعلم، وكل من يتابع عن كثبٍ، أن الجنوب مدفونٌ تحت الأنقاض، ومتروك ليتعفن، ويموت عطشا وجوعا وخوفا وكمَدَا !!
ثم سمعت بالأمس فقط أن سوريا لديها من الإبل ثروة لم أكن أعرف عنها شيئا، ومعذرةً للجهل، وقيل لي أن هذه الإبل تعرف طريقها جيدا على الأرض اللبنانية لأنها طالما حملت البضائع المهربة من لبنان إلى الشام وبقية المدن هناك عندما كان النظام السوري يقول بالاشتراكية!!
الإبل السورية التي عملت في التهريب هل يمكنُ أن تعمل في الإغاثة؟!
إذا تم تنفيذ وقف إطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي، فهل يصبح كسر حصار التدمير، والطرق المهدمة والبنية التحتية المنسحقة، وإعاشة الجنوب وأهله هي الأولويات أم أن المهام كثيرة، والنازحون يأكلون قبل الصامدين، أم ماذا؟!
أخشى على لجنوب البطل من الإهمال والنسيان، أخشى أنه اكتسب المعركة العسكرية والنفسية والاجتماعية، ودحر الصهاينة، بينما هو مهددٌ بالخذلان!!
أخشى عليه مصيراً كمصير الحسين رضيَ الله عنه.
اقرأ أيضًا:
على باب الله: وجع المخاض 2/8/2006/ على باب الله خدعوك فقالوا أجازة