اعترافاتي الشخصية: جولة في شرايين القاهرة
لكي تطلق على نظام ما بالحاكم فعليه أن يكون في البداية منظما لكي يستطيع أن يحكم بالطريقة التي يرى أنها تحقق أهدافه، أما ما نعيشه في بلادنا هذه الأيام فهو الفوضى الحاكمة والتي تصل بي إلى حد الغثيان لمجرد تصور منظر الزبالة في الشارع المصري ولا أحد يحاسب أو يعيد ترتيب الأمور أو يربي، لذا فقد أخذت على عاتقي هذه الأيام تلك المهمة فكانت جولاتي القصيرة بالشارع الذي أحاول تجنبه مليئة بالحكايات آخرها كان بالأمس القريب عندما كنت أقود سيارتي المكيفة فرأيت يدا تلقي بقشر اللب من المقعد الخلقي للتاكسي الذي على يميني.
فدست بنزين حتى أصل إلى محاذاته وأنزلت زجاج السيارة فاختنقت بالرطوبة والعوادم وترابها الزعفران وابتسمت في وجه الشاب المليح الذي يستعين على الطريق المزدحم بقزقزة اللب وحييته أجمل تحية مسائية قاهرية فأخرج رأسه من السيارة منتبها إلى تلك المرأة التي تقود سيارة حمراء ورد التحية بأحسن منها فعاجلته بأن الشارع ليس بسلة مهملات ورجوته بألا يلقي القشر في عرض الطريق فشكرني ممتنا ثم أغلقت شباكي وأكملت متابعتي لأخبار القصف في لبنان على إذاعة البي بي سي وكأن شيئا لم يكن.....
ليل نهار نتكلم عن الإيجابية ومواجهة الأخطاء الصغيرة قبل الكبيرة ولكن هل ستغير شيئا كلمة من هنا وكلمة من هناك والحال تسوده الفوضى والأخطاء تقترفها السلطة قبل الجميع، وعندما وصلت إلى شارعي الذي باعوا أرصفته ودقوا فيه المصدات والخوازيق كمصايد لكبار السن والمكفوفين والحالمين والمشغولين بارتفاع الأسعار ومشاكل الحياة اليومية التي لا نهاية لها.
فكررت سلوكي اليومي المتمرد ضد شركة الاحتلال وساعدني على ذلك أحد المستوطنين الجدد من المنادين التابعين للشركة المغتصبة لشوارع وسط البلد بموافقة من المحافظة مشكورا (فقد نشأت بيني وبينهم صداقة بحكم العشرة وطبيعة الشعب المصري) فركنت سيارتي فوق المصد حتى أبطل مفعوله وأرد كيدهم فأنا المصرية الفهلوية التي رضعت التحايل على السلطة الظالمة.
وبدأ حديث آخر مع الشاب ذي الصيديري الأصفر الذي يقوم بدور المحصل حيث سألني إن كنت قرأت المقال المنشور بجريدة الأخبار ضد شركته وبدأ في استعراض الجروح التي أصابته من تلك المصدات التي نال من جرائها أربعة غرز وبشرني بأن كلاما يدور حول انسحاب جيوش الاحتلال من شوارع وسط البلد.... فتساءلت بيني وبين نفسي... ومتى ترحل جحافل الأمن المركزي؟ ورددت علي نفسي أيضا: عندما تتحرر مصر.
اقرأ أيضًا:
لحظة لإعادة النظر/ أجمل معزوفة ضد الفساد