المشهد الأول: ليل خارج النافذة... تخبط عجلات الطائرة أرض مطار بيروت فتضطرب مشاعري ولا أفهم لما هذا التأثر.. ثم نقف للهبوط من الطائرة فأرى فتاة مهووشة الشعر على موضة المراهقات في الرابعة من عمرها وهي تهتف لبنان يا ماما لبنان فأود تقبيلها لكني أحجم وندخل المطار فأجد سجائري بالسوق الحرة في أحدث إصداراتها وأحدث صديقي القنصل المصري الذي كان بانتظاري عن الورود التي يستقبل بها الأهل ذويهم العائدين فيبتسم كأصحاب الخبرة الطويلة التي أصبحت رؤيتهم أكثر عقلانية "شفنا تقبيل الأسفلت والرخام ومن ده كتير" وأركب السيارة فأجد إعلانا تجاريا يقول "واحد لكل واحد والبلد للكل.. البلد لكل البلد" وآخر لمنتج آخر اسمه الشمس ربما كان جريدة "الشمس.. صوت المجتمع المدني.. صوت المواطن في وطن لا في طائفة"...
وهكذا في كل مكان بما يوحي بالخوف من الفرقة أو الانفجار وهو أمر وارد رغم مهرجان الانتصار.... وأجلس مع الأصدقاء بمقهى جديد اسمه تاء مربوطة "ة" وهو مكان كان يستخدم وقت الحرب لتجميع مواد الإغاثة وقرر الشباب تحويله إلى مقهى ويوم الافتتاح عزمونا على المشاريب شرط أن نحضر معنا كتابا أو أكثر كهدية للمكان.. "تلك لبنان التي تعلمني العمل على القادم لا البكاء على الأطلال" وأتقابل على الترويقة أي وجبة الإفطار مع صديقين شيوعيين يناصران المقاومة وحزب الله ويشهدان لنصر الله بكل خير ويعترفان أن ذلك لن يمنعهم من أن يكونوا أول المناهضين لحزب الله وأن أولى معاركهم بعد الاستقرار هي مناهضة الطائفية والدولة الدينية وفي ذات الوقت يتهمان جماعة أربعتاشر آذار بالخيانة والعمالة للصهاينة والأمريكان.
وهو اتهام ظالم من وجهة نظري، ولا يمكن أن يستمر منطق تخوين كل من نختلف معه، وقوى 14 آذار صاحبة الأغلبية البرلمانية والتي حققت نصرها السياسي في الانتخابات الأخيرة انطلاقا من موقف معارضة الوجود السوري في لبنان تبني موقفها المعارض لعملية حزب الله التي قادت إلى الحرب الأخيرة من منطلق حسابات سياسية داخلية ورؤية وطنية يمكن الاتفاق والاختلاف معها دون تخوين، كما أتقابل مع القائمين علي أيام بيروت السينمائية وكلهم شباب كان له دور فعال بكل الأشكال أثناء الحرب عدا حمل السلاح... شباب أدى دوره ولا يزال رغم رفضه للحرب...
وأنزل على الضاحية الجنوبية والمربع الأمني حيث مقار حزب الله فأرى الخراب والدمار وأرى التصويب الدقيق على الكباري والبنايات فهم أي الاسرائليين يقصفون مثلا الكوبري من الوسط ويتركون المطلع والمنزل بلا فائدة... تدمير دقيق التصويب بما يؤكد أن ضرب ملاجيء الأطفال كان بالضرورة مقصودا.... ويلفت نظري عم أحمد سائق التاكسي إلى أن قاعة الاحتفالات الرئيسية قد استهدفت ثلاث أو أو أربع مرات؟؟!!
وينصحني صديقي الماروني بعدم الانغماس في السياسة والالتفات إلى العمل الخيري لأن الكل يظلم ولا حل برفع الظلم إلا بالعمل الخيري.. وأفشل في تدبير زيارة إلى الجنوب فتبتسم "هانيا مروة":"لا تقلقي أمام إعادة إعمار الجنوب وقت طويل وسيظل الكثير الذي يمكن أن تريه في زيارتك القادمة".
ويتبع >>>>>: اعترافاتي الشخصية أيام بيروت السينمائية2
واقرأ أيضاً:
هل شعرت يوما بالاضطهاد أو التمييز؟/ اعترافاتي الشخصية: خسارة الصديق هي الحل الوحيد؟