كان الإمام قد أنهى ركعات القيام، ونهض يرفع يديه للقنوت، وفوجئت به يقول في دعاءه:
"اللهم إن المسلمين ملء أفواههم يضحكون، وملء بطونهم يأكلون، وأطفال العراق من الجوع يموتون!!"
"اللهم إننا عاجزون عن عونهم فأعنهم، مقصرون في إغاثتهم فأغثهم"
"اللهم إن إخواننا في فلسطين –حول الأقصى– يستشهدون، ونحن عن نصرتهم عاجزين.."
إنه مسجد كبير في ميدان كبير تقع فيه عيادتي، ولكن هذا هو شعور الكثيرين!!
حين كنت أكتب عن "لبنان" والحرب عليه، وحين كنت ومازلت معجبا به في مقاومته وانتصاره، وصموده واعتزازه وجد الآخرون في أنفسهم، وكأن القلب حين يحب لبنان وجنوبه سينسى العراق وشجونه، أو يغفل عن فلسطين وجراحها!! وكفاني هذا الإمام الكلام!!
أسمعتني ابنتي أغنية شيرين : "لبنان في القلب"، أو هكذا أسميتها، بكلمات بسيطة، ولحن بسيط تهزك المعاني، وصوت "شيرين" بنبراته يناسب الموضوع والهدف.
سألت نفسي: هل الفن عندنا ينظر إلى نفسه نظرة في معارك الوطن، ملتزما بالتفاعل مع مشاعر الناس، بل وإثارتها في الوقت والاتجاه المناسب؟!
تذكرت الآن أغاني عبد الحليم التي واكبت يوليو 52 من البدء وحتى المنتهى، فكانت ديوانها، ولسانها ومحاميها، وكتيبة إعلامها أو الدعاية لها.
أقول هذا وأنا حزين مكتئب ومحبط من أغلب ما أسمعه هذه الأيام من غث المعاني، وغثاء الكلمات، أو آخرون يكررون للمرة المليون نفس الكلام عن عالم الحب الوردي، بملائكية أسطورية أفسدت على الناس حياتهم لأنها وهمية ومصنوعة ومتكلفة!!
صرت متأكدا أن كتلا منا تهرب عمدا من الخواء، ومن صعوبة الحياة، وأحيانا من ترفها الزائد، تهرب من فقدان المعنى والجدوى، وأحيانا انعدام الأمل والأفق، إلى الأغاني، وشبكة الإنتاج والتوزيع والترويج، وجيوش الإعلام والإعلان عن كل جديد في هذا الميدان معروفة!! إلى أين تأخذنا هذه السحب الكثيفة من الغيبوبة والغياب عن الوعي باسم الترفيه؟!!
ربما الحل أن نتمسك بالمقاومة أملا ومشروعا وأفقا وحلما وواقعا: نغني له، ونعيشه، ندعمه فيسندنا، نحاول تنميته فيمنحنا المعنى والجدوى ونشوة الانتصار في موقعة مما يعين على استمرارنا في الحرب المستمرة في العراق وفلسطين وغيرها!! لا بد من الاستمرار، ومن أجل ذلك فإن لبنان في القلب!!
26/9/2006
اقرأ أيضًا:
على باب الله نعمة رمضان30/9/2006 / على باب الله: وطن في التيه