أعظم كائن برع في تغيير الأقنعة.. الطفل. فهو يعرف جيدا متى يبكي ويصرخ ليحصل على ما يريد، ومتى يتصنع التودد ومع من. يفعل كل ذلك بشكل تلقائي. ربما لأنه ضعيف ولا حول له ولا قوة، لقد منحته الطبيعة تلك القدرة العبقرية لدفع الأذى وجلب المنفعة باستغلال ما يمتلك فقط: البكاء والتودد.
يلجأ الكثير من الناس، وبخاصة النساء، إلى تكوين شخصية هجومية بشكل تلقائي، لإخفاء الضعف الداخلي والإحساس بالخطر. ولا يتوقف هذا على النساء فقط، فكثير من الرجال لهم مثل تلك الشخصية أيضا.
وعادة ما يحدث ذلك عند الشعور بوجود أزمة بسبب الضعف أو الطيبة، أو بسبب حادث عارض ولكنه عنيف ومفاجئ. وأكبر أسباب تكويننا لتلك الشخصية هو.. الإحساس بالقهر على المستوى الشخصي. فالمقهور يسعى دائما لتعويض القهر بأشكال مختلفة. إما بقهر غيره، أو على الأقل السيطرة عليه.
أو اتخاذ السلوك العدواني الوقائي أو الانتقامي. وعادة لا يقع الانتقام هنا أو القهر والسيطرة على نفس المتسبب في قهرنا، ولكن على أي إنسان نتعامل معه.
امرأة من عائلة متيسرة مرت بظروف صعبة في طفولتها جعلتها تكره الرجال وتخشاهم. فقد كان زوج أمها معتادا على إلحاق الأذى اللفظي والجسدي بها. وقد أثر ذلك على حياتها فيما بعد، خاصة في علاقتها مع الرجل. فهي على حظ وافر من الجمال ولكنها دائما ما تصد كل من يقترب منها، وعادة بفظاظة. أما العلاقات التي استمرت فيها، فقد كانت دائمة الإصرار على أن تكون الكلمة العليا لها في كل شيء. وهي تعرف سبب ذلك، وهذا هوالمهم في الموضوع. فهي تعلم أنها كذلك بسبب ما تعرضت له في طفولتها وصباها. وعندما أرسلت حكايتها علىالإنترنت نصحها المتخصصون بالخضوع للعلاج النفسي.
بالرغم من أن هذه حالة متطرفة نوعا ما من الشخصية الهجومية التي تخفي وراءها ضعفها، إلا أننا نجد كثيرا من تلك الأمثلة، وإن كانت أقل حدة في الغالب حولنا. واعتقادي أنه سلوك طبيعي أن يكون رد فعلنا هجوميا، في الأشياء التي عانينا من القهر أو الهزيمة فيها. ولكن المشكلة تبدأ عندما يكون القهر شديدا وبالتالي يكون الهجوم عنيفا، بشكل لا يفهمه أو يستطيع التعامل معه من لا يعرفون الدوافع وراءه.
كثيرا ما تسير حياتنا بشكل مختلف تماما عما كنا نحلم به لأننا في لحظة حاسمة لم نحيا حلمنا ولكن حلم شخص آخر. فنجد أنفسنا نعيش بشخصية ليست تلك التي كنا نحلم بها، ويبقى الصراع بينها وبين الشخصية الحلم، وتختلف نتيجة الصراع من شخص لآخر.
فعند اختيار الكلية أو مجال العمل بعد التخرج، كثيرا ما نقع تحت تأثير اختيارات أخرى غير اختياراتنا. فقد يصر الأهل مثلا على كلية معينة أو حرفة معينة، وكثيرا لا يكون لها أدنى علاقة بما نحلم به نحن. عندئذ نبدأ السير في طريق لا نريده، ولكننا أضعف من أن نغيره. وتكون النتيجة الحتمية هي الصراع. وأخطر ما في الصراع الداخلي هو استمراره بدون حسم، فذلك يؤدي قطعا إلى الفشل الذريع في كل شيء، والحسرة المستمرة على كل شيء.
واقرأ أيضاً:
هل تعيش بشخصيتين؟/ يا مساوئ الصدف.. يا سيادة رئيس الوزراء