تفكير عميق وبعض القلق وكثير من الإيمان، كل هذا كان مغلفا بحالة من الفضول عما سوف يأتي به صباح اليوم التالي في النيابة. في الصباح التالي شربت قهوتي وشددت من عزيمتي وهمست لي روحي وأنا أغلق باب منزلي من خلفي "يا رب".
وفي النيابة وقبل أن ينطق أي أحد بأي حرف أو كلمة أحسست بكل قوة العالم تستقر في قلبي، أنا صاحبة حق.. أنا ضد الفساد وإذا كان ما قلته في قناة المحور من أن تصدير الغاز لأعدائنا بأسعار بخسة عار، هو أمر يشكل جريمة سب وقذف إلا أني أعتبره شرفا لي أفخر به وأتباهى. اطمئن قلبي وتأثرت كثيرا عندما وجدت الذين جاؤا لمساندتي من شباب 6 إبريل واقفين على الباب في انتظاري.
وفي النيابة أجد لزاما علي أن أقول إن كلا من رئيس النيابة ووكيلها كانا في منتهى التهذيب والاحترام، سألوني فأجبت بموضوعية وكان التحقيق في غاية الحياد والموضوعية، كانوا رجال عدالة بالفعل.
تحصنت في النيابة بحكم القضاء العادل الذي حكم بوقف تصدير البترول لأعدائنا. تتلاحق الأحداث وقبل أن أدري وجدت نفسي في منزلي ثانية، جلست وحيدة أفكر، راجعت النيابة في ذهني والتحقيق والاتهام وتصدر الصورة هؤلاء النبلاء الذين أتوا لمساندتي وضحكت من نفسي بأني أحاول دائما أن أكون إنسانة صلبة وقوية إلا أن هذا النوع من المساندة ينجح في كل مرة في التأثير في عواطفي لدرجة الدموع.
من يريد أن يحب إسرائيل فليتفضل ومن يريد أن يشد على يد نتانياهو أو يمسك بيد ليفني أو يدعو بالشفاء لشارون فليفعل أما أنا فلا أرى فيهم إلا مجرمي حرب ولن أستوعب أبدا مهما حاولت حقيقة أن مصر قلب الأمة العربية تبيع لهؤلاء بترولها الذي يمكن أن يستعمل في تسيير دبابة أو إنارة مستوطنة أو ملء خزان طائرة كلها مسخرة للسيطرة على الأرض المحتلة.
إن الأطفال لا يقتلون فقط بالرصاص والفوسفور وبآلات الجحيم ولكن الأحياء منهم أيضا يموتون كل يوم، يموتون عندما يغتال الرعب البسمة على شفاههم الصغيرة وعندما يغتال اليأس أحلامهم الكبيرة وعندما يكون الظلم والقسوة المؤلمة هما خبزهم وماؤهم وهواؤهم والوسادة التي ينامون عليها والغطاء الذي يستر أجسادهم الصغيرة.
لا وألف لا هم أعداؤنا وتصدير الغاز لهم عار، كل العار، لا وألف لا لن نغفر ولن ننسى ولن يحول بيني وبين صرخة قلبي دعوى سب أو قذف أو محاولة بائسة للترويع أو التخويف هنا أو هناك. تساءلت وأنا في النيابة ولماذا أنا بالذات؟ أنا إنسانة مصرية عادية ومشاعري تشبه مشاعر كثيرين غيري، قالوا لي ردا على سؤالي، لأني مذيعة معروفة!! عظيم، أنا مذيعة معروفة وسوف أقف وأنادي بأعلى صوتي لا لتصدير الغاز للأعداء.. عار.. فساد.. وأنا ضد الفساد..
اقرأ أيضاً:
يا فرحة ما تمت/ كوتة... بالباشميل!