أرسل د. عمرو مدحت (25 سنة، صيدلي، مصر) يقول:
بسم الله الرحمن الرحيم "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ" (لقمان:6)
كما قال الرسول الكريم ما معناه "لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء..."
فهل كل ما قرأت من مدح وثناء على هذا الرجل إن جاز التعبير بقول الرجل ينطبق على سلوكه.. سيعود الإسلام عزيزا حينما يصبح العلماء ورجال الدين وكل الشرفاء هم صفوة المجتمع ويتنحى السفهاء وأشباه الرجال وكل من يظن نفسه بطلا وهو في الحقيقة معول هدم لا بناء في جسد هذه الأمة.. نرجو التعبير عن رأي الجماعة لا الرأي الفردي.. فمن من المسلمين حقا يحب مايكل جاكسون؟
2/7/2009
يذيّل الدكتور وائل أبو هندي صفحات موقعه بملاحظة ثابتة مفادها أن الآراء المنشورة تخص أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظره -الموقع- أو تعكس اتفاقه معها.
هذا التنويه يبطل الحاجة لتوصية تفضلتم بها على صاحبه بألا ينشر إلا ما يتفق ورأي الجماعة، ودعني أضع عدسة مكبرة على شبه الجملة "رأي الجماعة"؛ فمن يدري ما رأيها؟ إن كان لها رأي ابتداءً!، ومن هي الجماعة يا سيدي؟!.
أن يكون لك رأي يُعتَبَر في قضية ما، أو أمر ما، بل حتى في شخص ما- رغم تحفظي على إبداء الآراء في الأشخاص- يتطلب أكثر من رغبتك في أن تقول شيئاً! وأن تدلي بوجهة نظرك، فهذا لا يتضمن رأياً بالضرورة، فقد تتحدث من حيث ترى وهذا لا يعني أنك ترى بوضوح من حيث أنت!. إذن عليك أن تقترب، أن تدير رأسك قليلاً، أن توسّع أو تضيّق زاوية النظر، أن تعرضها على حواسك وتسمح لعقلك أن يعمل فيها، باختصار أنت بحاجة لمعلومات وأحياناً لتفاصيل تشكل هيكلاً تركّب عليه جهدك الذهني فيها فيتكون رأي يقبل النقاش والدحض والتأييد. ونحن في الغالب إمّا كسالى لا نتحرك نحو المعلومات وإن توفرت، أو ممنوعون عنها قهراً، أو عاجزون عن إدراك وجودها؛
ولهذا الكسل والحرمان والعجز جذور ضاربة في شخصية العربي بَذَرَتها الأساليب الخبيثة للتربية التعيسة في مراحل التكوين والإنضاج- الطفولة والمراهقة (ولا أجد هنا في نفسي رغبة لتكرار ما سبق وضمنته في تعليقات سابقة على استشارات قدمها د.أحمد عبد الله في الماضي حول أسباب التشوهات النفسية التي باتت رزية لا تنفك ملازمة للعربي، فإن رغبت أن تعرف ابحث عنها في "مجانين")، تجعل منه كائناً يتحرك بانطباعاته وتهيؤاته -سهلة التكوين ذهنياً- بديلاً عن معارفه ويقينياته -التي تتطلب جهداً لتحصيلها- فلا يتوانى عن التحدث أو التصرف فيما لا يلمّ أو يعرف! وللعاقل أن يتوقع رداءة وفوضوية حياة تديرها الأهواء والأوهام والأضاليل، وإن أعطتها أسماءً وأوصافاً أكثر احتراماً وقدسية كالدين والثقافة والصحافة والتعليم...
وفي حين أن الآراء -بالصورة التي أسلفنا- تنطبع بالحركة والمرونة لاعتمادها على عناصر تقبل التغيير على نحو يمكن توقعه (المعلومات والمعارف والتفكير المنطقي، وجميعها قابلة للتحديث والتطور والنقاش)، نجد أن التهيؤات والأوهام أكثر جموداً، وإن تغيّرت فإن تغيرها صعب القياس سواء في الاتجاه أو المقدار.
ثم من هي الجماعة؟ إن تأملت يا عزيزي قليلاً فستدرك أننا مجموعة من الأفراد يشغلون موقعاً جغرافياً يتوق كل واحد منهم للرحيل عنه، هم محشورون قسراً في هذه البلاد تتحكم في مغادرتهم ظروفهم الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية. هم مجموعة وليسوا جماعة؛ وفي حين أن الأخيرة تتضمن درجة من الانسجام والاتفاق حول أمر ما: فكرة، مصلحة... إلخ يصدر من داخلها ويشكل جزءاً من كل فرد فيها، فإن الأولى تستبد فيها الفردية والسلبية والعزلة ولا يبقيها على "اجتماعها" الظاهري هذا إلا عامل خارجي قاهر تنفلت تماماً بزواله... ولا تحدثني عن الدين واللغة والتاريخ والمصير المشترك، فهي عوامل توحد مواطني المجتمعات المدنية، لكنها تبقى مبعدة خارج أسوار الأنانية والبدائية التي تطبع ذهنية الفرد عندنا.
قُل لي بالله عليك: كيف يكون لمجموعة من الأنانيين الكسالى يفتك الجهل فيها، رأياً؟.
على ما تقدم؛
أنت تقف بعيداً، بل بعيداً جداً عن خاطرتي الصغيرة تلك! بل أكاد أحلف بالعليم أنك لم تقرأها إلا عنوانها؛ فكيف يستقيم أنك أخذت عليها -وعلى صاحبتها- "... المدح والثناء على ذاك الرجل"، وخلوها من ذلك تماماً؟ هي ليست إلا تسجيلاً لعواطف وذكريات وتأملات أثارتها المناسبة! أنا أتحدث عن نفسي يا سيدي وليس عن الراحل جاكسون، أنا أتامل مقاطع من حياة رجل ملأ الدنيا وأثّر في أهلها -شئت أم أبيت- لا لأحكم عليه -فليس هذا من شأني- بل لأنها تشترك معنا كلنا في حاجاتها ومشاعرها، نفس إنسانية مرّت عليها الحياة بما تمر به علينا جميعاً من فرح وبؤس وراحة وألم...
قرأتَ العنوان فأفرغت في المحتوى انطباعاتك وأفكارك المسبقة وتوقعاتك ثم استدرت تحاسبني عليها! ولتقطع الطريق تماماً أمام أي فرصة للتدقيق فيها فإنك تنزع عني ديني وتطردني من زمرة المسلمين عامة -فأنت ترى أن ليس منهم حقاً من يحب جاكسون!- وبذلك تجرّمني وتسفّه آرائي بل ربما تهدر دمي! أتراك كشفت عما في صدري؟ أتدري ألله ساخط عليّ أم راضٍ عني؟ أم أنك تعلم السر وأخفى ورأيت أني لست ممن أسلم لله وجهه؟ ما رأيك في قوله صلّى الله عليه وسلّم أن امرأة تصلي وتصوم وتكثر من الصدقة لكن تؤذي جيرانها بلسانها "هي في النار"، وأن بغيّاً دخلت الجنة في كلب أسقته بنعلها! ألا تظن أن في حسابك الأولى في الجنة والثانية في بئس المصير؟.
أتدري متى يعود الإسلام عزيزاً يا سيدي؟ حين تعمل عقولنا قبل ألسنتنا، ونكف عن الكلام ونبدأ في العمل ونتقنه... وبالمناسبة، ليس في إسلامنا رجال دين، وصفوة المجتمع هم علماؤه العاملون، ومثقفوه الأوفياء للفضيلة وإن لم ترضَ عن إيمانهم.
أحتاج للموسيقى والغناء كشكل راقٍ من التعبير عمّا يطرأ في نفسي من مشاعر وأحاسيس تخلقها فيها الحياة بتقلّبها... ولم أجد في الغناء العربي ما يفعل ذلك -إن وضعنا فيروز والرحابنة جانباً، وبعض استثناءات أخرى شديدة الندرة تؤكد القاعدة-؛ فعندنا إن لم أكن مغرمة برجل ما -والعكس قائم أيضاًُ- فلن أجد ما يعبّر عني! مرة أخرى، نرفض الاقتراب لنتعرف على ما نحتاج في الواقع، ونترك لانطباعٍ يزعم أن الغناء لا يكون إلا في حالات الحب والغرام -والذين لم نفلح في الكثير من الحالات في توصيفه- يتحكم لسنين طوال في نطاق الغناء والموسيقى عندنا! في كل حالة وموقف تأتي به الحياة:
مفرحاً أم محزناً، استطاع الغناء "الغربي" -باللغة الانجليزية تحديداً، فهي اللغة التي أتقنها أكثر من غيرها مما تعلمت من لغات- أن يرصد مشاعر الإنسان ويصفها ويفسرها بدرجة عالية من الكمال والنضوج، مما يجعل الأغنية منفساً لها ووسيلة شرحها والتعبير عنها، بل أنها -الأغنية- تجاوزت المشاعر لتناقش أفكاراً ومعتقداتٍ وتوجهاتٍ سياسية واقتصادية ودينية واجتماعية -دون أن يسلبها شعبيتها وانتشارها-... فتلك هي أوجه الحياة التي يصنعها الإنسان وتؤثر فيه فيتخذ منها موقفاً وتثير عاطفة وتغيّر اتجاهاً. لذلك ولهذا السبب -وأسباب أخرى- تجد أن الكثير من هؤلاء المغنيين -والفرق الغنائية، والتي لا نجد لها نظيراً عندنا، أنانيون!- هم شخصيات تحظى باحترام شديد في مجتمعاتها.
نحن مجتمع -تجاوزاً- سابق البشرية ليستأثر بالقاع وحصل على كل المقاعد فيه، القاع في كل أوجه الحياة... كان هذا إنجازنا الوحيد، نحافظ عليه منذ زمن!.
والله من وراء القصد
اقرأ أيضاً:
في العتمة! / في التفاصيل
التعليق: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الدكتور الفاضل وائل أبو هندي،
أرجو من الله أن تكونوا في أحسن حال. أتمنى يا سيدي الكريم أن تزال مقالتي المعنونة "مايكل جاكسون" وردي على مشاركة أحد القراء عليها.
تغيرت امور كثيرة منذ ذلك الوقت تجعلني اخشى أن يفتن أحد بما أملته نظرتي القاصرة للأمور آنذاك فخطته يداي وحفظه موقعكم هذا. أرجو منكم بإلحاح محوه لعل الله يمحو من صحيفتي ما كسبته يدي في ظلمة من عمى البصيرة والتيه، منّ عليّ بسبيل للخروج منه وإن تأخر.
أسأل الله يعفو عني وعنكم وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وألا يجعلنا فتنة لأحد من عباده.
كونوا دوما بخير، مودتي، لميس طه