المجرم الأخير!!!
أرسل محمد علي حشيش (مهندس، 38 سنة، مصر) يقول:
معك حق
أخي العزيز د. أحمد عبد الله أتفق معك في معظم ما جئت به في مقالك هذا. وأنه على الناس أن تستيقظ من غفوتها وغفلتها وأن تعي دورها تماما . وإن كنت أختلف اختلاف بسيط في أن نصب الأخطاء الفردية على أنها أخطاء مجتمعية دون دراسة عميقة تثبت بأن هناك نسبة تحسب حتى يمكننا ترجيح أن السبب هو المجتمع أو المحيط و ليس الفرد نفسه.
ولتوضيح مقصدي، جئت بمثال تلك المرأة التي صنعت علاقة سحاقية مع امرأة أوربية ولمت المجتمع وأهلها بأنهم السبب في ذلك.
السؤال، هل كل من تفعل ذلك يصبح أن هناك مجرمون آخرون غيرها هي؟ إذن هل كل المنحرفات والمنحرفين نتاج أهل منحرفين ووطن منحرف أم ماذا؟
"لا تزر وازرة وزر أخرى" فهي مسئولة عما تفعله وتحت أي سبب أو مسبب لن يلغي مسئوليتها.
وتقبل خالص تحياتي وتقديري
8/6/2009
أرسلت أميمه (طالبة بكلية الصيدلة، 21 سنة، مصر) تقول:
د. أحمد عبد الله: قرأت مقالك وأعجبت به كثيراً فقد أيقنت مؤخراً أننا لم نكن لننعم بالأمان في أوطاننا الآن ولم نكن لنستطيع أن نكمل حياتنا إذا لم يبادر الأولون إلى الوقوف في وجه الظلم والطغاة..... إذا لم يتحرك سعد زغلول ورفاقه ويقفوا ضد الإنجليز وإذا لم يصر جنودنا في حرب أكتوبر على التضحية بأرواحهم وإذا لم يتحرك كل المناضلين عبر التاريخ للوقوف في وجه الظلم فما الذي كان سيؤول إليه مصيرنا الآن؟
لاشك أننا مطالبون في عقيدتنا الإسلامية بعدم السكوت عن الظلم والمنكر بل إننا مأمورون بدفعه إذا استطعنا ففي الحديث الشريف: "من رأي منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" وخير الشهداء رجل قال كلمة حق في وجه سلطان جائر فقتله. "ولتكن منكم أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" إذن قول "لا" للمنكر بكل صوره هو وظيفة كل فرد مسلم...
لكن الآن سيدي الفاضل انتشرت ثقافة الخوف فبدلاً من أن نجد أماً مثل أسماء بنت أبي بكر تشجع ابنها على الوقوف في وجه الظلم أيام الحجاج بن يوسف الثقفي وتقول له: وهل يضر الشاه سلخها بعد ذبحها... نجد الآباء والأمهات في عصرنا هذا يحاولون أن يقنعوا أبناءهم بالابتعاد عن كل ما يضرهم..... أتذكر قبل الدخول للجامعة كانت هناك لائحة تعليمات بعدم الاشتراك في مظاهرات بالجامعة و...و..و.... وعندما فكرت بعمل مدونة كان التحذير ابتعدي عن أي كلام بالسياسة فلا نريد مصيرك مثل إسراء عبد الفتاح...
مؤخراً كنت قد كتبت مقالاً بأحد المنتديات أنتقد فيه السماح لمطرب بدخول منشأة تابعة للجامعة لعمل حفل حدث فيه ما لا يحمد عقباه وفي نفس الوقت منع كثير من المثقفين من دخول الجامعة لسبب أو آخر وعندما أخبرت والدي-الأستاذ بالجامعة- طلب مني مسح المقال فوراً وعدم كتابة أي شيء له علاقة بالسلطة أو الأمن فهو لا يريد لي نهاية مأساوية... تفهمت خوفه علي لكن في نفس الوقت شعرت بأنني مقهورة ولا أستطيع التعبير عن رأيي بحرية في بلدي...
في الجامعة... دائماً يطلب منا طلبة الإخوان الاشتراك في بعض المظاهرات التي ينظمونها ويطلب منا بعض طلاب 6أبريل أن نوقع على وثيقة ليرفعوا دعوى قضائية ضد الجامعة للمطالبة بتخفيض أسعار الكتب.... أرفض الاشتراك مع أي منهم لأنني أنظر إلى مستقبلي وأنني لن أنفع أحداً عندما يتم إلقاء القبض عليّ بل عندها سأخذل أهلي الذين لم يدخروا جهدا في تعليمي وفي نفس الوقت أقول بأن نجاحي في دراستي هو الذي سينفع الوطن وليس القبوع في السجن.
أفعل ذلك وفي نفس الوقت لدي شعور يؤنبني بأنني خفت من قول الحق.... صحيح أن كل من حولي يخبرني بأنني تصرفت بشكل صحيح لكن لم أعد أدري ما الصواب... أتعلم؟ أخبرتنا صديقة أنها وأهلها تعرضوا لتهديدات من بلطجي لأنهم فكروا في ترك "وصلة النت" من عنده وأن ذلك سيسبب له الخسائر وعندما قامت والدتها بالاتصال بالشرطة وأخبرتهم اسمه أخبروها أنها من الأفضل أن لا تستفز هذا الشخص لأنه بلطجي ودائماً ما يتم إلقاء القبض عليه ثم يعود للانتقام بعد خروجه. أرأيت؟ حتى القانون لم يعد يحمينا؟ طبعاً هي مقهورة من هذا الوضع.
إننا في زمن انتشر فيه الخوف لأنك وبكل بساطة إذا انتقدت شيئاً فأنت تعرف جيداً ما مصيرك.. لن تجد القانون الذي يحميك.... أيام سعد زغلول أو غيره كان هناك من يقف بجانبهم... نعم اعتقلوا وتعذبوا لكن كان الشعب كله يقف وراءهم... أما الآن فانتشرت ثقافة الأنامالية... الكل يريد ألا يخسر حياته وأبناءه ودراسته و..و..و... لسبب بسيط أن سيادة القانون غائبة وأنه لم يعد يحمينا.
نعم إنها سلبية أتفق معك لكن دعني أسألك أستاذنا الفاضل: هل تحذر أبناءك أنت أيضاً من الاقتراب من السياسة أو المعارضة وإذا تعرضت لموقف مع بلطجي مثل الذي تعرضت له الصديقة فهل كنت ستقف أمامه أم تحاول تجنب الاحتكاك به؟ وإذا كنت تفعل ذلك فمن وجهة نظرك ما هو الحل لكي نكون ايجابيين نافعين للوطن؟.
وأزيدك من البيت شعراً عندما أخبرك أن أي مصلحة لك في منشأة حكومية لن تقضي إلا بالرشوة العلنية وأنت مغلوب على أمرك وأن قلت لا فلن تحصل على حقك "وكله بالقانون" لن تستطيع استخراج رخصة لبيتك دون دفع رشوة... وإن أردت الحصول على حق غيرك عليك بدفع رشوة... إنها مشكلة عنكبوتية تتداخل فيها أسباب كثيرة ومتهم فيها أشخاص كثر... لابد أن يدرك المسئول أنه في يوم ما سيكون من الشعب العادي وتذهب عنه وظيفته ولابد أن يدرك أن أبناءه قد يكونون يوماً من عامة الشعب بعد موته وبالتالي إذا سعى لتفعيل القانون الذي يحفظ حقوق الناس فمن المؤكد أنه سيستفيد من ذلك وذريته أيضاً أما أن نسكت عن ظلم الناس فقد يطالنا هذا الظلم يوماً ما فبقاء الحال من المحال.
سنستطيع دفع الظلم والوقوف بوجه كل أشكال الباطل إذا كانت هذه إرادة جماعية وهو ما ذكرته أنت في قولك "لابد من حل لمشكلة صدأ العقول وانحطاط التفكير الإيجابي، وندرة النشاط الذهني والإبداعي السليم في الصغار والكبار، ولابد من حل لمشكلة الجهل بالأوطان تاريخا ومصلحة، ولغة وإمكانات، ولابد من حل لمشكلة تآكل التواصل الأسري والاجتماعي بين الناس ومشكلة التمزق والتشتت والجهل المتبادل الذي تعيشه الأقطار المختلفة، والمذاهب المختلفة، والطوائف المختلفة في أمتنا التي تعاني فرقة لا مثيل لها!!!".... ولكن يبقى السؤال كيف تكون البداية الفعلية لتجميع شتات أمتنا؟ وما الذي يستطيع كل منا فعله في سبيل تحقيق ذلك؟ شكراً علي مقالك الهام.
8/6/2009
أرسلت نسرين (طالبة، 24 سنة، فلسطين) تقول:
هل يصح أن نضع كل أخطائنا ومصائبنا على الغير هل يصح أن نلومهم على ما نحن فيه؟
الإنسان في هذه الحياة مسيّر ومخيّر ومن أراد أن يتبع الله فلن يخذله بإذن الله.............
لا أنكر أن العالم العربي مليء بالأحداث
لا أنكر أن المصائب في كل مكان لكن لا يجب أن تكون هذه حجتنا لنخطئ ونقول:: لا ذنب لنا........ لماذا لم يرتد آل ياسر عن إسلامهم عندما عذبوا.. وفضلوا الموت؟؟؟ لماذا لم يرتد "بلال" عن إسلامه رغم التعذيب الذي تعرض له؟؟؟............
كلنا قد مررنا بتجارب فظيعة.. كان ممكن أن تؤدي بنا إلى الضياع لكن هناك في النهاية.. عقلٌ نفكرُ به... لا أنكر أن مشكلتها آلمتني شديداً لكن كونها تعيش مع امرأة أوروبية تحت مسمى "السحاق" فهذا الذي لم يتقبله عقلي فهي هربت من جحيم إلى جحيم وهذا كان خطؤها من البداية ظنت أنها ستجد الجنة عند زوجها.. ولأنها كانت "معقدة" من الرجال..
كانت تريد رجلاً كخاتم في إصبعها وكانت لا تقبل أن يملي عليها ما تفعل.. لأنها كانت تعتقد أنها ستتخلص من الرجال وتحكمهم فيها فنحن سمعنا من طرف واحد.. ولا نعرف ما هي ردة فعل زوجها ممكن أنه ككل الرجال الشرقيين.. كأن يريد زوجة لا تخرج عن طوعه ولا ننسى ما يتعرض الرجل له من ضغوط في الغربة فليس هينة حتى عليه...............
وانغماسها في السحاق.. يدل على اضطراب عندها كان موجودا منذ البداية صحيح أنها نادمة.. لكن هذا لا يغير من الحقيقة شيء تستطيع أن تقول لاااااااااااااااا
فعذاب ربها سيكون أصعب من عذاب عبدها....................
نسرينة
10/6/2009
عندما كتبت مدونة المجرم الأخير كنت أقصد الإشارة إلى فكرة المسئولية الجماعية والمسئولية الاجتماعية، ولم أقصد مطلقا أن ألغي المسئوليات الفردية لأننا في واقع حياتنا نقع في التطرف على أحد الجانبين: إما أن نذهب بعيدا في تقرير مسئولية البيئة المحيطة بالمخطئ، أو المخطئة والعوامل والظروف التي أوصلته أو أوصلتها للخطأ، أو نتناسى ونتغافل عن دور هذه العوامل جميعا، وعن مشاركتنا في الانهيار العام بالتالي، أو صناعة بؤسنا، وبؤس من حولنا غالبا، وهذا خداع للذات، وللآخرين!!!
تعليق الأخطاء في رقبة أصحابها فقط يؤدي إلى غياب جوانب خطيرة من الصورة، وبالتالي يتأخر الحل لمشكلات عميقة نعاني منها، والهروب من المسئولية الفردية، وتعليق الأخطاء على شماعة الآخرين يؤدي إلى نفس الفشل والتأخر في العلاج، وكلاهما خطأ وجريمة.
تناولت صحف القاهرة مؤخرا قضية حكم فيها القضاء بالإعدام على عدد كبير من الخفراء المعدمين البسطاء كانوا وقود معركة اشتعلت على ملكية أراضي بين بعض الكبار، وحين اندلع الصراع، وتكلم الرصاص، وسالت الدماء كان المعدمون هم القتلة والضحايا، وحكمت المحكمة من زاوية وبمعيار المسئولية الجنائية التي تقع على من جذب الزناد وأطلق النار فقتل، ولم تتطرق إلى المحرضين الذين اشتروا الفقراء والسلاح، وأمروهم بالقتل ثم جلسوا في بيوتهم من قبل المذبحة وبعدها... لم يمسسهم سوء!!
بمعيار المسئولية الجنائية سيشنق المجرم الأخير، وستغيب غالبا بقية الأبعاد فلن يتحدث أحد عن الذي أوقع هؤلاء المعدمين في فقرهم المدقع حتى اضطروا إلى عمل شاق مقابل دراهم معدودة!! وعمن تركهم فريسة للأمية، وبساطة العقل إلى حدود أن يأمرهم أصحاب الأراضي التي يحرسونها بالقتل فيقتلون ويقتلون، وتتكوم أشلاء اللحم الرخيص فوق بعضها!!
في بلد مثل مصر تسبح بؤر محدودة من العمران المنظم الذي يتمتع بحد معقول من الخدمات وتنظيم وتخطيط الشوارع والمرافق في محيط هائل من المناطق العشوائية حيث لن تجد أبسط المرافق، وحيث الحياة الآدمية حلم أطفال يتمنون صنبور مياه نظيفة، أو مسكن آدمي مستور، أو شارع لا يسبح في مياه المجاري، أو لا ترتع فيه الحشرات والقوارض والزواحف!!
هذه المناطق الشاسعة يسكنها ملايين، وهي مصدر تتدفق منه المشكلات، ومعسكرات مفتوحة للتدريب على الجرائم، وشحن أنفس ساكنيها بمشاعر الرغبة في الانتقام ممن لا يشعرون بهم، أو ممن يبيتون يتجشأون من التخمة وجيرانهم جوعى تضاجعهم المسغبة، والأمراض، وسوء التغذية، والتهميش الاجتماعي والخدمي!!
وإذا خرج من هذه البؤر مجرم ليذبح ويسرق ويروع الآخرين ثم يندهش البعض لماذا تنتشر الجرائم العنيفة!!
حضرت ندوة تناولت ظاهرة "التحرش الجنسي"، وأطلق إعلامي مسئول اسم "الكلاب الضالة" على العشوائيين الذين يقطنون تلك المناطق!! وأقول أنا من المسئول عن وجود هذه البؤر الواسعة؟! ومن المسئول عن تلك الجرائم البشعة؟! وعن الخلل الاجتماعي العميق الظاهر في مصر، والمكبوت في الخليج، وما بين هذا وذاك في المحيط إلى الخليج في عالمنا العربي؟!
بالمعيار القانوني الجنائي فإنه لا يمكن غير محاسبة الجاني على جريمته، ولكن بالمعيار الاجتماعي والثقافي فإننا جميعا في المسئولية متضامنون، ومسئولون بدرجة أو بأخرى، وبالتالي مطالبون بدور وعلينا واجب العمل على حل هذه المشكلات، والواقع أن أغلبيتنا تعيش ترف الفراغ، أو حصر حدود المسئولية وميدان الجهاد ومساحات النشاط والاهتمام في الشأن الفردي، ويقنعون في الشأن العام بالشكوى والندب ومصمصة الشفاه!! أو مجرد توزيع الزكاة!!
بينما قول "لا" لكل منكر هو وظيفة أصلية لمن يزعم الإسلام والإيمان، ومسئولية كل مواطن عن سلامة أوضاع الوطن لا تنفصل عن حقه فيه، وتغيير المنكر فريضة لا تنصلح المجتمعات إلا بها، ولا عبرة للتحجج بثقافة الخوف لأن المطلوب أكبر وأوسع من مجرد التظاهرات، أو أشكال التعبير على الإنترنت أو غيره!!
المطلوب أن ننهض جميعا لمواجهة السلبيات التي تحيط بنا، وقبلها السلبيات التي نمارسها في حياتنا الفردية والجماعية، وأن نتعاون في هذا، لأننا نتعاون على الأثم والعدوان بصمتنا في مواجهة آفات وأمراض حياتنا الشخصية والعامة!! وتركنا الملايين يموتون تحت خط الفقر!!
نحن متورطون في حالة تواطؤ عام، وحالة نفاق عام، يتناسى بموجبها كل واحد فينا تقصيره وأمراضه النفسية، وانحرافاته أو أخطائه، ويشتبك في وصلة لوم، وأحيانا ردح للآخرين على أخطائهم، والتنديد بجرائمهم!!
والأفق في عقولنا محدود جدا إذا ما انفتح الحديث عن سبل التغيير أو التعبير!! تنصرف الأذهان إلى أن الحلول تنحصر في القيام بثورة أو الخروج في مظاهرة ـ عمل مدونة ـ النشاط الطلابي السياسي، وهذا أغلبه يبدو مرفوضا من السلطة بأشكالها، أي سلطة الأبوين في البيت، وسلطة الحكام والعسس، ويبدو أننا نكتفي بالمحاولات الساذجة لعمل هذا أو ذاك ثم تقمعنا السلطة فنعود محبطين قائلين: حاولنا ومنعونا!! إهئ إهئ!!
وأشكال الفعل المطلوب كثيرة جدا، ومتنوعة جدا، وللمساهمة في تغيير أنفسنا وأحوالنا مسارات لا حصر لها، ولكنه ضيق الأفق، وضعف العقل والرأي والإرادة!! وهو الجهل بأحوال الدنيا حاليا وأدوات وخبرات الفعل فيها.
وأنا منذ أكثر من عشرين سنة أبحث وأتساءل وأكتب وأشير فتارة يسمعني الناس فتتشابه عليهم الأصوات، ويعتقدون أنني من جماعة: "كل شيء منهار... هيا بنا نشكو ونلعب:!!، وتارة يعتقدون أنني أشتمهم وأمتدح نفسي!! وربما تنتشر خطابات أخرى محبطة من قبيل: مفيش فائدة، أو "تعالوا ننهار معاً"، أو "النفاق هو الحل"، والتشويش العام وصل بالبعض إلى اختلاط المفاهيم والأصوات، وعدم القدرة على التمييز بين خطاب يرصد ويحلل ويشخص بعمق، ويبحث ويستكشف العلاجات المتاحة، ولو سباحة ضد المناخ والتيار العام، ولكن يلتبس الأمر على ضعاف الخبرات والتجارب، وضحايا التسطح العام في التعليم والتربية والإعلام والحوارات الشائعة، ولكنني مازلت على طريقي وطريقتي:
أرصد الخلل، وأضعه تحت عدسات تكبير مجهر الاستكشاف والفحص لنعرف سوياً من أين بالضبط تأتي هذه التشوهات؟!! وما طبيعة الأمراض السارية المتفشية، ولا أقنع بغير محاولات التدقيق في التشخيص والعلاج، وكل شيخ وله طريقته!!
ومؤخراً أتناول مرض "الفرجة" وأعني به "السلبية" العامة، ومازلت أعيد وأفصل وأبحث في الجذور لأصل، وأجادل وأحاور وأتناقش معكم، ومع من حولي، محاولاً الوصول إلى أعماق الداء، لأن العلاج المطلوب عميق وشامل وصعب ويحتاج إلى وقت وجهد فردي وجماعي، ويفيد لمن يريد فهمي أن يتابع إنتاجي كله، ونشاطي كله على "مجانين"، وفي برنامجي الإذاعي الأسبوعي "فش غلك"، ومؤخراً بدأت أتواجد على موقع اليوتيوب عبر جهد أخ كريم، جزاه الله عني خيراً، حيث يقوم بتسجيل مشاركاتي التلفزيونية ثم يرفعها على هذا الموقع الضخم.
وفي عجالة أرد على من تسألني: كيف تكون البداية الفعلية لتجميع شتات أمتنا؟!! وما الذي يستطيعه كل منا في سبيل ذلك؟!
وأقول أن محاربة الجهل المتفشي والتسطح الغالب والتعصب السائد للأفكار والأشخاص والقبائل الاجتماعية وحتى الرياضية، وهذه الجذور تزكيها مخططات معادية لتستمر فرقتنا وتستفحل، وتتمزق صفوفنا، وتشيع فينا الفوضى، والامتثال بالكلمة أو بالسلاح!!
أن يبدأ كل واحد بنفسه فيخوض معركة ومغامرة تغيير إلى وجود أعمق وأفضل وأوضح وأكثر إيماناً وفاعلية، ويرفض ويحارب الجهل والتعصب والفرقة والتسطيح بكل وضوح، وبصوت عالي، ويجتمع مع آخرين يدعمونه ويدعمهم في هذا، ونبحث معاً في فقه التغيير العميق لأن أغلب ما يدور من أحاديث عن التغيير في أوطاننا أراه ساذجاً ومسطحاً مثل أغلب تناولنا لقضايانا، وسأحاول أن أعطي مثالاً هنا في عجالة:
وأنت تتحدثين عن تجميع الشتات يمر بخاطري الأحداث الأخيرة التي جرت في إيران، وهي قد اشتعلت، وربما ستهدأ نوعا ما، دون أن تعرف الأغلبية الساحقة شيئا عن تفاصيل الخريطة الاجتماعية والثقافية في بلد هام للغاية في نفس دائرة الأمن القومي لمصر والعالم العربي، وهو بلد مشتبك معنا في مسائل كثيرة تاريخيا ودينيا!!
من المسئول عن جهلنا الرهيب بإيران؟! ومن المسئول عن غياب الدراية والتواصل مع أحوال هذا الشعب بأطيافه المتنوعة؟! إلى ومن المسئول عن عدم فهمنا لما يحصل هناك؟! الأمر الذي يبدو في غاية الأهمية لنا ونحن نفكر في التغيير!!
هل يمكن أن نكتفي بالأنظمة الحاكمة أو أجهزة الإجهال / الإعلام، أو لوم من يفترض أنهم وسيلتنا في معرفة العالم!!
إن هؤلاء مجرمون بالطبع حين لا يقومون بأدوارهم، ولكنهم أيضا المجرم الأخير، ونحن مسئولون ومجرمون عن استمرار الفرقة الخرقاء، والتشتت المؤسس على جهل فادح بإيران وما فيها، وكذلك بتركيا وإندونيسيا وباكستان...إلخ، بل الفرقة تمزقنا، والتعصب يدمرنا، ونحن ننظر ونتعامل بجهل وريبة مع بني أوطاننا من أهل الكتاب، أو مع أي تقسيمة تريدين!!
بالأمس شاهدت على إحدى القنوات الفضائية فيلما أجنبيا اسمه "دماء وشيكولاتة"، وفيه يتحول بعض البشر إلى ذئاب مفترسة بعد مظالم تقع عليهم، وتقول إحداهن لشاب لم يتذئب بأننا هكذا أصبحنا لأننا نخاف من كل مختلف عنا، وأصبحنا نكره من هو غيرنا، وبالتالي نسعى أن نفترسه، أو يسبق هو ويفترسنا!!
والحديث موصول من الإقلاع حتى الوصول.
واقرأ أيضًا
رأسنا ونعالنا، معروفنا ومنكرنا/ الإعلام، وصناعة تاريخ بديل