الضرب على القفا مصطلح نستخدمه في حياتنا لوصف خيبتنا في التعامل مع أمر ما أو لوصف خداع وغدر الناس والحياة لنا، أو نستخدمه لوصف غفلة شخص عن عملية خيانة أو غدر تحدث من حوله أو لأنه وثق في أشخاص مخادعين فنصف هذا الشخص بأنه "قفا"، وقد سبقني الفنان محمود عبد العزيز في هذا الباع ووضح المغزى بغنائه للقفا.... ااه يا قفا يا قفا.
ولكن لماذا القفا على وجه الدقة؟
القفا هو مؤخرة العنق وهو جزء من جسدنا نغفله ولا نراه ولا نتوقع أن نضرب عليه لذا فاستخدام الضرب على القفا دليل على الغفلة التي نكون فيها، كما أنه يعتبر أيضا مهانة للنفس لذا فيكثر استخدامه بشده في أقسام البوليس، وإن أردت أن تهين أحدا فاضربه على قفاه وانظر لوجهه فسوف ترى علامات الذهول و"الازبهلال" تعلو قسماته، وهكذا تكون وصلته رسالة بأنه غافل ومغفل ولاحظ أيضا عندما تشعر أحدا بأنه انخدع أو انطلت عليه حيلة ما ووضحت له أمرا لم يكن يفهمه فنراه يهرش في قفاه. وعندما نخدع بضم النون بشكل عام فنحن نستخدم هذا التعبير الضمني (خدت على قفايا).
جميعا بلا شك خد على قفاه فالضرب على القفا هو إحدى عمليات التطور الاجتماعي وبه نكتسب خبرات عدة في الحياة فهو طريقة جيدة لاستلهاب (لا التهاب) أفكار جديدة وخبرات تساعدنا على توضيح أمور الحياة وفهمها (طبعا بعدما تهدئ وطأة الضربة)، والمتمعن في عملية الضرب على القفا يجدها ترتبط بعده حقائق منها:
أولا: الألم الناتج عن الضرب على القفا يتناسب طرديا مع عمر وخبرة الإنسان بمعنى إن زاد عمرك وازدادت خبرتك زاد وقع الضرب على قفاك.
ثانيا: الألم الناتج عن الضرب على القفا يتناسب طرديا أيضا مع عدد مرات الضربات السابقة التي أخذت فيها على قفاك بمعنى أنك تكتفي بأبسط ضربة على قفاك في المرة الأولى حتى تتألم ولكي تشعر بنفس الألم في المرة الثانية يجب تكون الضربة اشد وهكذا في متتالية حسابية معبرة.
ثالثا: الضرب على القفا يتناسب عكسيا مع فهمك لرسالة الضرب في المرات السابقة بمعنى كلما فهمت الرسالة من ضربك على قفاك كلما قل تعرضك للضرب في نفس الموضوع أو من نفس الشخص.
رابعا: احتمال تعرضك للضرب على القفا يناسب طرديا مع طيبة قلبك ونقاء سريرتك وإن كنت من المصدقين أن الخير في الناس جميعا فالله يكون في عون قفاك.
خامسا: للضرب على القفا "سقف" بمعنى أننا لو لم نأخذ حيطتنا وتركنا الحياة تمرح على قفانا فإن كثرة الضرب يفقد الخلايا الحسية في القفا وظيفتها حتى أننا ممكن أن نضرب على قفانا ونحن لا نشعر متى وممن؟ ولا نلاحظ إلا إذا نبهنا أحد من المحيطين بنا (يا بيه الأخ دا لسا سكعك على قفاك) أو يسألك أحدهم قفاك أحمر ليه كدا؟
عندها ندرك أننا أخذنا على قفانا ونحن لا نشعر، والضرب على القفا رغم ألمه إلا أنه مفيد وله دور هائل في اكتساب الخبرات وزيادة النمو المعرفي والاجتماعي والحياتي بشكل عام.
وأخيرا ليس كل الضرب على القفا مؤذيا بل أحيانا يكون مفيدا فهو صحوة لك ومع الوقت قد تشعر بالامتنان للمواقف أو الأشخاص "اللى سكعوك ومشيو" ولكن يبقى الحق عليك بأنك تركت قفاك مكشوفا.
وكل قفا وكلنا طيبين.
واقرأ أيضاً:
منبر ثقافي آخر يعلو / لبنان / على الجنة حتف