بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النص الحلو، الجنس الرقيق، المرأة، والذي وافق يوم 26 نوفمبر والتي تورد الإحصاءات العالمية أنها غالبا من يدفع العبء والثمن. أتأمل فأفضفض.
هل فيه شك أننا نعيش في حالة من العنف بينا وبين بعض، اللي شاكك يبص لحياتنا بعمق أكبر بتأمل أعمق، في علاقاتنا في شوارع المرور والزحمة، كلامنا وحوارنا مع بعض في إشارات المرور، في وقوفنا في الطوابير وكلامنا لبعض بحدة بغضب، لضيق الصدر اللي بينتاب الجميع، للانتخابات اللي حوالينا، لعلاقة التلامذة ببعض في المدارس، للجماهير في استادات الكرة، للاشتباكات في برامج الفضائيات، في التوتر الطائفي، في التطرف الديني، في رؤيتنا كل يوم للجثث في العراق والضحايا في كل دولة دون أن نتألم، بالذمة مش نحن فعلا نعيش حالة عنف كامن وظاهر.
هل العنف بيتربى جوانا زي كل صفاتنا ولا بيتولد معانا، هل الفرد هو المسئول عن العنف ولا ده المجتمع كله بأسره هو المسئول؟ هل العنف نقدر نحله بنفسنا ووحدنا والا محتاج الكل والجميع يشارك ويتعاون في هزيمته، هل العنف بين المحب والمحبوب، بين الابن والأب، بين الزوج والزوجة، منفصل عن العنف في الإرهاب وفي السياسة وفي الحكم، ولا هو جزء منه ولا ينفصل عنه.
كل يوم بيتخلق ميت سبب للعنف ولازم نخترع مليون طريقة للوقوف ضده والتغلب عليه في الأسرة، في العلاقة العاطفية، في البيت والشارع، في المرور والزحمة، في الدين والثقافة، في الانتخابات والسياسة، مش مفروض نبطل غضب لكن مفروض نبطل عنف، لما نغضب مش نكتم ونكبت، لكن العنف مش قوة العنف قلة حيلة وقلة عقل.
لماذا أتذكرك ياجدتي في هذه الأيام بالذات وكيف كانوا يمنعونك من أن تتحدثي معي في الوطنية فقد كنت من فتيات ثورة 1919 كنت تروين لي مرارا كيف كنت تجمعين التوقيعات للإفراج عن الطلبة المعتقلين بينما سيعقد قرانك مساء، شيء ربما لا يصدقه عقل ولكن هكذا كان شباب جدتي المصرية القاهرية "عائشة هانم مرتضي" التي كانت تدعو لي في صلاة الفجر وتتصفح الجرائد اليومية بشغف.
وعندما تخرجين وقد وعيت عليك مسنة تضعين على رأسك شالا أسود شفافا ومطرزا بشياكة ووقار. لم أرك يوما تلبسين ثوبا جرجارا. وها أنا أسترجع معك أغنية طالما رددتها على مسامعي "يا عم حمزة إحنا التلامذة.. مايهمناش نوم المحافظة.. واخدين ع العيش الحاف.. والنوم من غير لحاف" أتذكرك وقد مضت أسابيع على مولدك، الثالث عشر من نوفمبر "عيد الجهاد الوطني" -ربما هي مصادفة أخرى-. جدتي العزيزة أفتقدك في تلك الأوقات بالذات ولن أحكي لك عن أحوالي ولا عن وطنك الذي طالما أحببته حيث هي لا تسر.
اقرأ أيضاً:
الفرق بين المُزَّة والمناضلة/ هل تعاني من المخاوف المرضية؟