اعترافات سرية جداً
باهتمام شديد قرأت ما كتبته (فتاة معذبة) بعنوان (اعترافات سرية جداً)، وتأثرت لمعاناة هذه الفتاة والتي تكشف عما يمكن أن يصل إليه حال الشباب وهو يقترب من الثلاثين بدون زواج، وهو ما يعتبر أكبر دليل على أننا نعيش في مجتمعات ظالمة لشعوبها وخاصة شبابها!
ولكنني أقول للفتاة المعذبة أن هذه المشكلة التي تتحدثين عنها مشكلة شائعة للأسف في مجتمعاتنا العربية، وقد كنت من النضج أن أشرت لأسباب المشكلة من العادات والتقاليد الاجتماعية والاعتقادات الخاطئة من أن كل حديث عن الجنس عيب أو قلة أدب كما ذكرتِ، ولكني أقول لك ما رأيك بدلاً من تختاري أن تكوني فتاة معذبة كما وقعت مقالك أن تبحثي عن حلول لهذه المشكلة وأن تكوني فاعلة للخروج منها؟ أليس هذا أفضل؟
وإذا كانت أمك لم تصادقك كما ذكرتِ فلماذا لا تقتربين أنتِ منها؟ لماذا لا تكسرين أنت حاجز الخجل الذي وضعته أمك بينكما؟ لماذا لا تفضفضين عن مشاعرك ورغباتك هذه مع صديقة مقربة طالما أن أختك تعتبر الجنس قلة أدب!
وفي نفس الوقت عليك أن تعذري أمك في موقفها لأنها أم مثل ملايين الأمهات في مجتمعاتنا العربية تربت على أن الحديث في الجنس عيب، فهذه موروثات تتناقلها الأجيال للأسف، فطبعاً هذا ما قالته جدتك لأمك، وأمك لم تخرج عن الإطار الذي يسير فيه الجميع، فاعذريها وقدري موقفها جيداً، فليس سهلاً أن نترك عادات ومعتقدات تربينا عليها لسنوات طويلة، على الأقل نحتاج لعقلية نقدية تحليلية لنفعل.
وذكرتني مشكلتك هذه بحديث قديم دار بيني وبين الدكتورة رحاب عبد الله عن المشكلات التي ترسلها بعض البنات لفريق المساندة النفسية بالقاهرة وهو أحد مجموعات عمل صناع الحياة والتي أوحت لها بتكوين فريق جديد متخصص في حل مشكلات الشباب الجنسية، وتعتمد فكرتها على أنه طالما بعدت الأمهات عن بناتها والآباء عن أولادها فالحل في رأيها للحفاظ على هؤلاء الشباب أن يكون لهم أم أو صديقة بديلة، وأب أو صديق بديل يلجأ له عند الحاجة للفضفضة خاصة في المسائل الجنسية كما هو الحال في مشكلتك يا عزيزتي، وأنا وقتها شجعتها جداً على الفكرة، لأني أجدها مشكلة مهمة فعلاً.
أعجبني في مقالك أيضاً أنك تعرفين أن هذه المشكلة هي مشكلة ملايين الشباب العربي وهذا في حد ذاته يقلل من وطأة الأمر، وهذا أيضاً يجعلنا نعتقد أن حلها لا يمكن أن يحدث في يوم وليلة ولا بجهود فردية لأنها مشكلة ناتجة من عادات ومعتقدات خاطئة ترسخت في المجتمعات العربية لسنوات، وسنحتاج لسنوات أخرى للخروج منها كي نصبح مجتمعات طبيعية تحترم إنسانية شعوبها خاصة شبابها ولا تعتبر الحديث عن الجنس دعوة للإباحية طالما أن الحديث سيكون في سبيل حل مشكلة أو كشف معلومة جديدة أو تصحيح مفهوم خاطئ وأن يكون كل هذا في إطار محترم بعيداً عن الإثارة والإسفاف.
وأسعدني اختيارك لطريقة تربية ابنتك بأن تصادقيها من اللحظات الأولى لإدراكها معنى الصداقة، وانتبهي إلى أنه ربما ما كنت تفعلين هذا لولا عدم فعل أمك له معك، فهذا هو الوجه الأبيض من عدم مصادقة أمك لك، وهكذا عليك أن تري وجهي العملة معاً ولا تنظري فقط للجزء الفارغ من الكوب كما فعلت في مقالك.
ولعلك تدهشين حين أخبرك أن أحد الحلول هو العودة للسيرة النبوية والسلف الصالح بعبارة أخرى العودة للدين، حيث كان الناس وقتها -لأنهم طبيعيون- يسألون ويتناقشون عن الجنس بلا عقد ولا كلاكيع، ولا اعتقادات خرافية، ويحضرني هنا ما قالته السدة عائشة رضي الله عنها حين قالت: رحم الله نساء الأنصار لم يمنعهن حياؤهن من التفقه في الدين.
ومواقف كثيرة ومشاهد كثيرة –لا مجال لذكرها الآن- نجدها في السيرة وحياة السلف الصالح لا تعقد الأمور ولا تجعل من الجنس تابوهاً محرماً لا يجوز الاقتراب منه، ولكن من يسمع ومن يفهم ومن يقرأ؟
أعود وأقول لكِ عبري عن مشاعرك ورغباتك بالشكل اللائق لمن تثقين فيها ومن تؤمنين أنها لن تقول أنك تتحدثين في (العيب)!
وطالما أنك تجيدين التعبير عن نفسك كتابة فهذا أيضاً متنفس جيد ومريح، فواصلي هذا بلا توقف لأنه يخفف معاناتك كثيراً.
كما أنصحك بمراسلة فريق المساندة النفسية mosanda1@hotmail.com سنستقبل رسائلك باهتمام وبسرية تامة ونخفف عنك ما أنتِ فيه. ولمزيد عن المعلومات عن الفريق طالعي هذه الروابط:
http://20at.com/newArticle.php?sid=941
http://forum.amrkhaled.net/forumdisplay.php?f=51
http://www.amrkhaled.net/multimedia/multimedia599.html
http://www.islamonline.net/Arabic/news/2006-02/22/article16.shtml
http://www.maganin.com/Content.asp?ContentID=15330
كوني معنا... وسننتظر رسائلك، كل حبي وتقديري.
واقرأ أيضا:
في عيد ميلادي..ورحلة البحث عن السعادة / يوميات ولاء: صديقتي نهال / يوميات ولاء: تساؤلات مع العام الجديد / يوميات ولاء: الإيميل وسنينه