امتدادا لأزمة العقول التي أشار إليها أستاذي الدكتور أحمد عبد الله في مدونة بعنوان "هل أغنى للبطاطس" على مجانين من فترة قصيرة, والتي قرر في نهايتها مازحا وساخرا أن يعتزل الكتابة ويغنى للبطاطس.. هناك مفاجأة وهى أن البطاطس يا دكتور أحمد كتب لها مؤخرا أحد مؤلفي الأغاني من متعهدي الفواكه والخضروات أغنية أسماها "ادلعى.. لعى.. يا بطاطس" وحتى لا أصدم أذن وعين القارئ الكريم بكلماتها سأكتفي بالعنوان.. وأطلع بره اللعبة فقريبا ستسمعونها رغما عنكم مع أخواتها من الملوثات السمعية "العنب والبلح والطماطم" في الأفراح والليالي الملاح –يعنى هيه جات ع البطاطس- وهكذا يبدو أن مسلسل الفواكه والخضراوات –عفوا – مسلسل أزمة العقول وأغاني العشوائيات لن ينتهي بل يتزايد ويتفاقم ولا أدرى إلى أي منسوب سيصل.
العشوائيات والبطالة -الاقتصادية والفكرية والروحية- تحاصر الكثيرين, التسطيح والقهر والاستبداد والتشدد والتميع أيضا.. كلها وغيرها عوامل أثرت, وغيّرت كثيرا من الناس في بلدي.. وهنا أتوقف قليلا عند التغيرات التي ألقت بظلالها الكئيبة على بعض الشباب والرجال خاصة.. وأرى أن التغيرات تلك تكتسب أهميتها من أهمية المكانة التي يشغلها الرجل في الحياة عامة وفى مجتمعاتنا خاصة.
فالشباب إضافة إلى معاناتهم مما سبق من إحباطات ومثيرات وتهميشات ومعاناة وكل ما آخره "آت" هناك أيضا منهم من غرق في ثقافة التهييس والتنفيض والتكبير إلخ, ومنهم من غارق أيضا بين أكوام العنب والبلح ومؤخرا البطاطس التي يلقيها عليهم متعهدي طلبات الجملة من كتّاب الأغاني صانعو الوعي –وطبعا واضحة آثار الوعي– ومنهم من أخذ طريقه إلى المدونات در فصنع مدونة للفضفضة واكتفي -مع كامل احترامي للمدونات والمدونين الشجعان ذوى الرأي- ومنهم الشباب الجميل المخلص المجتهد ولكنه يعتبر خطر على الأمن القومي وهؤلاء لن نتكلم عنهم لأنهم خارج المنظومة التي أصابتها التغيرات السلبية.. ومنهم... ومنهم إلخ.
وتشغلني علاقة الرجل بالمرأة خاصة في العلاقة الزوجية كمحصلة نهائية لكل هذه المعاناة التي أثّرت على الرجل بشكل كبير وواضح.. فالطلاق أصبح حاضرا ومستدعى بشكل واسع المفعول وفى كل الأعمار بدءا ممن سنه الخمسين وحتى من سنه الخامسة والعشرين -وقليل ما هم فقد تجاوز سن الزواج هذه الأعمار بكثير وندر من يتزوج من الرجال فضلا عن النساء في هذه العمر-, وبدلا من أن تعشش المرأة ويطفش الرجل كما يقول المثل.. أصيب الجميع بفوبيا "التطفيش" مع بلوغها درجة حرارة أربعين درجة مئوية لدى الرجل, هذا ناهيك عن التفكير والشروع في الزواج الثاني وبسرعة كحل أوحد لعنوسة الفتيات.. فقد أصبح ملحا وحاضرا أيضا بشكل لا يتوازى نهائيا مع ما يفترض من وجود أزمة اقتصادية تنبع منها وإليها معظم الخلافات الزوجية!
في العام الفائت وحده 2006 طلقت 4 من النساء أعرفهن منهن الصديقة والقريبة والجارة, وتزوج على 5 أخريات منهن أزواجهن بزوجة أخرى, وفى الطريق 4 أخريات تعانى إحداهن من علاقة بين زوجها وفتاة على النت, والثانية يتعرض زوجها لمغازلة من زميلته بالعمل, والثالثة من طالبته بالكلية, والرابعة.. نسيت والله!!
هذا في محيطي أنا وحدي. فماذا عن المحيط الأوسع.. تلف بي الدنيا وأسرح في تفكير عميق عما أصاب بيوتنا, ماذا يحدث ولماذا؟!
وهكذا بدلا من الإصلاح من الداخل يتجه الرجل مباشرة لما يظنه إصلاح من الخارج, "يكنسل" زوجة ويأتي بأخرى ضايقته وزهقته وأرهقته ماديا وعصبيا وعاطفيا وجسديا وكل ما آخره "إيّا"!
وكأن الأخرى لن تعيد سيرة الأولى؟!
والسؤال هو لماذا أصبح الرجل هكذا.. لا يتحمل أو لا يصبر أو ليست لديه قابلية لبذل المحاولات لإصلاح سلّمه الله زمامه "القوامة".. فانطلق غير مبالي أو مكترث.. يطلّق هنا, ويتزوج هناك, أو يقيم علاقة هنا وهناك؟
أعرف أن الاستقرار الداخلي الأسري مهم ولا يستطيع إنسان رجلا كان أم امرأة أن يعيش أو أن ينجح أو أن تستقيم حياته في ظل خلافات أو توترات أسرية ولكن الخطورة أن الاتجاه نحو أبغض الحلال تجاوزت سرعة الانطلاق إليه المدى المسموح به والذي يطيح في طريقه بكل فضل وكل فرح وكل وفاء وكل عشرة وكل لقمة خبز مغموسة بملح أكلوها سويا وما أكثرها طبعا في ظل الأزمة الاقتصادية مترامية الأطراف!
بيت ثان على أنقاض بيت أول.. ووهم بالاستقرار على أنقاض نفسيات مهشمة مشروخة, أليست هناك الكثير من الفرص لاستحضار العقول والقلوب بعد للتنقيب عن الحلول..؟!
نحن بحاجة ماسة إلى أن نعيد إلى أجندة الحياة الزوجية "ولا تنسوا الفضل بينكم"..
نحن بحاجة ماسة إلى العودة إلى الأعشاش..
عودوا إلى أعشاشكم يرحمكم الله!
عودوا إلى وعيكم عودة مودّع!
واقرأ أيضاً:
سفّاح في بيتي! / لكني أتيت! / ما وراء هالة.. وخبرها!