(1)
قالت البنت: "النادي الأهلي ثالث نوادي العالم يا أبى، هل تصدق؟!!" قال الرجل: الحمد لله، شيءٌ والسلام، قالت البنت: "ولكني لم أفرح مثل الناس"، قال: "هل أنت زملكاوية؟" قالت: أنت تعلم يا أبى أنه ليس لي في الكرة، لكن صاحباتي الزملكويات فرحن لمصر حتى بعد أن هزمهم الأهلي "قال الرجل: طبعاً، فلماذا لم تشاركيهم، فرحتهم؟" قالت:"لقد نسيت الفرح يا أبى"، بحلق الرجل في وجهها، كيف لم يلاحظ ذلك من قبل!
هذه الصغيرة لم تعد "هي"، لماذا نسيت البنت الفرح؟ ما الذي يفرح البنات؟ لم يجد إجابة، لم يستطع أن يستمر في حبس التساؤل: "لماذا لا تفرحين يا حبيبتي؟ قالت: أخاف من عذاب القبر، قال: عذاب ماذا؟ قالت: عذاب القبر يا أبى، ألا تعرفه؟ قال: من قال لك أن الله سبحانه سوف يعاقبنا على الفرح؟ قالت: ما هذا؟ أنا لم أقل أن عذاب القبر هو لمن يفرح فقط، إنه لكل الناس، فرحوا أم لم يفرحوا.
قال الرجل: إلا المؤمنين الصالحين. قالت الفتاة: وهل أنت مؤمن صالح يا أبي؟ فزع الرجل وهمَّ أن يرد بالإيجاب، لكنه سألها: ما رأيك أنت؟ لم ترد بدورها فكرر السؤال. قالت البنت: "إن شاء الله"، قال: إن شاء الله ماذا؟ قالت: إن شاء الله ربنا يستر، أضافت: ثم أنك يا أبي مثلي، لا تفرح أصلا، مع أنك لا تفكر مثلي في عذاب القبر، قال: إيش عرفك؟ قالت: لو ضبطتك تفرح بحق لعرفت كيف أفرح، قال: ماذا تقولين؟ أمك تعتب علي لأن ضحكتي توقظ الجيران، قالت: أنت يا أبى تقهقه، لكنك لا تفرح، صمت طويلاً ونظر إلى الأرض ثم رفع رأسه قائلاً: هات لي كوب ماء، قالت: حاضر، وقبل أن تتوجه لإحضار الماء التفتت قائلة: هل ضايقتك يا أبي؟ أنا آسفة.
(2)
عادت بكوب الماء وكان ما زال مطأطئا، فترددت ثم نبهته: "الماء يا أبي"، رفع رأسه وحاول أن يخفي ما برق في عينيه، قال: "ماء ماذا؟ قالت: حضرتك طلبت كوب ماء، قال: أنا؟ شكراً، لم أعد عطشانا، قالت: كيف يا أبي يزول العطش دون أن تشرب؟ قال: لعلي تخيلت أني شربت، قالت البنت: حضرتك يا أبي لا تعرف كيف تتخيل. صاح فجأة: لا.. لا...، يكفي هذا، أنت تحكمين على أبيك كأنه انكشف عنك الحجاب.
قالت: آه صحيح، كيف سيحاسبوننا على الحجاب في القبر؟ صاح: أنا إيش عرفني؟ قالت: أصل بعض من أحبهن غير محجبات، وهن طيبات وجميلات، قال: وأنا مالي!! قالت: وبعض زوجات لناس مهمين جدا جداً، هل سيوضع هذا في الاعتبار؟، قال الرجل أكثر حماساً: كفى يا حبيبتي، ارحميني ربنا يخليكِ، قالت: يا أبي، قل لي من أسأل إن لم أسألك؟ قال: اسألي أمك، قالت: أمي كلما سألتها نهرتني وقالت "اسألي أباك".
ثم أردفت: ما رأيك يا أبي لو أرسلنا نسأل الرئيس؟ قال لها: أهكذا؟!! الرئيس خبط لزق؟ قالت: طبعاً، الرئيس كبير جدا جداً، وهذا أمر يهمه شخصيا، ولا بد أنه يعرف أكثر من أمي، ومنك. قال: مليون مرة، قالت: فلماذا حال البلد هكذا إذا كان يعرف أكثر مليون مرة؟ قال الرجل منزعجاً: هكذا ماذا؟ قالت: هكذا كما تقولون كلكم، وكما يعرف كل الناس. قال الرجل: طيب وأنا مالي؟ هل أنا الرئيس؟ قالت: ألهذا يا أبي لا تعرف كيف تفرح وكيف تتخيل؟ قال: أتخيل؟ ما الذي أدخل الخيال الآن في الفرح؟ قالت: تتخيل أنك الرئيس، قال: يا خبر أسود!!
كنت أستقيل في اليوم التالي، قالت: لا تصدق نفسك يا أبي، كلهم يقولون ذلك، ثم.. ثم... أنت تعرف كل شيء، قال: قلت لك أنا لا أعرف شيئاً، لا عذاب القبر، ولا عقاب غير المحجبات، ولا متى يستقيل الرئيس، أنا مالي بكل هذا. خلنا في النادي الأهلي الله يخليكِ، قالت: كما ترى، لكن كيف فعلها النادي الأهلي ونحن هكذا، قال: ثانية؟ "هكذا" ماذا؟ ثم أردف: لعلها تصبيرة حتى نفرح بحق وحقيق، قالت متى يا أبي؟
قال: حين يعدّلون الدستور، ويصبح لي حق في أن أترشح لأكون رئيساً. هل يعجبك هذا يا ستي؟
قالت: صحيح يا أبي؟
قال وهو يدعو الله أن ينتهي الحوار: صحيح طبعاً!!
هل هم ـ يعني ـ يكذبون علينا؟؟!!
قالت البنت: طبعاً يكذبون.
اقرأ أيضا:
تعتعة سياسية: ست الناس.. والدستور.. والمواطنة!! / تعتعة سياسية: النادي الأهلي.. وهل هم يكذبون؟؟! / تعتعة سياسية: أسئلة ممنوعة، وإجابات مرفوعة!!!!