(1)
قال الشاب لأبيه: صدقني يا أبى: أنا لم أعد أفهم شيئا مما حولي، قال الرجل: عندك حق ركـّـز على فهم دروسك، ودع ما حولك، قال الشاب: أدعه لمن؟ قال: دعه لمن حولك، قال الشاب: أدعه لك يا أبى، أم للصحف؟ أم للحكومة؟ قال الرجل: ما هذه الأسئلة الغبية، آسف: الغريبة؟ أنا نازل الآن، وحين أعود نكمل الحديث، قال الشاب: ولكننا لا نكمله أبدا، قال الرجل: سوف نكمله هذه المرة، قال الشاب: وعْـد؟ قال الرجل: يعنى، قال الشاب: يعنى ماذا؟ قال الرجل: يعنى سوف أفكر في إجابات لأسئلتك هذه، قلْ لي: هل هي مقررة عليكم هذا العام؟ قال الولد: مقررة ماذا؟ أنت لم تسمعني يا أبى أصلا. قال الرجل: أنا مستعجل، وأنا قلت لك ما أعرف، قال الولد: أنت لم تقل لي شيئا يا أبى. قال الرجل وهو يسرع الخطى: عن إذنك.
(2)
قالت الأم: أنا خائفة على الولد، قال الرجل: لماذا؟ هو عال العال، ودرجاته في المدرسة تفرح القلب الحزين، قالت: ولكنه لا ينام كفاية، قال: لا تبالغي، الولد بخير، عيبه أنه شديد الذكاء، قالت: تصور أنه يسألني إنْ كان العالم سوف ينصلح لو زاد عدد المسلمين مائة أو ألفا أو مليونا؟ فزع الرجل وهمّ أن يقوم، لكنه عاد إلى مقعده واستغفر وابتسم وسأل: ماذا طبختِ لنا اليوم؟ قالت مسقعة؟ قال باللحمة المفرومة؟ قالت: لحمة من، ومفرومة ماذا؟ هل تعلم كم بلغ ثمن كيلو اللحم؟ قال: أغلقي هذه السيرة لو سمحت، إن "شالله" تعمليها بمرق البصل الفاسد.
(3)
قالت البنت لأخيها: دع أبى وأمي في حالهما، أنت لا تعلم ما بهما. قال أخوها: فمَنْ أسأل إذن؟ قالت البنت: أدخل على "النت". قال: دخلت وجاءتني الإجابات في كل اتجاه وعكسه طول الوقت، فزادت الأسئلة، ماذا أفعل؟ قالت: تهتم بدروسك، وسوف تأتى الإجابات في الوقت المناسب. قال: لكنني مهتم بدروسي، أنا أطلع الأول، ولا يأتي الوقت المناسب أبدا، قالت: أسمع، لا تصدّع رأسي، ما الذي يشغلك بالضبط؟ قال: الكذب، والاستسهال. قالت: كذب من؟ قال: كل الناس، أعنى معظم الناس، قالت: مِثل من؟ قال: خطيب الجمعة الماضية مثلا، قالت فزعة: خطيب الجمعة كذاب؟!!، قال بسرعة: لا طبعا، لكنه غير فاهم، أعنى لا يعرف مَن يخاطب، اقصد، لا أقصد...، أنا أقصد يعنى، أنه، ربما... يقول كلاما... (وسكت)، قالت البنت: كلاما ماذا؟ مالك تهتهه هكذا، قال: أنا خائف، قالت: مم؟ قال: ولكنى أحب ربنا جدا جدا والله العظيم، قالت، وأنا كذلك، قال: وأحب الناس، قالت: وأنا كذلك، قال: وربنا يحب الناس: قالت: طبعا..، قال: إذن لماذا؟ قالت: لماذا ماذا؟ قال: لا شيء.
(4)
قال الولد لأبيه: "لقد وجدتُها"، قال الرجل: وجدتَ ماذا، فردة الشبشب التي كنت تبحث عنها؟ ضحك الولد غصبا عنه قائلا: شبشب ماذا يا أبى، وجدت الإجابة التي ترضى جميع الأطراف. قال الرجل: آه، الحمد لله، إذن فلن تسألني بعد اليوم، قال: لقد وجدت الحل؟ قال الرجل: وجدتَ الحل أم الإجابة؟ قال الولد: الحل هو ألا نسأل أصلا. قال الرجل: وهل هذا ممكن؟ قال الولد قل لنفسك يا أبى، أو للحزب. قال الرجل: أي حزب؟ قال: الوطني، وهل يوجد غيره، أو قل لخطيب الجمعة الماضية؟ قال الرجل: رجعت للتخريف!!! ناولني الحذاء من تحت السرير، لو سمحت.
(5)
قالت البنت لأخيها: الله يخرب عقلك، لقد أعديْـتني. قال لها: أنت التي أعديْـتني، لقد أصابتك الأنفلونزا أولا، قالت: أنفلونزا ماذا؟ لقد أعديتني بأسئلتك، قال: أحسن، دعيني أفرح فيك، قولي لي بعض الأسئلة التي تشغلك مع أنى ليس لي ذنب فيها، قالت: وهل تجيبني، قال: من أين؟ ولكنه حب استطلاع، ماذا عندك بجد؟ قالت خذ مثلا: هل تشمل رحمة ربنا كل المختلفين عنى، عنـّا؟ وهل معقول ما يحكونه لنا عن هذه الأشياء؟ ولماذا هم مرتاحون هكذا جدا لما لا يقبله عقل طفل في السابعة، وإلى متى تكذب بيانات الحكومة؟ وماذا يحدث لو مات الرئيس فجأة؟ قال الولد: كفى كفى كفى، ربنا يطول عمر الجميع، قالت: إلى متى؟ قال الولد: إلى أن نعرف كيف نزيلهم بأنفسنا وهم أحياء، قالت البنت: هل جننت؟ قال الولد: يا ليت!
اقرأ أيضا:
تعتعة سياسية: أولادنا! والحزب الوطني. الإخواني (وبالعكس) / تعتعة سياسية: ست الناس.. والدستور.. والمواطنة!! / تعتعة سياسية: حضرة المحترم، وتعديل الدستور!!!