منذ بداية الموجة الإليكترونية التي تستهدف النيل مني، وأنا أشك بعمق في أن صناديقي الإليكترونية مخترقة!!
ولمن لا يعرف في تكنولوجيا النت فإن هذا الاختراق ليس صعباً، و"الهاكرز" هو المصطلح المتداول للتعبير عن هؤلاء الذين يخترقون المواقع والصناديق البريدية الإليكترونية، ويبدو أن بعضهم زارني، ودخل في غيابي، وبالتالي صار يتحدث إلى الناس كأنه أنا!!
والمراسلات التي وصلت الكثيرين ممن يعرفونني ويتعاملون معي هي خليط من رسائل حقيقية، ومقاطع ملفقة، وصور جنسية تملأ الإنترنت، وتم حشرها وسط السطور، وضمن الحكايات والأكاذيب لإضافة عنصر الإثارة والتشويق، ولتحقيق الصدمة النفسية لمن يعطي وقتاً، ويقرأ ما وصله عني، وأحياناً من صناديقي الشخصية!! وما كنت أشك فيه تأكدت منه اليوم فقط!!
كم هو مثير للتأمل أن أكون أنا شخصيا، وقد كتبت كثيرا عن خداع التكنولوجيا، وكذب الشبكة العنكبوتية، والإجرام الإلكتروني، والتقمص النفسي لشخصيات وهمية، والإفك السيبري، وغيرها مما لم يكتب عنه عربي. بهذه الكثافة والعمق، على حد علمي.
غريب ومدهش أن أكون ضحية لهذا كله ولكن كل شيء وارد في عصر الاتصالات!!
الأهم أننا دخلنا هذا العصر العجيب تكنولوجيًّا، فلدينا أحدث الأجهزة الحاسبة، وجميع الأنواع وأحجام وأشكال الهاتف النقال، والكمبيوتر النقال، والتلفزيون النقال.
الاستيراد في هذا السوق نشيط للغاية، والمبيعات حجمها هائل ويكاد يكون من أكبر الأسواق عندنا، واستثماراته بالمليارات، والناس حريصة على امتلاك الجديد كل وقت وحين، وبأسرع ما يمكن!!
وكالعادة فإن امتلاك التقنية لا يعني التحقق بثقافتها، بل أزعم أن الأغلبية الساحقة لا تدري الأبعاد النفسية والاجتماعية والأخلاقية، والآثار الجانبية، والأضرار المحتملة لوجود هذه التقنيات وشيوعها!!
وفي قلب شبكة إسلام أون لاين يوجد أصدقاء مصدومين بسبب ما وصلهم من رسائل بريد إلكتروني تحمل صورا وقصصا وشتائم، وكلاما جارحا ومؤسفا!!، ولم يستطيعوا –رغم تخصصهم– الصمود في وجه سيل الرسائل، ولا التماسك أمام موجات الواقع الافتراضي، اشتبهت الأمور عليهم، وتلعثموا، واضطربت أفكارهم، وردود أفعالهم، وخافوا، وتحيروا أمام أداة كان من المفترض أنهم يعرفونها أكثر من غيرهم بحكم عملهم!! وقعوا في فخ الخديعة بسهولة أذهلتني!!
لا أريد أن أستسلم للتشاؤم، أو القول بأن الوضع سيء لأن هناك جهودا عامة تبذلها جهات متعددة للتعامل مع وضع الجهل وعدم الجاهزية، وقلة الوعي، وانتشار الجرائم عبر الإنترنت. سمعت أن هناك جمعية أهلية حديثة لمكافحة الجرائم على الإنترنت، ومنذ أكثر من عامين ونحن نخصص لقاءا من لقاءات ساقية الصاوي لمناقشة موضوع العلاقة بين التكنولوجيا الجديدة وحياتنا، وهو لقاء شهري يتناول الأمر من زوايا متعددة!!
ولكن يبدو أن باب النجار مخلع كما يقول المصريون في أمثالهم، وبرغم غيظي الشديد، ودعائي المستمر على هؤلاء اللصوص والمجرمين والكذبة، ورغم ما رأيت مما يمكن أن يحدث بتأثير اللعب والعبث، أو التهريج الإلكتروني الذي يمكن أن يتحول إلى كارثة معنوية وأدبية.
وبرغم صدمتي فيمن كنت أظنهم أصدقاء أو زملاء، وبرغم صدمتي أكثر في أن الانحطاط الإنساني يمكن أن يصل بالبعض إلى أن يهوي في أخاديد، وحفر بلا قيعان!!
بالرغم من هذا كله أجد نفسي ملزما بالاعتذار لكل من ناله جانب من الأذى النفسي أو الأدبي أو غير ذلك بسبب اختراق صناديقي أو سوء استخدام البعض لعناوين مراسلاتي الإلكترونية، وأود لو يشير أحد عليّ بماذا أفعل تعاملا مع هذا المأزق المدهش، والذي أضر كثيرين، ويبدو أن هذا متواصل حتى إشعار آخر!!
واقرأ أيضًا:
على باب الله: وجهاً لوجه/ على باب الله: لماذا ننهزم أمام الشر؟؟