مع الجماهير أمام مدرسة الخديوي إسماعيل
الكل قد خذل المصريين. الحكومة بأدائها المرتبك الذي لا ينظر لحظة للوطن بترزية قوانينه وسرعة منفذيه ووحشية أمنه وتشويش إعلامه. وكذلك المعارضة قد خذلتنا نحن المصريين بعدم وجودها وسط المواطنين... أما الأبطال الحقيقيون فكانوا المراسلين الصحفيين والمصورين الذين انتزعت كاميراتهم كعمرو عبد الله وغيره...
وكان أصدق تعبير ما صاغته نوارة أحمد فؤاد نجم تحت عنوان "بكام الور د يا معلم" حيث تقول.. الناس الكبار قوي، المناضلين قوي، بتوع نضال آخر زمن في العوامات. الجدعان قوي، اللي بيقاطعوا قوي، إلي آخرهم يقعدوا في الجناين ياخدوا العزا قوي. اللي سخنوا عيالنا على الاعتصام وخلعوا قوي، باعوهم بكام؟.
لكن سيبك كان أجمل ما في الموضوع هو عودتي إلى بيت أمي. اتقاء وتلافيا للتوتر والجو المشحون بعبارات "خلي بالك من نفسك" و"شوفي بقى أنا عارفه إنك عنيدة وحتنفذي اللي في دماغك... لكن إعرفي إني مش موافقة على نزولك الشارع والحكاية كلها ملهاش لازمة". وعلى العكس تماما كان يوم الاستفتاء هو يوم من أجمل أيام حياتي... أحسست فيه بذاتي وكياني ومعنى حياتي.
فقد وقفت أمام مدرسة الخديوي إسماعيل مقري الانتخابي "بشارع نوبار" الدواوين سابقا"أنشط وعي المواطنين حول خطورة التعديلات الدستورية وكم وجدتهم متعطشين للفهم وسألوني "لماذا لا نفهم شيئا؟ ولماذا لا يقوم أحد بدوره؟ لا إعلام ولا دياوله" فأجبت بأن ذلك مقصود... أن لا تفهموا شيئا.. وسألني آخر "طيب وهل تصدقين موضوع التوربيني؟" فأجبت ولا مجنون بني مزار ولا سفاح المعادي... وعندما فاجئني رجل في عمر والدي بأن البلد لن ينصلح حالها إلا إذا كانت رئيسة الجمهورية واحدة ست تتفهم أحوال البلد وتخشى على مستقبلها طلبت منه أن لا يرحل حتى أحضر كاميرا الفيديو من المنزل على الضفة المقابلة من المقر حيث كنت أشحن بطاريتها التي فرغت.
فأخذ هذا السيد الجميل يكتم ضحكاته وهو يصف لي ماذا كتب لهم على البطاقة الانتخابية... الكل خائف ومتحامي بالآخر.. والسيدات اللاتي لم يستمعن إلى كلماتي خوفا من رؤسائهن الذين سحبوهن في أوقات العمل الرسمية كدن يبكين عندما تكلمنا عن الخطر القادم... فودعتهن باسمة "ضيعتوا البلد" وامرأة أخرى زوج ابنتها عضو في الحزب الوطني لا يحترم المرأة و لا يقدر قيمة عملها تحكي لي عن انضمامها لحزب الغد إلى أن ضغط عليها أبناؤها الصبيان بأنها مريضة بالسكر والضغط ومش حمل بهدلة.
أما زميلي من إذاعة القاهرة الكبرى فقد باغتني قائلا: "لقد ظللت لسنوات تقولين نشرات أخبارهم حتى تحررت وقلتي لا.. نحن مربوطون من أكل عيشنا".. إذن فلتتحرروا.. خذوا وقتكم وتحرروا.. وعندما أتاني أحد بلطجية النظام واستفزني بكلمات خشنة رددت عليه بما هو أكثر خشونة فنبهتني امرأة إلى إني مشهورة ويجب ألا يجرني أحد إلى الخطأ ووافقتها أمي.. فشكرت نصيحتها وحافظت على هدوئي حتى رأيت شابا زهيد الحال يحمل كاميرا احترافية يصور حواراتي مع الناس فسألته إلى أية وكالة إخبارية ينتمي فأجابني بأنه يصور لنفسه فتهكمت "يعني بتصور أفراح وأعياد ميلاد وطهور" فانتبه الجمهور ووقفوا بأجسادهم يسدون عليه عدسته.. وسألني أحدهم" أين برنامج اعترافات ليلية "فأجبته باسمة بأنهم لا يريدون لكم أن تتكلموا…. وعندما أرخى الليل سدوله صعدت مع أمي إلى المنزل ولممنا اليافطة السوداء المنشورة على حبل الغسيل التي تدعو المواطنين لأن يقولوا "لا" وكذلك علم مصر وأنا متأكدة من أن هذا اليوم سيظل علامة بحلوه ومره وبأني قد أديت واجبي نحو أهلي وناسي أو كما دعاني بديع خيري في أغنيته "بنت مصر" بأن لا أنسى أن أعلم أبني "فرض الأمة".
اقرأ أيضاً:
بنت مصر/ معلومات أكيدة التفاؤل سلوك نتعلمه