-1-
[راحت تحية كاريوكا تتماوج داخل الملاءة اللف، والملاية تقول ما تخفى في حوارها مع أنغام الجسد الناعم المخترِق، فزادت ضربات عبد الوارث عسر، تلهب ظهر البغل بالسوط حول الساقية].....
نبًّهه الموظف أنه كرر السؤال عن أين فقد جواز سفره، وأن الصف طويل، أجاب متسرعا بأنه فقدَ منه أمام مسجد السلطان حسن بالقلعة، ثم سأل: "لكن لماذا الأمن العام"؟ "أجاب الموظف: "إجراءات".
-2-
أثناء زيارته لأمه في قريتهم، بلغَهُ الخبر أن الله "نتع" زوجته بالسلامة، فعاد مسرعا.
حين فتح باب حجرة المستشفى فزِعت وضمت وليدها إلى صدرها، وكأن القادم غريب، اقترب منها حانيا فرحا متجاوزا خوفها الذي حاول ألا يلحظه، أحكمت اللفة حول الوليد أكثر وطلبت منه الابتعاد الآن لأنها سمعته يعطس أول أمس، وهى تخاف على الرضيع من العدوى. خليطٌ من الألم والاعتذار والرعب والأمومة والاستجداء والتحدي، كل هذا أطل من عينيها معا، فظل ماثلاً في وعيه، ثم أمام ناظريه طول اليوم بعد انسحابه من الحجرة غير فاهم.
-3-
انفجر في غضب متوحش: "كيف ذلك؟", وأنه: "كله إلا هذا"!! قالت له "إنها إرادة الله"، وأنه: "ابنه على أية حال". قال إنه ابن الشيطان شخصيا، ولم يقل لها كيف أنه يخطط للتخلص منه. هل يكتم أنفاسه وهى نائمة؟ يلقي به من الشرفة؟ يقطع الإجازة ويسافر ويتزوج من الفلسطينية المطلقة ولا يعود أبدا؟ يكتفي بالفلبينية الرقيقة الحجم حتى يحلـّـها الحلاّل؟ كيف تحاول أن تقنعه أن يقبل الأمر الواقع باعتبار أن التشويه الذي ولد به الطفل (الخِلقة) قاصر على النصف الأسفل، وأن السراويل قادرة أن تخفي كل شيء، وأن المسائل يمكن أن تسير مستورة ما دام النصف الأعلى له وجهٌ مثل القمر.
-4-
فتح "الميل" قبيل الفجر فوجد رسالة بالعربية مرسلة من موسكو يشكو فيها مرسلها من راقصة اسمها كينثا سوشياك، تنوي أن تنافس الراسل في انتخابات الرئاسة مع أن والدها أناتولي هو صديقه القديم وهو بمثابة أبيه الروحي، ثم إن الراسل يعد بأنه سوف يستعمل حق النقض (الفيتو) لينقذ به وائل الإبراشي الذي ليس له ذنب فيما يكتبه رئيس تحرير أخبار اليوم بتوقيع "أنور وجدي عز الدين الشريف"، ثم ينهى الراسل رسالته بتحذيره بأنه إن لم يرد خلال ثلاثة أيام فسوف يسحب رجاله من القوات الدولية في دارفور. كان التوقيع : دبليو فلاديمير بوتن. ماله هو بكل هذا؟ ثم هذا الدبليو يريد ردا منه، وخلال ثلاثة أيام!!!! يرد على ماذا؟ بماذا؟
لابد أن الرسالة وصلت خطأ أو أنها ملعوب من زميله السوداني الحقود في أبو ظبي، فقرر أن يبلغ المباحث العامة على الفور، بل وأن يكتب لرئيس الجمهورية مباشرة لأنه الوحيد القادر على حل مثل هذه المشاكل لمتانة علاقاته بكل رؤساء العالم وقدرته الفائقة على إرضاء جميع الأطراف.
-5-
سألته أمه بحذر، هل أنت عدت خلال هذين العامين دون أن تخبرني أو تمر علي، وحين أجابها بالنفي، انزعجت من جديد، وفهم أنها تشير إلى توقيت ولادة هذا المسخ الذي لا تعلم أنه مسخ، طمأنها بأنه كان قد أودع في خزانة البنك الأهلي عَددَا نشِطا جدا من حيواناته المنوية، وأن حسابه في البنك مشترك مع زوجته، وأن لها حق السحب في أي وقت، مطت أمه شفتيها وهى تهمس "لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم".
-6-
فازت أخيرا عن طريق اليانصيب بالجنسية الأمريكية، فلم تعرف هل تفرح أم تحزن، لكنه حلُّ والسلام، فهي بلاد الحرية التي لن تمنعها أن ترعى صغيرها حتى لو كان ابن الشيطان نفسه. أقسم لها ابن خالتها بالطلاق ثلاثاً أن نصيبها في منزل العائلة لا يتعدى هذا المبلغ الذي حوّله إلى الدولارات التي اشترى لها بها التذكرة إلى نيويورك.
-7-
حين كشفت عن رأس الطفل بعد اهتزاز الطائرة المتوجهة إلى بلاد الحرية كتمت شهقتها حتى لا يقبضوا عليها، سارعت بتغطية الوجه وضمت طفلها إليها حتى كاد يختنق. لبِسَ الشيطان النصف الأعلى أيضا،: الشعر الكثيف يغطي كل الوجه، وعظام الوجنات بارزة، والعيون غائرة، والجبهة متراجعة. قبل أن تُحكم الغطاء تُخفى المخلوق المرعب، لم تتمالك نفسها من أن تكشف عن النصف الأسفل، ففوجئت أنه لم يعد مسخا، صار نصف قزم بشري كامل الرجولة والنشاط.
هزتها المضيفة وهى تنبهها أن تربط الحزام لأن الطائرة على وشك أن تهبط في مطار أبو ظبي، ففعلت، وهى تتساءل:
هل اختفاء زوجها "هكذا" يخفف من الموقف، أم أنه يزيده تعقيدا؟
اقرأ أيضا:
تعتعة سياسية: أسئلة ممنوعة، وإجابات مرفوعة!!!! / تعتعة سياسية: حضرة المحترم، وتعديل الدستور!!! / تعتعة سياسية: دافوس- شرم الشـيخ