(1)
قالت البنت لأبيها: لو كنت تحزن يا أبى بجد، كنت عرفتك أقرب؟، قال أبوها: نعم نعم!؟ ما هذا الذي تقولينه؟ أي حزن وأي قـُـرْب؟ قالت: أنت تعرف يا أبى أنني أحبك!. قال: تحبينني فتدعونني للحزن، أي حب هذا؟ قالت: أنا لا أريد أن أراك حزينا يا أبى بمعنى كئيب، بعيد الشر عنك، هذا الضجر الذي أنت فيه طول الوقت ليس حزنا، الحزن شيء آخر، الفرح أيضا شيء آخر يا أبى، لست متأكدة أنك..، أنني..،آسفة..، أقصد...، قاطعها بحسم: ما هذه التهتهة، أنا لست فاهما حرفا واحدا.
(2)
قال الرجل لزوجته: لماذا سحنتك مقلوبة هكذا دائما، أية حياة هذه؟! قالت له: اسم الله عليك وعلى حواليك، أنت الذي فاشخ ضبك من فرط السعادة ليل نهار، قال: البنت كلمتني هذا الصباح كلاما أربكني، لم أفهمه، قالت: عادى، قال: عادى ماذا؟ قالت: عادى ألاّ تفهمه، ثم لا بد أنه كلام عيال ليس وراءهم شيء، قال: ربما ليس وراءهم شيء، لكن يبدو أن أمامهم أشياء، قالت: أمامهم هم "متلتل"، قال: لكنهم لا يشعرون به مثلنا، قالت الأم: وهل نحن الذين نشعر به!!؟، قال: يعنى!، قالت: لو كنا نشعر به كنا متنا من زمن، قال: ألهذا تقول البنت أنني لا أحزن، قالت: الله ينور عليها، بصراحة أنت لا تحزن، ولا تفرح، أنت تصيح، وتسخط، وتُـقرف من حولك، هذا كل ما تبقى لك، قال: وماذا تبقى لك أنت غير هذه السحنة المقلوبة بسبب وبدون سبب، قالت: بدون ماذا؟ قال: بدون أي شيء.
(3)
قالت البنت لأخيها ماذا يمكن أن نعمل لهما وقد وصلا إلى ما ترى؟ قال الولد: بصراحة أنا منزعج من حال أبى. قالت: وأنا أخشى أن تتمادى أمي في التحمل على حسابها من أجلنا، قال: المسالة ليست مسألة تحمل، المسألة هي..،.. لست أدرى. قولي لي أنتِ: ما هي المسألة بالضبط؟ قالت: إيش عرفني!؟، قال: لكن عندك، لماذا نشغل أنفسنا بهما، ونحن ألعن منهما، قالت: ماذا تقول؟ قال: أقول إننا ألعن منهما، قالت: لا يمكن،... بل..، بل...، لا عندك، إنه يمكن ونصف، فعلا نحن ألعن، قال الشاب: يا ترى لماذا؟ قالت: هل تكون الحكومة قد ألغت "الفرح" وهى تلغى "الدعم" و"العدل" في صفقة واحدة؟ قال: الله الله! ما أسهل أن تعملي مثل المعارضة وتلزقينها في الحكومة!، حتى على فرض أنها ألغت الفرح، فلماذا تلغى الحزن "الذي هو"؟ قالت البنت: ربما هذا ما كنت أقصد أن أنبه والدي إليه.
قال: تنبهينه إلى ماذا: قالت: كما أنه لا يفرح، لاحظت أنه لا يحزن، قال: وهل قلت له ذلك، حرام عليك يا شيخة، قالت: نعم، قلته...، قلته وأنا لا أقصد، الآن فهمت! قال: فهمتِ ماذا؟ قالت: فهمت أن الحزن مثل الفرح، هما معا: الحياة. أنا متأكدة أن ما نحن فيه، هو بفعل فاعل، قال: ستقولين الحكومة ثانية؟ قالت: حكومة ماذا وزفت ماذا، هل عندنا حكومة؟ بالله عليك كيف نفرح وسط كل هذه الدماء، والأشلاء، والإهانة، والاستهانة؟ قال: طيب، إذا كان هذا يفسر غياب الفرح، فما الذي غيّب الحزن؟ قالت: لا أعرف كيف حلّ محله هذا الهم اللزج الهامد العاجز. قال الشاب: يخيل إلىّ أن الحكومة تخاف أن نحزن بجد، فنغضب، فنثور، قالت الفتاة: أنت الذي قلت الحكومة هذه المرة، قال: يا خبر!! لم أقصد....!
(4)
قالت المرأة لزوجها: حلمت حلما غريبا، قال الرجل: خيرا اللهم اجعله خيرا، قالت: حلمت أنني أضحك من قلبي، قال الرجل: أين الغرابة؟!!! ولكن، ربما عندك حق! من أين يأتي الضحك هذه الأيام؟!! قالت: أقول لك حلمت، الله!!! قال: وأنا أيضا حلمت ما أخجل أن أحكيه؟ قالت: قلة أدب؟؟!! قال: لا والله، حلمت أن ناسنا كلهم قد ارتدوا السواد وهم يسيرون خلف نعش الحكومة، ثم انطلقت زغاريد مجهولة من مقابر الإمام الشافعي، فارتفع غطاء النعش ليطل منه رأس طفل يهتف "يحيا العدل"، فانقلب المأتم إلى حفل زفاف يرقص فيه العروسان فوق برج إيفل، ثم سمعت عقيد شرطة موريتاني يؤذن من فوق الهرم الأكبر أن: "الصلاة خير من النوم"، فدعت جثة من الفالوجة لصلاة الغائب على تمثال الحرية الذي تناثر وحده إلى ألف شظية ولغم. قالت المرأة: ولكن ما الذي يخجل في أي من ذلك؟ قال: لا أعرف، دعينا نرى الليلة.
اقرأ أيضا:
تعتعة سياسية: لِمَ قُـلتَها شيخي / تعتعة سياسية:... لا شيء دون ثمن!!! / تعتعة نفسية: دع البله وابدأ النظر