مضطر أنا أن أترك موضوع "فرط العادية" الذي هو مرادف "للتبلد المطيع" و"الطناش الرسمي"، مضطر لأن أتركه جانبا بعد أن تأكدت من صعوبة تقديمه من خلال التناقض الهائل بين ما أردت توضيحه، وما صاحب ذلك من رسوم كاريكاتيرية.
توصيل المعلومات العلمية للإنسان العادي أمر شديد الصعوبة، لي خبرة طويلة في هذا الشأن ليست كلها ناجحة أو مفيدة، أحذر من ارتداء عمامة المفتي النفسي، أو الإمساك بعصا التهذيب الأخلاقي (النفسي أيضا) أو تكرار معلومات تحصيل الحاصل، بإحصاءات دامغة!!!. صورت بعض ذلك فيما يشبه مشهدا تليفزيونيا يقول فيه المفتي النفسي:
.... ثـُمَّ إنّّ اُلأُم لازِمْْ، إِنـّها تْـحـِبّ عـِيـَالـْهـَا، دا لزوم فك العقد الـلي في بالها. فلقد ثبتْْ: إن الـعُـَقدْْ "وِحـْشـَةْ قوي"!!. هـَذَا الذي قد أَظـْهـُرُه الـْبـَحـِثِ الـفُلاَنـِي، "لمّا عد التاني ساب الأوّلاني". ثم أوصى: "أنْْ يكون الكــلْْ عالْ. إذْ لابـُدْ أنّ الـُكوَيـِّسْ: هـُوَّا أحـْسـَنْ مـن ِالَّذِي مـُا هـُوشْ كُوَيـِّسْ، إمـَّاِل إيـِهْ؟".
[هذا برنامج "عفاف هانم"، بـتسأل حضرة الدكتور فلان]
على الطبيب النفسي أن يؤكد على دور الشخص العادي والطبيب في المشاركة في الوقاية والعلاج، وأن يتجنب النصح والإرشاد والفتاوى الكيميائية المختزلة، صورت ذلك في موقف مضاد للترييح فحـسب، وهو يقول:
"يا أخينا مِدّ إيدك، يا أخينا هِـمّ حبَّـهْ. الحكاية مِش وِكالة بْتَشتِرِي منها المَحَبّةْ". وحين يرفض المريض ذلك متأثرا بفتاوى الإعلام المسطح يلزم الاعتذار:
المعلم قالُّه: شوفْ لَكْ حد غيري، جَنْبِنَا دكّانة تانيةْ، فيها "بيتزا" مِالّلي هيَّهْْ، أو "لازانْيَا". فيها برضكْ وصفهْ تشفي مالعُقدْ، اسمها "سيبِ البلد". فيها توليفةْ حبوب من شغل برّة. تمنع التكْشيرهْ، والتفكيرْ، وْتمِلاكْ بالمسرّة. فيها حقنةْ تخلِّي بَالََكْ مِستريحْ. تِنتشِي وْتفـضَلْ مِتَنَّحْ. فيها سرّّ ما يِتْنِسِيشْ. إنـه "مِشَ لازِمْ نعيش"!!
تذكرت كل ذلك وأنا في مازق المشاركة في برنامج "البيت بيتك"، وأنا أحاول أن أبتعد عن النصائح، والفتاوى، والتعميم، لكني لست متأكدا من قدرتي على النجاح فيى ذلك أو الاستمرار فيه، أو على تحمل القائمين عليه لما أحاوله: ربنا يستر.
29/06/2005
اقرأ أيضا:
تعتعة سياسية: الحزن والعدل والحلم والحكومة / تعتعة نفسية: دع البله وابدأ النظر / تعتعة نفسية: عولمة الطب النفسي سبقت، وأفسدتْ