(1)
قال الرجل لابنه: ما رأيك؟ أريد أن أرسل بعض ما يدور بيننا لإحدى الصحف لنشره. قال الشاب: ماذا جرى! أنت عمرك ما كتبت شيئا يا أبي، ناهيك عن النشرّ قال الرجل: هذا صحيح، ولكنني لاحظت أننا بعد أن نتكلم معا، أعني نتشاجر، لاحظت أن بعض ما نصل إليه، أعنى ما يصلني منكما، يمكن أن يغير الناس، فهم أوْلى به، قال الشاب: يغيّر من؟!! أوْلى بماذا؟!! هل يصلك مني شيء يا أبي؟ أنا أحيانا أشعر أنك لا تسمعني أصلا. قال الرجل: فعلا، ولكن بعد أن تتركني أجد في نفسي شيئا يقول "يجوز أن يكون العيال عندهم حق". قال الشاب: أكاد لا أصدق!! ماذا جرى لك يا أبي؟ ولكن قل لي: ما هذا الذي يصلك منا فتريد أن تكتبه، قال الرجل: لا أعرف، قال الشاب: فماذا سوف تكتب لترسله؟ قال الرجل: سوف أرسل رأيي، أعني مغزى اختلافنا وما وصلنا إليه، أعني ما يتبقى عندي منكم. قال الشاب: الذي هو ماذا؟؟؟ قال الرجل: الذي هو كل ما تحدثنا فيه الآن.
(2)
قال الشاب لأبيه: هل كتبت يا أبي ما كنت تزمع أن ترسله للنشر؟ قال الرجل: أكتب ماذا أو أنشر ماذا؟ ماذا تقول؟ منذ متى وأنا أكتب أو أنشر؟!! قال الشاب: يا خبر أسود هل نسيتَ يا أبي؟!! قال الرجل: نسيت ماذا يا جدع أنت؟ أنت تؤلف كلاما غريبا، قال الشاب: ماذا جرى لك يا أبي؟ هل نسيت حقا؟ قال الرجل: اسمع أنا ليس عندي وقت للمزاح؟ دعني في حالي الله يخليك، قال الشاب: وهل أنا الذي أريد أن أكتب وأنشر؟ هل أنا الذي قلت هذا الكلام؟ قال الرجل: يا إبني أنت تعرف أنني لم أكتب حرفا في حياتي إلا ذلك الكلام الفارغ الذي أخطه في أوراق العمل حتى أقبض راتبي، قال أكتب قال!! ثم أنشر ما أكتب؟ يا نهار أسود، هذا هو ما كان ينقصني، ثم أنك تعرف رأيي في كل ما يُكتب، لا أحد يكتب جديدا أو مفيدا، فإن فعل فهو لا يصل إلى أحد، قال أكتب قال!! سبحان الله!! قال الشاب: كأنه يحدث نفسه: يا خبر! هل "هو" نفس الشخص؟ قال الرجل: تقول نفس شخص من؟؟؟!! قال الشاب: آسف.
(3)
قال الشاب لأخته: وبعدين؟ قالت الفتاة: بعدين ماذا؟ قال: إما أن أكون قد جننت أو يكون قد جرى شيء لأبى. قالت الفتاة: الاثنان معا!! قال: أنا أتكلم جِدا، قالت: وهل أنا أمزح؟ أنت مجنون فعلا، وأبي كان الله في عونه. قال: ما كل هذه الحكمة!! من تصدقين؟ أنا؟ أم أبي؟ قالت أصدق أبى طبعا: وخاصة أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب. قال الشاب: كفاك عبثا، أبي وكيل إدارة المستخدمين في مصلحة المجاري، لا يقرأ ولا يكتب؟؟؟؟ قال البنت: يقرأ ماذا بالله عليك، ثم يكتب لمن؟
(4)
قال الشاب لأمه: هل لاحظتِ عليّّ شيئا يا أمي هذه الأيام؟ قالت الأم: لاحظت كل خير يا حبيبي، أنت فل الفل، قال: الحمد لله، ربنا يخليك، يعنى أنا في رأيك هو أنا كما تعرفيني، أنام وأصحو، وأذاكر وأحبك، وأحب النبي، وأشجع النادي الأهلي. قالت الأم: تمام التمام، ربنا يفتح عليك يا حبيبي أكثر فأكثر، قال: قولي لها أو له، قالت : أقول لمن؟!!! قال :"لهما"! وانصرف مسرعا.
(5)
قالت البنت لأخيها: حلمت حلما عجيبا هذه الليلة، قال: لا أريد أن اسمعه. قالت: وهل أنا سوف أحكيه لك يا بايخ، قال: فلماذا تذكرين لي أنك حلمت أصلا، قالت: يعني، أريد أن أغيظك وأختبر عقلك بعد الذي حصل. قال: لقد سألت أمي فقالت لي أنني فل الفل. قالت البنت: ولكن الحلم قال لي غير ذلك. قال: وهل أنا كنت في الحلم؟ قالت: نعم. قال: وكيف كان حالي؟ مثلما قالت أمي، أم مثلما ترينني أنت وأبي؟. قالت: لقد كنتَ تبني أهراما جديدة فوق سحابة سوداء من الصلب، انطلقت من ثقب الأوزون حتى غطت أرض الصين والولايات المتحدة معاً. وكانت مربوطة بسلسلة قديمة إلى قبة مجلس الشعب، والسلسلة صدئة جدا، وشخصان يشبهان فتحي سرور ومفيد شهاب يمسكان بطرفها دون وعي بمدى تهتكها. قال الشاب: هيه!! لقد ضحكت عليك، وجعلتك تحكي الحلم رغما عنك، قالت: ليكن، ولكن إياك أن تحكيه لأبي حتى لا يكتبه في مقاله الذي سوف ينشره، فهو غير منتبه لتعديل المادة 179.
قال: فعلا، الاحتياط واجب.
اقرأ أيضا:
تعتعة نفسية: عولمة الطب النفسي سبقت، وأفسدتْ / تعتعة نفسية: المخ البشري يفهم غصبا عنك / تعتعة سياسية....السَّمْهرةُ هي الحل !!!