(1)
قالت البنت لأبيها: أشعر أن هناك خطأ كبيرا جدا، أكبر من كل الأخطاء التي نعرفها. قال الرجل: وأنا كذلك، قالت البنت: وما العمل؟ قال: في ماذا؟ قالت: في هذا الخطأ الأكبر، قال: ألا ينبغي أن نعرفه أولا؟ نحدده، قبل أن نتكلم عما يمكن عمله إزاءه؟ قالت: ألم نتفق على أنه موجود، وأنه أكبر من كل الأخطاء؟ قال الرجل: حصل. قالت: إذن علينا أن نتحمل مسئولية ذلك، قال الرجل:اسمعي:أنا لست حمل هذا الكلام الفارغ، هل تحبين شاكيرا؟ قالت: طبعا. قال: وهل ضروري أن أحبها أنا كذلك؟ قالت: يعني، قال الرجل: كل ما أعرفه عن شاكيرا هذه هو عجز مرور الجيزة عن تزوير شعبيتها في انتخابات دائرة الهرم، قالت: ماذا تقول يا أبي، قال: أرد عليك بنفس طريقتك، قالت: ما علاقة هذا بذاك، قال: مثل علاقة لجنة السياسات بمحلات "كونكريت" لملابس الرجال، ألا تشاهدين الإعلانات والحُلّةْ محبوكة حول عود الشابِّ "السمهري" الممشوق، قالت: يعنى ماذا؟ قال: لا عليك.
(2)
قالت البنت لأخيها: "سمهري" يعني ماذا؟ قال أخوها:لا أعرف، ولكن من ذكّرك بهذه الكلمة الغريبة؟ قالت: أبي، لا أعرف كيف ربط بين محلات كونكريت ولجنة السياسات، قال: لماذا لم تسأليه هو؟ لماذا تسألينني أنا؟ قالت: ألستَ في قسم اللغة العربية؟ قال: وما علاقة قسم اللغة العربية، باللغة العربية؟ قالت: آه صحيح، لقد خطر لي مثل هذا التساؤل وأنا أذاكر أنه: ما علاقة كلية الطب بالطب، قال: هل رأيتِ؟
(3)
قال الشاب لأخته: هل تعرفين أن زوجة الأخ "سَمْهَر" اسمها رُدَيْـنَة قالت: الأخ مَنْ؟ اسمها ماذا؟ قال: ألم تعيريني بجهلي، اسمعي يا ستي ما وجدت: كان يا ما كان في سالف العصر والأوان واحد اسمه "سَمْهَر" يمتلك مهارة خاصة في تقويم الرماح، كذلك كانت زوجته بُثَيْنَة، آسف، أعنى رُدَيْنَة، فكان الرمح يخرج من يدي أي منهما صلبا ممشوقا، فصار السمهري يعنى "الرمح الصليب العود"، وكذلك أصبحت كلمة "الرُدَيْنِيّ" تعنى "الرمح"، هل رأيت العدل واحترام جهد المرأة مثلها مثل زوجها ما داما لهما نفس المهارة!!!، قالت البنت: يا صلاة النبي، يبدو أن العرب كانوا "عاملين دماغا من التي هي" عبر التاريخ، لكنني لم أقصد كل هذا الصداع، كنت أحسب أننا سوف نتكلم في السياسة، قال لها: وهل أنا أتكلم في البطيخ، قالت: وهل هناك فرق؟ قال: لكن لماذا لم يبق لدينا من كل هذه الحكاية إلا أن نقصر صفة "السمهري" على الشخص الرشيق الممشوق، دون أن ننتبه إلى وظيفة الرمح "الصليب الحسن التقويم"، أو إلى مهارة صنعه وإتقان تقويمه من المرأة والرجل على حد سواء. قالت البنت: أليس هذا هو ما نفعله في كل تراثنا.
(4)
قالت البنت لأخيها: ما رأيك: هيا نيأس ونرتاح، قال الشاب: يا ليت، قالت: لكنني حاولت فلم أستطع، قال: ولا أنا قدرتُ، قالت: تعالى نسأل أمنا كيف نجحت أن تيأس من أبى، قال: ومن أدراك أنها يئست، قالت: ما نراه، هل أنت أعمى. قال: يا ليت!! قالت: يا ليت ماذا؟ قال: يا ليتني كنت أعمى حتى لا أرى الجاري حولي هنا وهناك هكذا، قالت: لا عليك. هل تذكر حديثنا تعقيبا على شطح والدنا؟ قال: تعنين الأخ سَمْهَر والست بُثيَنة؟ قالت رُدَيْنَة يا جدع أنت، لقد احتجت أياما حتى أحفظ اسمها، ولكن: قل لي هل هم سوف يحددون وزنا معينا لنساء اللجنة؟ قال: ربما يخصصون في التعديل الدستوري القادم نسبا للأعضاء حسب الوزن مضروبا في حسن النية، قالت: لو كان هذا هو الحل، فعليك أن تواصل الرجيم القاسي الذي تتبعه، وسوف يختفي كرشك الصغير البازغ حديثا من فرط التفكير جالسا عاجزا حتى عن اليأس، وحين يصبح عودك سمهريا، تقُدم طلب التحاق بلجنة السياسات، وسوف تجد ما يسرك.
(5)
نظر الشاب إلى كرشه فاكتشف فعلا أنه بزغ سرا دون قصد، خاطبه محذرا أن التمادي في التضخم دون وعي مستقبلي قد يعرضه للحرمان من حقوقه السياسية، مع أنه ليس له حقوق سياسية أصلا.
التفت إلى المرآة، وكأنه يكتشف مكانها قبالته لأول مرة، وانتقلت نظراته من أسفل إلى أعلى فوجد شخصا يشبهه يجلس خلف كرشه الصغير ويلعِّب له حواجبه، انزعج وهز رأسه، حاول أن يخفى كرشه البازغ حديثا بأية وسيلة، فخيل إليه أن وجنتيه تنتفخان في المرآة كلما شفط كرشه، فقام فزعا، وهو يقول للشخص في المرآة: "الله يخيبك".
الله يخيبك أنت إن لم تفعلها.
نشرت في الدستور 25-4-2007
اقرأ أيضا:
تعتعة نفسية: المخ البشري يفهم غصبا عنك / تعتعة سياسية: المادة 179، وأحلام الشباب! / تعتعة سياسية: الحب يخلـّق الوطن، وبالعكس!