(1)
قالت البنت لأبيها: متى يتوقفون عن الكذب هكذا؟ قال الأب: من هم؟ قالت: كلهم، قال: كل من؟! متى تتوقفين أنت عن اعتباري ولي أمرهم وأنه عليّ أن أفسر تصرفاتهم؟ قالت: ولىّ أمر من؟ قال: ولى أمر الذين تسألينني عن كذبهم، قالت: ألستَ أبي؟ أسأل مَنْ إن لم أسألك؟ قال اسأليهم هم، قالت: من هم؟ قال: كلهم، قالت: فأنت تعرفهم، قال: أعرف من؟
قالت: عن إذنك ، أنا ذاهبة لأرقص في حجرتي، ثم أصلي العشاء، وأنام . قال الرجل: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(2)
قالت البنت لأخيها: لماذا يستهينون بعقولنا هكذا؟ قال أخوها: تقصدين من؟ قالت: كلهم. قال: اسمعي، أنا لست أبي، مَنْ تقصدين؟ قالت: خذ مثلا: مدرسي الدين والتاريخ، قال: هم يدرسون ما طلب منهم تدريسه، فأين الاستهانة؟ قالت: إنهم يستهينون بعقولهم قبل عقولنا، قال: يخيل إلي أنهم يقبضون رواتبهم مقابل أن يتركوا عقولهم بالمنزل قبل أن يحضروا إلينا، قالت: وهل يجدونها حين عودتهم، قال: أظن أنهم ينسون أين خبئوها حتى ضمرت من عدم الاستعمال، قالت: فلماذا نصدقهم؟ قال: حتى هم لا يصدقون أننا نصدقهم، قال: بل وربما لا يريدون منا أن نصدقهم.
(3)
قال الشاب لأخته: لقد ألفت حلما هذه الليلة، قالت: ألفته أم حلمته؟ قال: لست متأكدا، أصلي سمعت مؤخرا، أو ربما قرأت، أننا نؤلف أحلامنا ونحن نستيقظ، قالت: حلوة هذه، نؤلف أحلامنا بدلا من أن نشارك في تأليف أحداث يقظتنا، قال: ألا تريدين أن أحكيه لك، قالت: لا. قال: لماذا؟ قالت: لأنك ستحكيه سواء أردت أم لم أرد. قال: يا دمك: "رأيتني يوم الحساب، وثم شيخ جليل يرتعد خوفا وأسفا وهو يقول: أنا مالي، هم الذين صدقوني واتبعوا كلامي"، قالت قديمة: لقد قلتَ لي مثل ذلك من قبل، قال: انتظري، قالت: أنا أكمله لك: لقد حاولتَ أن تُرجع الساعة لتتبرأ منه كما تبرأ منك، فلم يُستجَب لك، كان الأوان قد فات، أليس كذلك؟ قال: إيش عرفك، قالت: ربنا في الآية الكريمة.
(4)
قالت البنت لأخيها: هل يا ترى "هم" يستمعون مثلنا للألحان التي تعزفها الطبيعة فتقربنا إلى الله؟ قال: لا أظن، لو كانوا يفعلون لتوقفوا عن الصياح هكذا ليل نهار، حتى لا يختل اللحن. قالت: الله يهديهم، قال: ويهدينا، قالت: أنا خائفة، قال: وأنا كذلك.
(5)
قال الشاب: هل أنت يا أمي معنا أم مع الحكومة؟ قالت من أنتم ومن الحكومة؟ قال: "نحن؟ نحن: أنا وأختي وكل الناس، قالت: ومَن الحكومة: قال: الحزب الوطني، وشيخ الأزهر، والمفتي، والبابا، ورجال الأعمال، قالت: وهل فصلوا الحكومة عن الناس؟ قال: هي التي فصلت نفسها. حتى فضائيات التخويف والترهيب هي مع الحكومة دون الناس، قالت: هل عملوا تليفزيونات للترهيب غير تليفزيونات الإرهاب، قال: أنت يا أمي دمك شربات، ماذا طبخت لنا اليوم؟ قالت: محشي ورق عنب، قال: وهل يصل لمزازة محشي المرحومة جدتي؟ قالت: .. وسوف يفوق محشي جدتك. قال: ربنا يخليك يا أمي، لكنك لمْ تقولي لي: أنتِ معنا أم مع الحكومة؟ قالت": مع الحكومة!!! قال: بصحيح؟؟!! قالت: وهل تفرق؟ قال: أبدا، فهم لا يحتاجوننا أصلا.
(6)
قال الشاب لأخته: هذا الرجل الشاب، ما ذنبه؟ يبدو لي أنهم سرقوا منه شبابه دون أن يدري؟ لقد كنت أحبه. قالت: وأنا والله، ربنا يتمم بخير ويعوض عليه، ويسعده بعروسه. قال: يعوض عليه أم علينا؟ أخشى أن يكون والده هو الذي ورّطه هكذا، تحت زعم مصلحة الوطن، قالت: مصلحة الوطن أم "الوطنى"؟ قال: مصلحة الناس، قالت: وهل الحزب الوطني هو الناس؟ هم مندوبو الحكومة لابسين أقنعة الناس، أتصور أنهم يخدعونه طول الوقت وهم ويقدمونهم له على أنهم الناس.
قال الشاب بعد صمت: هل من المستحيل أن يكون هذا الرجل الشاب معنا لا مع الحكومة؟ قالت: لا أظن، فهو يبدو مستغرقا في دوره لشوشته، قال: أنا أرجح أن والدته هي التي ورطته، أى أم لا ترجو شيئا قدر سعادة ابنها، قالت: ربما تتصور أن سعادته هي في استلام العهدة كما هي سترا وغطاء، قال: أية عهده؟، هل أصبحنا عهدة نجهز للاستلام والتسليم؟ قالت: ولكن قل لي: ما الذي يضطره لسماع كلامهما؟ قال: لست أدرى، أحيانا لا أستبعد أن يكون داخل داخله معنا لا مع الحكومة. قالت: لكنه لا يعرفنا أصلا، فكيف يكون معنا؟ قال: ولا هو حتى يعرف الحكومة. قالت : ربنا يستر. قال: نحن وشطارتنا
اقرأ أيضا:
تعتعة سياسية....السَّمْهرةُ هي الحل !!! / تعتعة سياسية: الحب يخلـّق الوطن، وبالعكس! / تعتعة سياسية.. الحياء العام والحياء الخاص!!!