شوارد وخواطر:2 لا تغضب
نعود إلى أساتذة الجامعة في ذلك الزمن الزاهر فقد كانوا آخر العمالقة العلماء: في الفلسفة اليونانية يوسف كرم لم يكن دكتورا ولكن كان عالماً فذاً وفي المقدمات أ.د. ثابت الفندي وأ.د. عزمى النشار وأ.د.أبو العلا عففي والحديثة أ.د. نجيب بلدي والمعاصرة والعامة أ.د. محمد على أبوريان –والد الدكتور مجدي رئيس جامعة المنصورة حالياً- والاجتماع أ.د.علي عيسى وأ..د. عاطف غيث وعلم النفس أ.د.أحمد عزت راجح وأ.د.سامي محمود والأنثروبولوجيا أ.د. علي عيسى وأ.د.أحمد أبو زيد –أمد الله في عمره- فما زال يعطي من غزير علمه وفكره عبر مجلة عالم الفكر المحكمة ومجلة العربي الكويتية وكانت آخر زيارة لي لفيلته بثروت بعد مقابلته في حفل تخريج كريمته وابن شقيقتي في كلية الطب حيث أقبلت عليه مقبلاً خده ويده ذاكراً للمصونة حرمه أن هذا الأستاذ العظيم كان يترك لي مقعده على منصة الأستاذية ويجلس في مقاعد الطلاب لألقي بحثاً أعددته وأعجبه – الله الله هل يفعل ذلك أي أستاذ الآن؟-
أما دفعتنا (62) فكان معنا فيها أ.د. علي عبد العاطي عميد الآداّب الأسبق وأ.د. نبيل السمالوطي عميد بنات الأزهر الأسبق وأ.د.سناء الخولي عميد التربية الأسبق وأرملة أستاذنا المرحوم الدكتور عاطف غيث وغيرهم مما لا تحضرني أسماؤهم وإن كنت أذكر من خريجي القسم قبلنا وبعدنا من صاروا أعلاماً في مجالهم كالأستاذ الدكتور المرحوم علي عبد المعطي أستاذ الفلسفة والأستاذ الدكتور المرحوم جلال شرف والأديب المتألق أسامة أنور عكاشة والأستاذ رجب البنا رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير مجلة أكتوبر والكاتب بالأهرام والأستاذ عمر بطيشة رئيس الإذاعة; الأسبق وغيرهم .
أما مرحلة الحصول على الماجستير من معهد العلوم الاجتماعية بجامعة الإسكندرية فالدراسة به ثلاث سنوات يعقبها تقديم أطروحة تحت إشراف أستاذ ومناقشة علنية يمنح بعدها الدرجة العلمية.
خلال هذه المرحلة كانت الدراسة المنهجية ففيها الاقتصاد وعلم النفس التجريبي والسياسة الدولية وغيرها ويبقى في الذهن منها شخصية الدكتور يوسف الأعسر أستاذ التشريح بكلية الطي الذي كان قد جاوز الثمانين وكان يندر أن ينجح عنده طالب من أول دور تقديراته كلها: ض ،ض.ج، ونادراً مقبول وكان يضمن محاضراته نكاتاً نتظا هر بالضحك لها أو عليها أومن أنفسنا كمنافقين ثم نكتشف في العام التالي إعادته لنفس النكت في نفس المواضع من المحاضرة الاستثناء الوحيد في حياته المديدة عندما اضطر لمنح طالب تقدير ممتاز للمرحوم الدكتور سعد بسته لذا نقش إسمه على لوحة رخامية ما زالت معلقة على مشرحة الكلية للآن
عقدة الذنب
على ذكر تقدير الأساتذة في تقديرات الطلاب أذكر عندما تخرجت ابنتي في قسم اللغة الإنجليزية بكلية التربية وكان ترتيبها الأولى على القسم أن ناقشت عميد الكلية وقتها الدكتور محمد يوسف كيف يحصل جميع الطلاب في مادتين تدرسهما دكتورة واحدة على تقدير مقبول مما جعل الأولى على القسم تحصل على جيد مرتفع؟ أحضر سيادته كشوف الدرجات وتأكد من هذا الأمر بنفسه. الأعجب في نفس العام 98 أعلنت الكلية عن طلب معيدين واشترطت في الإعلان حصول المتقدم على جيد جدا وعندما ناقشت رئيس القسم وكان وقتها الدكتور شبل بدران (العميد الحالي) أصر على هذا الشرط في الإعلان رغم أن القانون يبيح للحاصلين على جيد بشرط جيد جدا في مادة التخصص وقد نشرت تلك العجيبة في بريد الأهرام في حينها.. ترى ما الأسباب النفسية وراء سلوك بعض الأساتذة هذه المسالك الشاذة والأليمة والمؤذية؟
كنت مديراً بإدارة المعهد العالي للصحة العامة بجامعة الإسكندرية في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات وحدث أن دخل مكتبي أحد الأساتذة فرحان جذلا وعهدنا به جادا صارما نادر الابتسام:
- خير يا دكتور؟
- لقد حصل أحد طلبتي على تقدير ممتاز.
- وماذا في ذلك؟
- إنها أول مرة في حياتي أمنح هذا التقدير.
- وما الغرابة في ذلك؟
- قد كانا نتهم من يستحقها ولكني لم أدعهم يفوزون بها.
- أكيد هناك قصة.
- نعم
انتظرني من فضلك للمقال القادم
واقرأ أيضاً:
موقع المجانين/ الذئب مشاركة / زلات القلم وفلتات اللسان